عرض مشاركة واحدة
  المشاركة رقم: 1  
قديم 30 / 12 / 2005, 40 : 01 AM
عمرو عبده
vipvip
المنتدى : الثقافة الاسلامية 2005-2010
تاريخ التسجيل العضوية المشاركات بمعدل المواضيع الردود معدل التقييم نقاط التقييم قوة التقييم
01 / 06 / 2005 834 662 0.09 يوميا 252 10 عمرو عبده is on a distinguished road
عمرو عبده غير متصل

Post رسالة إلى أهل عرفة ومزدلفة ومنى

الحمد لله الذي أعان على العبادة ويسّر، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد:

فإن نعم الله عز وجل كثيرة لا تعد ولا تحصى: وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا وأعظم النعم وأجلها نعمة الإسلام التي أكرمنا الله بها فله الحمد والشكر على منّه وفضله يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ فكم على وجه الأرض من كافر حرم نعمة الإسلام؟ وكم من حسيب ووجيه؟ وكم من تاجر ورئيس أغلق دونه الباب؟ فلك الحمد ربنا كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك.

ثم من نعمة الله عليك أيها الحاج أن أظلك برحمته ويسّر لك سبل الحج، فلم يمنعك مرض، أو قلة مال، أو خوف طريق أو غيرها من التأخير عن أداء الركن الخامس من أركان الإسلام الذي بشر النبي من أداه بقوله: { من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه }
وقال : { والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة } [رواه مسلم]. فالحج ركن من أركان الإسلام، والحج أعظم الأعمال بعد الإيمان والجهاد، وهو من أفضل القربات ويهدم ما قبله.

وأبشر بيوم تقال فيه العثرة، وتغفر فيه الزلة، فقد قال : { ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة }

فهنيئاً لك هذا الخير العظيم، وهذه النفحات الإيمانية التي تغسل أدران المعاصي والذنوب. وأوصيك بتقوى الله والإخلاص في العمل، والبعد عن الرياء والعجب، وعليك بالإنابة والإخبات والذل لربك عز وجل، واحمده على نعمة أداء هذا الركن العظيم.


وإليك وقفات يسيرة لا تغيب عن بالك:

أولأ: تذكر أنك في أيام عظيمة وهي أيام عشرة ذي الحجة، قال : { ما العمل في أيام أفضل من هذه العشر } قالوا: ولا الجهاد؟ قال: { ولا الجهاد، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء }
وسئل ابن تيمية رحمه الله عن عشر ذي الحجة، والعشر الأواخر من رمضان أيهما أفضل؟

فأجاب: ( أيام عشر ي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة ).

قال ابن حجر رحمه الله في الفتح: ( والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة: لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يأتي ذلك في غيره ).

ثانياً: أنت في بلد الله الحرام مكة. وهو بلد تضاعف فيه الحسنات وكذلك السيئات يعظم إثمها، وقد توعّد الله عز وجل من يرد فيه الفساد بعذاب أليم، وقال تعالى: وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ قال ابن كثير رحمه الله: ( أي يهم بأمر فظيع من المعاصي الكبار ). وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله قال: { أبغض الناس إلى الله ثلاثة } وذكر منهم: { ملحد في الحرم } [رواه البخاري]. قال في فتح الباري: ( وظاهر سياق الحديث أن فعل الصغيرة في الحرم أشد من فعل الكبيرة في غيره ).

وعن ابن مسعود مرفوعاً: ( لو أن رجلاً همّ فيه بإلحاد وهو بعدن أبين، لأذاقه الله عذاباً أليماً )، هذا فيمن همّ فكيف بمن عمل!

واحرص أيها المسلم على تعظيم شعائر الله فإنه جل وعلا يقول: ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ .

ثالثاً: في هذا الموسم والمكان فرصة للتوبة إلى الله عز وجل، ومحاسبة النفس على تقصيرها، وخطمها بخطام العودة والإكثار من دموع الندم والتوبة، ويكفي ما امتلأت به الصحائف من الذنوب والآثام، ويكفي ما مضى من العمر، وفيه ما فيه من تفريط وغفلة.. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: ( أي حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وانظروا ماذا ادخرتم لأنفسكم من الأعمال الصالحة ليوم معادكم وعرضكم على ربكم ).

قال مالك بن دينار رحمه الله: ( رحم الله عبداً قال لنفسه: ألستِ صاحبة كذا؟ ثم خطمها، ثم ألزمها كتاب الله، تعالى فكان لها قائداً ).

