المعالم الإسلامية فى القاهرة
ترتفع في كل مكان في القاهرة مآذن المساجد حتى انه اطلق علي القاهرة اسم مدينة الالف مئذنة فهي العاصمة الاسلامية الوحيدة التي يجتمع علي ارضها كل هذا القدر من بيوت الله وهي المساجد التي يرتبط كل واحد منها بتاريخ واحداث علي مر العصور المختلفة .
ان الآثار الإسلامية العريقة تنطق بروعة فن العمارة الإسلامية – لقد زاول المهندسون في الاسلام بناء جميع انواع العمائر .. فخلفوا لنا انواعاً كثيرة من العمائر الإسلامية: من مساجد ومدارس واضرحة وقبور وقلاع وحصون وابواب واسواق واسوار ووكالات وخانات وبيمار ستانات ومساكن وغير ذلك من المؤسسات الدينية والعسكرية، كما خططوا المدن، وعبدوا الطرق وشقوا القنوات وشيدوا القناطر .
جامع عمرو بن العاص :
بناه عمرو بن العاص وهو اول بناء اقيم في الفسطاط. كان طول الجامع عند انشائه (642م – 21 هـ) ما يقرب من خمسة وعشرين متراً وعرضه خمسة عشر متراً ومسقف بالجريد والطين ويرتكز سقفه علي عمد من جذوع النخل. اضيف إلي مساحة المسجد زيادات في عصور مختلفة حتي وصلت مساحته إلي ستة عشر ضعفاً لمساحته الاصلية وصحب هذه الزيادات اجراء عمائر بقصد التجديد والترميم أو التجمل كان من نتيجتها ان تغيرت تماماً معالمه المعمارية والزخرفية القديمة .
زود هذا المسجد لاول مرة بوحدة معمارية صارت اساساً لظهور احد المعالم المهمة في تصميم المساجد وهي المئذنة، كذلك ادخل بالجامع لاول مرة محراب مجوف وسمي باسم "محراب عمرو" .
جامع ابن طولون :
يعتبر جامع ابن طولون ثالث المساجد في مصر بعد جامع عمرو بن العاص وجامع العسكر – الذي اختفي من الوجود – أنشأه احمد بن طولون الذي تولي حكم مصر من قبل الخليفة العباسي – بدئ في بناءه عام 263هـ/ 876 م – انتهي منه في عام 265هـ/ 879 م .
بني الجامع علي شكل مربع تقريباً طول ضلعه 162 متراً، واختار له مكاناً ملائماً من الناحية المعمارية والناحية الاجتماعية فقد بني علي ربوة صخرية مرتفعة بمنآي عن فيضان النيل وعن رشح المياه كما زود باساس صخري متين. اصبح موقعه في وسط العواصم الثلاث (الفسطاط – العسكر – القطائع) ولذلك بني علي مساحة كبيرة قدرها ستة أفدنة ونصف الفدان . يعتبر تخطيط جامع ابن طولون مربع الشكل حدثاً جديداً بالنسبة للطرز المعمارية التي كانت سائدة .
الأزهر الشريف :
يعتبر الجامع الازهر الشريف اول عمل معماري فاطمي عاصر تأسيس القاهرة وظل باقياً حتى اليوم انشأه جوهر الصقلي قائد المعز لدين الله الذي ابتدأ العمل في بنائه سنة 359هـ -970 م وانتهي من تأسيسه واقيمت به اول جمعة في 7 رمضان سنة 361 هـ - 972 م .
سمي بهذا الاسم "الأزهر" نسبة إلى لفظ "الزهراء" لقب السيدة فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه وسلم والتى سميت باسمها مقصورة اقيمت في هذا الجامع .. ويري بعض المؤرخين ان هذه التسمية نسبة إلي القصور الزاهرة التي بنيت حينما أنشئت القاهرة .. بينما يري البعض الآخر انه سمي كذلك تفاؤلاً بما سيكون له من الشأن والمكانة في ازدهار العلوم منه .
زاد فى بناء جامع الازهر كثير من الخلفاء الفاطميين واعيد تجديد اجزاء كثيرة منه خلال العصور الماضية كما اضيفت اليه زيادات عدة . تشتمل الزخارف الفاطمية الاصلية في الجامع الازهر علي العناصر الهندسية والبنيانية والزخارف الحصية ايضاً .
