الموضوع
:
السرعة القصوى بين العلم والقرآن
عرض مشاركة واحدة
المشاركة رقم:
2
16 / 12 / 2005, 32 : 08 PM
عمرو عبده
vip
vip
كاتب الموضوع
:
عمرو عبده
المنتدى :
الثقافة الاسلامية
2005-2010
تاريخ التسجيل
العضوية
المشاركات
بمعدل
المواضيع
الردود
معدل التقييم
نقاط التقييم
قوة التقييم
01 / 06 / 2005
834
662
0.09 يوميا
251
10
مشاركة: السرعة القصوى بين العلم والقرآن
أولاً: ورد في بعض كتب التفسير(3)رأي نادر غير مألوف هو أن هذه الآية تهدف لبيان عمق السماء بمسيرة خمس مئة عام، ذهاباً وأخرى مثلها إياباً، ليكون المجموع مسيرة ألف سنة، مما نعد نحن البشر بمسيرة الإبل ( باعتبارها وسيلة الركوب في الصحراء للبدو وعصر قدامى المفسرين )... وهذا تفسير مرفوض للأسباب التالية:
1ـ إنه يتعارض مع امتداد نفاذ الأمر المذكور هنا ويجعله منقطعاً، بينما التدبير والعروج دائمان ومستمران كما هو واضح في نص آية السجدة.
2ـ تحديد عمق السماء يتعارض مع القرآن الذي يؤكد توسع السماء باستمرار وأنها بأجرامها في تباعد مستمر، كما في قوله تعالى: )والسماء بنيناها بأييد وإنا لموسعون ( 47 ) (.سورة الذاريات.
3ـ لأن السماء ليست قبة عالية ثابتة مرصعة بالنجوم حتى يحدد القرآن عمقها، وأيضاً: لفظ ( السماء ) يشمل كل ما علانا، فمن آية نقطة في هذا الكون الفسيح نبدأ قياس مسيرة 500 سنة لتحديد العمق؟ وهيهات أن نعرف مواقع النجوم، كما في قوله تعالى: )فلا أقسم بمواقع النجوم. وإنه لقسم لو تعلمون عظيم (.سورة الواقعة: 75 ـ 76..
فكيف يقاس ما لا يقع تحت القياس بمسيرة خمس مئة عام أو غيرها من القياس المحدود!.
4ـ فرضية وجود أرضنا في مركز الكون، بحيث يكون عمق السماء ثابتاً من كل اتجاه، وهو وهم قام كوبرنيكس بتصحيحه في القرن السادس عشر الميلادي.
5ـ وجود حرف ( ثم ) يفيد لغوياً الترتيب مع التراخي بين نزول الأمر من السماء إلى الأرض، ثم عودة عروجه من الأرض إلى السماء في الطريق العكسي، وحيث أن حرف ( ثم ) أفاد اللبث في الأرض لزمن غير محدد في الآية، فكيف نقيس عمق السماء بخمس مئة عام هبوطاً وخمس مئة عام أخرى صعوداً؟ بينما بين الهبوط والصعود توجد فترة غير محدودة يدل عليها لفظ ( ثم ) في الآية وهذه الفترة غير محسوبة في هذا الحساب الغريب والتفكير العجيب لربط عمق السماء بالآية الكريمة، فأين نحن من عمق السماء؟ ومن أين نبدأ القياس؟.
6ـ لو كان عمق السماء مسيرة 500 عام كما يقولون، فبسرعة أية وسيلة تكون هذه المسيرة؟ إن راحلة الصحراء التي تعود عليها المفسرون القدماء هي الجمل، وسرعته حوالي 16 كم في الساعة بقياسنا الحالي، أي: يقطع في اليوم 200 كم ( على فرض الراحة أثناء المسير )، وعليه يكون عمق السماء بلغة هؤلاء المفسرين هو 500 × 200 × 365= 36.5 مليون كم، أي حوالي 1.4 السمافة بيننا وبين أقرب نجم لنا، وهو الشمس... فأين ذلك من عمق السماء؟!.
7ـ الذي نقيس عليه السير في السماء لا بد وأن يكون من جنسها، والإبل لا تسير في السماء ولا تعيس حياة تطول إلى ألف عام للذهاب والإياب، فضلاً عن عمر الراكب الذي يقودها.
8ـ نعلم الآن أن قطر مجرتنا مئة ألف سنة ضوئية، فما بالنا بمواقع وأبعاد المجرات الأخرى التي تبعد عنا ببلايين السنين الضوئية؟ بل وما زلنا نكتشف بعد ذلك عمقاً أكبر للسماء، وشتان بين هذين البلايين من السنين مقيسة حديثاً بمسيرة الضوء بالمقارنة بمسيرة ألف سنة بالجمل لبيان عمق السماء في نظر هؤلاء المفسرين القدماء بمقياس كسيح كمسيرة الإبل، كما يعتقدون. ومجرد التفكير بأن الآية عن عمق السماء ظن خاطىء لو كانوا يعلمون.