رابعاً: لقد تركت أهلك وديارك وأموالك وأولادك راغباً فيما عند الله عز وجل، فلا تضيع هذه الأوقات الثمينة، وفرّغ نفسك من لقاء الناس وكثرة الحديث، وتفرغ لأمر آخرتك، واستشعر هول المطلع وعظمة الجبار.

خامساً: لا بد أن يكون الصبر لك شعاراً ودثاراً فتجمّل به واحرص عليه، فأنت في عبادة عظيمة تصاحبها مشقة السفر ووعثائه، وقلة الزاد وضيق المركب، وكثرة الزحام وطول الطريق، فلا تتأفف ولا تتذمر، ولا تدافع من حولك، وعليك بالرفق والسكينة.

عن جابر بن عبدالله أن النبي سمع زجراً شديداً وضرباً وصوتاً للإبل فقال: { أيها الناس عليكم بالسكينة، فإن البر ليس بالإيضاع - يعني الإسراع } [متفق عليه]. وكان يقول: { أيها الناس السكينة السكينة } [رواه مسلم]. ومن خطبة لعمر بن عبدالعزيز رحمه الله بعرفات أنه قال: { ليس السابق من سبق بعيره وفرسه، ولكن السابق من غفر له }.

سادساً: تذكر أيها الأخ المسلم أن الله عز وجل حرّم الظلم على نفسه وجعله محرماً، وحرّم إيذاء المؤمنين والمؤمنات فاحذر أن يزل لسانك بكلمة جارحه أو يدك بدفع أحدة الحجاج، أو بالاستعلاء والتكبر عليهم وإدرائهم، وابتعد عن الرفث والفسوق في الحج. قال تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ قال ابن سعدي رحمه الله:

( الرفث: هو الجماع ومقدماته الفعلية والقولية، خصوصاً عند النساء بحضرتهن. والفسوق: وهو جميع المعاصي ومنها محظورات الإحرام. والجدال: وهو المماراة والمنازعة والمخاصمة، لكونها تثير الشر، وتوقع العداوة، والمقصود من الحج: الذل والانكسار لله، والتقرب إليه بما أمكن من القربات، والتنزه عن مفارقة السيئات، فإنه بذلك يكون مبروراً، والمبرور ليس له جزاء إلا الجنة، وهذه الأشياء، وإن كانت ممنوعة في كل زمان ومكان، فإنه يغلظ المنع عنها في الحج ).

سابعاً: وأنت في هذه الأيام المباركة.. استشعر أن الوقت محدود سريع الانقضاء، فانزع إلى خير الصحب وأفضل المرافقين، وابحث عن أحرصهم على تكبيرة الإحرام وأداء النوافل وقراءة القرآن، واجعله لك معيناً ومساعداً، وليكن هو رفيق الرحلة الذي يعينك ويشد من إزرك على الطاعة والعبادة.

ثامناً: الدعاء.. الدعاء، قال : { الدعاء هو العبادة } [رواه أبو داود]. فاحرص أخي الكريم على الدعاء وأكثر منه بقلب حاضر ورجاء في الإجابة، فإن الله جواد كريم، وقد اجتمع لك المكان الطاهر والزمان الفاضل وأنت حاج مسافر.. فتحرّ فتح الأبواب وأكثر من الدعاء لخاصة نفسك ولوالديك وذريتك وادع الله عز وجل أن يجعلك من المقبولين، واجعل لأمة محمد نصيباً من الدعاء.. بأن يصلح أحوالهم، وأن يهديهم سواء السبيل.

تاسعاً: في هذا التجمع يكثر اختلاط الرجال بالنساء وعلى كل مسلم ومسلمة أن يحرص على البعد عن المزاحمة مع غضّ البصر. قال تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ وقال تعالى: وقل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ .

قال ابن كثير رحمه الله: ( وهذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم لما حُرم عليهم، فلا ينظروا إلا إلى ما أباح لهم النظر إليه، وأن يغضوا أبصارهم عن المحارم، فإن اتفق أن وقع البصر على مُحرّم من غير قصد فليصرف بصره عنه سريعاً ).

والنبي يُذكّر علي ابن أبي طالب وهو من هو في الورع والتقى، فيقول : { يا علي، إن لك كنزاً في الجنة فلا تُتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة } وهذا ابن سيرين رحمه الله يقول: ( إني أرى المرأة في المنام فأعرف أنها لا تحل لي، فأصرف بصري عنها.. ) فاستحضر يا من أنت في بلد الله الحرام.. عظم الذنب وقرب الرحيل، وتذكر يوماً تتطاير فيه الصحف، وتشيب فيه الولدان.







توقيع : عمرو عبده
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
[img]http://img148.**************/img148/7069/2593sc.gif[/img]
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
رد مع اقتباس مشاركة محذوفة