من المعالم البارزة في عمارة الجامع الأزهر مئذنتان رشيقتان: احداهما للسلطان قايتباي وهي علي يسار الداخل من الباب الموصل لصحن الجامع الحالي .. والثانية مئذنة عالية على يمين الداخل من نفس الباب وهي منارة ضخمة تعتبر فريدة بين مآذن العصر حيث تنتهي المئذنة برأسين بدلاً من رأس واحدة وقد بناها السلطان الغوري أخر سلاطين دولة المماليك عام 915هـ - 1510 م .
شهد بناء الجامع الأزهر عملية ترميم كبري في التسعينيات وافتتحه الرئيس حسني مبارك في عام 1997 م، كما اقيم مبنيان حديثان علي الطراز الإسلامي لكل من مشيخة الأزهر ودار الإفتاء المصرية .
اخذ الجامع الأزهر مكانته العملية والدينية بعد ان تحول في عهد العزيز إلي جامعة تدرس فيها العلوم ويدعي فيها للمذهب الفاطمي وكان اول درس القي بالجامع الأزهر في شهر صفر سنة 365 هـ - 975 م .
يفد إليه الطلاب من جميع العالم الإسلامي فتقابل في اروقته ومقصوراته المراكشي والصيني والتونسي وارتبط الافريقي والاسيوي والاوروبي في صحنه برابطة الاسلام وكان لطلابه نصيب من المكافآت الجامعية النوعية والمالية التي كان الخلفاء يمنحونها لطلاب العلم واساتذتهم .
مسجد الحسين :
انشئ فيه المشهد الحالي عام 549 هـ - 1154 م. ايام الخليفة الظافر بامر الله، وتوالت عمليات التجديد علي المسجد عبر العصور، وتجدد بناؤه ايام عباس الاول وامر الخديوي اسماعيل بعمارته وتشييده علي اكمل وجه فاستحضر له العمد الرخام من القسطنطينية .
زود المسجد بمنبر خشبي مطلي بماء الذهب وسقفه من الخشب المطلي بزخارف نباتية وهندسية متعددة الالوان ومذهبة غاية في الدقة والابداع تبلغ مساحة المسجد الآن 3340 متراً مربعاً .
مسجد الرفاعي :
يقع بميدان صلاح الدين بالقلعة في مواجهة مسجد السلطان حسن . أنشأته خوشيار هانم والدة الخديو اسماعيل – 1286هـ - 1869 م . تبلغ مساحة المسجد من الداخل 65000 متر منها الجزء المخصص للصلاة ومساحته 1767 متراً وخصت المدافن وملحقاتها بقية المساحة . امتازت منارتا المسجد بالرشاقة والجمال واقيمتا علي قواعد مستديرة .
مسجد ومدرسة السلطان حسن :
يقع بالقلعة وتعد هذه المدرسة من عجائب العمارة الاسلامية حيث تعد أجمل بناء اقيم في الإسلام . امر بانشائها السلطان حسن ابن محمد قلاون لتكون مدرسة للمذاهب الاربعة والحق بها مسجداً .
تبلغ مساحتها 7906 امتار مربعة ويبلغ ارتفاع المدخل 37.70 متر وهو من افخم المداخل واعلاها . من الصعب تحديد شكل المسجد فهو كثير الاضلاع يبلغ طوله 150 متراً واطول عرض 68 متراً وارتفاعه عند بابه الشمالي 37.30 متر .
يتوسط صحن المسجد ميضأة جميلة تعلوها قبة .. يتكون المسجد من صحن مكشوف تتوسطه وتحيط به اربعة ايوانات تحصر بينها مباني المدارس الأربع .
صمم المسجد بأسلوب متعامد الشكل وذلك ليخص كل مذهب من المذاهب مدرسته . يوجد إلي جانب المحراب بابان يؤديان الي القبة التي تقوم علي جانبيها منارتان ترتفع الجنوبية عن مستوي سطح الصحن 81.60 متر .
