في القرآن الكريم ورد ذكر أرحام الأنعام في موضعين، وهما قوله تعالى "قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ" (الأنعام: 143، 144)، ومما يستوقف المرء استخدام صيغة الجمع "أَرْحَامُ" بدلاً من المتوقع لغوياً وهو صيغة المثنى (رحمي)، وفي شروح الآيتين الكريمتين من قبل المفسرين الأجلاء لم يتطرق أي منهم إلى هذه النقطة، مع اللجؤ إلى استخدام صيغة المفرد (بالقول ’وهل يشتمل الرحم‘) أو باستخدام صيغة الجمع (بالقول: أرحام إناث النوعين). وبالأخذ بظاهر النص القرآني –وهي قاعدة متفق عليها في علم التفسير- يمكن القول بأن النص يشير بجلاء إلى أن أي من "الأُنثَيَيْنِ" من إناث الأنعام المذكورة (الضأن والماعز والأبل والبقر) بها أكثر من رحمين، وهذا يتفق بصورة واضحة مع الحقائق الحديثة
صورة تشريحية لرحم بقرة يظهر فيها الرحم ذات القرنين
في علم التشريح، والتي بينت أن الرحم في هذه الأنواع ’ذات قرنين‘ بصورة غير كاملة في الإبل، وبصورة شبه كاملة في الثلاثة أنواع الأخرى (الضأن والماعز والبقر) مع كون القرنين هما وعاء الحمل الوحيد، وهو ما يتطابق وظيفياً مع الحادث فيما أطلق عليه الإنسان ’الرحم المزدوج‘ والموجود في الثدييات الدنيا، كما يتطابق التعريفان –اللغوي والعلمي- للرحم من حيث أنها منبت البيضة الملقحة والوعاء الذي تتطور فيه إلى الخلق الجديد. وبقول أخر فإن هناك جمع من "أَرْحَامُ" يبلغ عددها أربع في "الأُنثَيَيْنِ" من الضأن والماعز، وثلاث في "الأُنثَيَيْنِ" من الإبل والبقر. وخلاصة الأمر أن كون القرآن الكريم -والمُنَّزَل منذ ما يزيد على أربعة عشر قرناً- يشير ببلاغة ودقة وإيجاز وجمال إلى هذه الحقيقة العلمية المكتشفة في العصور الحديثة لهو دليل دامغ على صدق الوحي الإلهي.