كان كل شيء هادئ في الحوش الذي أسكنه منذ ولادتي وخروجي على الحياة.. حملاً وديعاً يتلقفني الأطفال ويحتضنني الكبار.. ويبدو أن هذا الهدوء.. انسحب على حياتي شخصياً فلم أعد مغرماً - بالثغاء - كما كنت أفعل ذلك كأسلوب من أساليب الدلع على أمي التي خرجت مرة ولم تعد وأظنهم باعوها..
آه أيتها النعجة العزيزة.. أيتها الحنون ابن أنت الآن.. بل أصبحت هادئاً.. أتسم بمرونة كبيرة..
والشهادة لله فأهلي وإخواني من البشر كانوا معي طيبين الماء يأتي في وقته المحدد.. والبرسيم - العلف - أجده - أمامي في ساعة معلومة.. والأطفال أصبحوا يحترمونني كثيراً..
ألم أعد الآن خروفاً كبيراً.
وكان بالإمكان أن تستمر الحالة على هذه.. لولا
أنني سمعت شيئاً له صوت مدوٍ جر عليهم هذا المدفع - الذبح -.
ودق قلبي بشدة عندما سمعت الأطفال يفتحون باب الحوش.. ويربتون على عنقي ورأسي.. وتمر أيديهم الصغيرة فوق شعر جسدي.. وسمعتهم يتكلمون بألغاز فهمت منها أنهم سيتخلصون مني.. ويقدمونني للمشنقة وقطرت دمعة حزينة على خدي.. ولكن هيهات وهل يفهمني أبناء البشر الذين يتصورون ألا أحد يفهم غيرهم..
وأحسست بغثيان.. وعدم قدرة في الوقوف على أرجلي الأربعة.. وألقيت بجسمي على الأرض..
وجعلت أبكي بحرقة..
ولم أفق إلا على صوت خروف زميل - يثغي - وعلمت أنه هو الآخر ينتظر نهايته.. ولكنه يواجهها بشجاعة كما يبدو.
آه.. كيف يفعل ذلك أبناء البشر ويتخلصون منا بسهولة.. لماذا يذبحون منا هذه الكمية الضخمة من الخرفان..
ثم ماذا يفعلون بلحمي.. هل سيوزعونه على المتاجين والفقراء.
أم يأكلون منه القليل ثم يقذفون به بعيداً.. دونما فائدة..
ما أقسى هذا التفكير.
إنني أحاول جمع أفكاري وضبط مشاعري ولكن لا أستطيع.. أوه..
ماذا أسمع.. إن وقع الإقدام تقترب.. دعني أرى من ثقب الباب
يا للهول ماذا أرى سكيناً بيد القادم إنه جلادي..
لقد انتهيت بالتأكيد.. ويا ليت النهاية.. تكون متأخرة قليلاً.


التوقيع (خروف)