ان المسجد في مجموعه تحفة نادرة في العمارة الاسلامية لكثرة ما فيه من دلايات منحوتة في الحجر . يصف العلامة "فاييت" المسجد قائلاً: "انه ابدع أثار القاهرة واكثرها تجانساً وتماسكاً وكمالاً ووحدة واجدرها ان يقوم بجانب تلك الآثار الرائعة التي خلفتها مدينة الفراعنة".
مسجد محمد علي :
يقع بالقلعة ويعد من أجمل منشآت محمد علي باشا والي مصر . شيد بقلعة صلاح الدين عام 1246 هـ - 1830 م . المسجد مستطيل البناء وينقسم الي قسمين: القسم الشرقي وهو المعد للصلاة والقسم الغربي وهو الصحن، تتوسطه فسقية (ميضأة) بكل من القسمين بابان متقابلان أحدهما قبلي والآخر بحري .
القسم الشرقي مربع الشكل طول ضلعه من الداخل 41 متراً تتوسطه قبة مرتفعة قطرها 21 متراً وارتفاعها 52 متراً . تعلو ركن الحائط المقابل لحائط القبلة مئذنتان رفيعتان علي الطراز التركي يبلغ ارتفاعهما 84 متراً من مستوي ارضية الصحن .
يقوم علي الجدار الغربي برج الساعة التي اهداها "لويس فيليب" ملك فرنسا الي محمد علي سنة 1845 م . يمكن من الصحن مشاهدة العاصمة والنيل والاهرامات . كسيت الجدران من الداخل والخارج وفي صحن المسجد بالرخام ولهذا سمي بالمسجد المرمري .
قلعة الجبل :
تم بناؤها عام 1176 م . يرجع بناؤها الي السلطان صلاح الدين الايوبي الذي اختار مكان القلعة بموقعها المرتفع الذي يحقق الاشراف علي القاهرة ومصر اشرافاً تاماً .
يتألف التخطيط المعماري للقلعة من مساحتين من الأرض مستقلتين: الشمالية هي الحصن الحربي وتقرب من شكل المستطيل ولها ابراج بارزة، والجنوبية: وهي الملحقات من القصور والاصطبلات وتمتد من الشمال الي الجنوب .
يقع بئر يوسف وهو من المعالم المعمارية بالقلعة في الساحة الجنوبية من القلعة حيث الملحقات بيلغ عمق هذه البئر 89 متراً تقريباً وتنسب الأساطير الشعبية هذه البئر إلي سيدنا يوسف .
انشئ بداخل القلعة عدة قصور ومساجد علي مر العصور منها مسجد الناصر محمد بن قلاوون ومسجد السليمانية (سيدي ساربة) وجامع محمد علي وقصر الجوهرة والمتحف الحربي (قصر الحريم سابقاً) .
ظلت القلعة مقراً للحكم فكان الاهتمام بها فاصلحت اسوارها وابراجها وابوابها وشيدت فيها ثكنات عسكرية ومصانع للذخيرة حتي انتقل مقر الحكم الي قصر عابدين في عهد الخديوي اسماعيل .
أسوار القاهرة وابوابها :
تعتبر القاهرة المدينة الاسلامية الوحيدة التى اقيم لها ثلاثة اسوار على فترات تاريخية متعاقبة، السور الاول هو سور جوهر، والسور الثانى سور امير الجيوش بدر الجمالى فى عهد الخليفة المستنصر، والسور الثالث هو سور بهاء الدين قراقوش فى سلطنة الملك الناصر صلاح الدين الايوبى الذى بناه ليضم القاهرة والقطائع والعسكر والفسطاط جميعاً .
كان للقاهرة ثمانية ابواب لكل جنب من اجنابها الاربعة بابان . ففى الجنوب باب زويلة وباب الفرج .. وفى الجهة البحرية: باب النصر وباب الفتوح .. وفى الجهة الشرقية: باب القراطين (المحروق) وباب البرقية .. اما فى الجهة الغربية وهى المطلة على الخليج فكان فيها باب سعادة وباب القنطرة . وقد زالت معظم هذه الابواب ولازال باقياً ثلاثة منها حتى الآن ومعروفة باسم باب زويلة .. وباب الفتوح .. وباب النصر .