9ـ تكمن المشكلة في هذا التفسير الخاطىء في ما ورد في كتب التراث من أقوال شبيهة منسوبة ظلماً وادعاءً باطلاً إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهذه الأقوال لا تصلح للاستدلال، لاضطرابها وتعارضها وضعف إسنادها، ولاصطدامها مع صريح القرآن الكريم وحقائق الواقع، نذكر منها هذا الحديث الضعيف التالي: ( إن الأرضين بين كل أرض إلى التي تليها مسيرة خمس مئة سنة، فالعليا منها على ظهر حوت... الخ ) (رواه الحاكم)... وحديث آخر غير صحيح رواه الحاكم وابن حنبل والترمذي وغيرهم: ( هل تدرون بعد ما بين السماء والأرض؟ قلنا: لا. قال: إحدى أو اثنتان أو ثلاث وسبعون. قال: وما فوقها مثل ذلك حتى عد سبع سماوات، ثم فوق السماء السابعة البحر، أسفله من أعلاه مثل ما بين سماء إلى السماء، ثم فوقه ثمانية أو عال ما بين أظلافهن وركبهن مثل ما بين سماء إلى سماء.... الخ ) (4).
( الوعل: هو تيس الجبل ).
وحديث متشابه آخر رواه للأسف، الترمذي عن الحسن عن إبراهيم!! برغم أنه حديث غريب وشاذ، يقول: ( فإن فوق ذلك سماءين، بينهما مسيرة 500 عام، حتى عد سبع سماوات، ما بين كل سماءين ما بين السماء والأرض، ثم قال: هل تدرون ما فوق ذلك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: فإن فوق ذلك العرش(5)، وبينه وبين السماء بعدما بين السماءين، ثم قال: هل تدرون ما الذي تحتكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم... قال: فإنها الأرض، ثم قال: هل تدرون ما الذي بعد ذلك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: فإن تحتها أرضاً أخرى بينهما مسيرة 500 سنة، حتى عد سبع أرضين، بين كل أرضين مسيرة خمس مئة سنة، ثم قال: والذي نفس محمد بيده لو أنكم دليتم بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله(6).
ورغم غرابة هذه الأحاديث فقد امتلأت بها كتب التفسير، للأسف الشديد، برغم قول بعضهم إنها أحاديث غريبة... فما الداعي من ذكر هذه الأقوال منسوبة إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى؟؟!.
والسؤال الآن: ما الذي دفع ببعض المفسرين للتوهم بأن المراد من آية السجدة ( 5 ) بيان عمق السماء وتحديد المسافة بين الأرض والسماء؟ والجواب على ذلك: بأن التوهم الخاطىء يحدث فقط لو اعتبرنا الضمير في لفظ: ( مقداره ) عائداً على اليوم، لا على التدبير، فيصبح معنى الآية: يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه كل التدبير في يوم كان مقداره ألف سنة. وعليه: فإن مسيرة الألف سنة في نظرهم هي مسافة النزول والصعود بين السماء والأرض، فيكون عمقها نصف المقدار أي: 500 سنة ذهاباً وخمس مئة سنة إياباً، وتنتهي المسيرة والتدبير والعروج ويتوقف الأمر في نظرهم....!! بينما الأمر في آية السجدة ( 5 ) دائم! ورغم هذا التوهم الخاطىء عند البعض، فلقد تبين لدى معظم المفسرين المتدبرين لهذه الآية ما يلي:
1ـ اليوم لا يستوعب كل التدبير، لأن ذلك يتعارض مع استمرار وامتداد أمر الله تعالى، ويجعل الأمر بهذا التفكير الخاطىء أمراً منقطعاً، وذلك لا يليق بصفات الله، ويتعارض مع الدوام والاستمرار المستفاد من ورود الفعل ( يدبر ويعرج ) في صبغة المضارع، بل ويتعارض مع الوجود الدائم للخلق الوسيط المعبر عنه بين السماء والأرض في لفظ: ( وما بينهما )، في السجدة ( 4 )، ولفظ الأمر من السماء إلى الأرض في السجدة ( 5 ).
ولفظ الأمر في سورة الرعد ( 2 )، ولفظ الأمر الموجود دائماً بين كل سماء وأرضها في قوله تعالى: ) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً (12) (.سورة الطلاق..
2ـ حرف الجر في قوله تعالى: )في يوم ( أفاد أن اليوم المحدود ( مما نعد نحن البشر ) اشتمل على مقدار محدود من التدبير الدائم غير المحدود (لاستمراره وامتداده )، أي: حدد اليوم ولم يحدد التدبير، كقولنا مثلاً: ( ماء البحر في الكوب ) بمعنى أن بعضاً من ماء البحر في الكوب لا كل ماء البحر فيه.
وبهذا: فالسياق هنا في الآية لإعطاء عينة من التدبير والعروج لقياس سرعة معينة، ولو قلنا مثلاً: إن سرعة السيارة 100 كم / ساعة، فهل معنى هذا: أنها لن تسير سوى الساعة، وبالتالي: لن تقطع سوى 100 كم؟ كلا وألف كلا!!.
3ـ الضمير في ( مقداره ) عائد على التدبير، لا على اليوم، حيث النص الكريم ( السجدة: 5 ) بيان للسير والتدبير وليس لليوم، بهذا قال مجاهد: الضمير هنا عائد على التدبير، أي: كان مقدار التدبير في يوم ألف سنة مما تعدون.
وبهذا نستنتج أن القول بأن آية السجدة ( 5 ) بيان لعمق السماء توهم خاطء، لا دليل عليه ولا برهان، بل المراد في هذا النص الشريف دوام نفاذ الأمر والتدبير والعروج وعدم انقطاع السير وبيان لسرعة النفاذ والسير بين السماء والأرض بحد أقصى للسرعة الكونية، كما سنوضح فيما بعد.
توقيع :
عمرو عبده
[img]http://img148.**************/img148/7069/2593sc.gif[/img]
عمرو عبده
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن كل مشاركات عمرو عبده