عرض مشاركة واحدة
  المشاركة رقم: 1  
قديم 29 / 03 / 2006, 06 : 05 PM
الصورة الرمزية SALMAN
SALMAN
مؤسس الموقع
المنتدى : اقلام صحفية 2005-2010
تاريخ التسجيل العضوية الدولة المشاركات بمعدل المواضيع الردود معدل التقييم نقاط التقييم قوة التقييم
14 / 03 / 2005 1 المكتبة 7,618 1.06 يوميا 393 10 SALMAN is on a distinguished road
SALMAN غير متصل

فتنة الدنيا.. أنستنا كل شيء




** الذي يزور المستشفيات.. لا شك أنه يُصاب بحالة دوار شديدة.. إذ يُشاهد العشرات، وهم ملقون على الأسرَّة.. فهذا نتاج حادث.. وهذا يُعاني من مرض عضال.. وهذا يئن من مرض شديد.. وهذا في غيبوبة منذ سنوات.. وهذا ميئوس من حالته (حسب كلام الأطباء.. والأمر بيد الله وليس بأيديهم).. وهذا يراجع وجسمه نحيل هزيل.. وهذا يصارع الموت ولم يمت.. وهذا كله كسور.. وهذا مشلول كل جسمه..
** تشاهد أشياء مرعبة.. وتخرج تحمد الله تعالى على ما أنعم عليك من نعمة الصحة والعافية.. وأنك تسير على قدميك معافى.. وتأكل وتشرب وتصلي مع الجماعة في المسجد.. وتغدو وتروح في كامل صحتك، والآخرون في المستشفيات يرون الأكل والشرب أمامهم ولا يقدرون على تناوله..
** تشاهد داخل المستشفيات من هو كله أجهزة.. لا يتنفس ولا يأكل ولا يشرب إلا من خلال الأجهزة.
** وهناك من تحوَّل إلى كتلة أجهزة، وهناك من هو في غيبوبة منذ سنوات لا يشعر بما هو حوله.. ولا يدري عن أي شيء.. يزوره أقاربه وهو لا يشعر بهم.
** وهناك من خرج من بيته سليماً معافى.. فوجد نفسه مع هؤلاء داخل المستشفى في وضع صعب..
** وهناك قصص مخيفة تسمعها داخل المستشفيات عن مرضى مصابين بأمراض مستعصية خطيرة ينتظرون فرج الله.. وهناك حالات يندى لها الجبين.. ونحن خارج المستشفى نتعارك ونختلف.. ونحزن.. إن هبط مؤشر الأسهم ريالاً.. ونفرح إن ارتفع ريالاً أو ريالين.
** نركض في هذه الدنيا ركضاً مخيفاً.. ركضاً أنسانا كل شيء.. إلا الدنيا وزخرفتها وزينتها.
** البعض.. يُمارس الغش والكذب والخداع والتزوير.. ويُسارع في الحصول على الأموال من كل طريق.. لا يهمه سوى أن يجمع المال بأي شكل كان.. وكأنه لن يموت ولن يُحاسب على هذه الأموال التي اكتسبها زوراً وظلماً.. وجمعها من طرق محرَّمة بشعة.
** همّه فقط.. جمع المال من أي طريق كان.. ولا يهمه كيف جاء.
** لو ذهبت إلى المقابر بعد الظهر أو العصر.. لشهدت الجثث تلقى هناك.. حيث يُودع يومياً داخل المقابر حوالي الخمسين شخصاً أو أكثر.. كلهم تركوا الدنيا وما فيها من ملذات.. وأكثرهم مات وهو يركض ويلهث ويصارع الحياة.
** هذا مات في حادث مفاجئ.. وهذا مات وهو يركض.. وهذا نام ولم يستيقظ إلا جثة هامدة.. وهذا مات في مكتبه.. وهذا فُوجئ بمرض خبيث انتشر في جسمه ومات بعد أسبوع من اكتشافه.. وهذا وذاك.. ماتوا بطرق مشابهة.. لكن أغلبها موت الفجاءة.
** نشاهد هذا كله يومياً.. ونمشي مع هذه الجنائز ونواريها الثرى.. ونعود إلى حياتنا وكأن شيئاً لم يكن.
** في المستشفيات.. وأمام المرضى الذين يمرون بحالات صعبة.. بل بعضهم يحتضر.. وفي المقابر وفي المساجد قبل الصلاة على الأموات الكل يركض.. الكل يتابع من خلال الجوال حركة الأسهم وحركة العقار، ويتابع تجارته وهمومه ومشاكله اليومية.. ولم يترك لحظة واحدة للدعاء والاستغفار وذكْر الله.. والتسبيح والدعاء لنفسه وللموتى وللمرضى.
** لم يتعظ لحظة واحدة وهو يركض ويتجوَّل بين جثث الموتى وبين القبور..
** كم من صفقة تجارية عُقدت في مقبرة؟
** كم من شراء وبيع تمَّ في المسجد؟
** كم من حوار تجاري تمَّ في غرفة العناية المركَّزة؟
** كم من خلافات مالية تمَّت بين القبور؟
** كنت في أحد المساجد قبل أيام للصلاة على أحد المعارف.. وكان أحد العلماء الأجلاء يُحاضر في المسجد.. متحدثاً قبيل إقامة صلاة العصر.. وسمعت من حولي.. من يتذمَّرون من الحديث.. وكأنهم متضايقون من هذا الحديث الشيّق.. الذي يُذكِّر بالآخرة.. ويُزهِّد في الدنيا.
** سمعت عبارات الضيق تصدر منهم، وحولهم أكثر من عشر جثث (مسدوحة) في المسجد، وقد ودَّعت الدنيا.. وجاؤوا للصلاة عليها..
** بل إن بعض الذين جاؤوا للصلاة على الموتى.. ينظر إلى ساعته كل ثانية.. وهو متضايق مما أسماه.. التأخُّر في إقامة الصلاة دقيقة أو دقيقتين أو حتى خمس دقائق.
** هو يريد أن يطير ويركض..
** يريد أن يُدفن الميت بسرعة ويعود إلى الحياة وكأنه لن يكون مثله قريباً.. حتى لو بعد ثلاثين سنة أو خمسين سنة.. كلها ستمر كأنها ثوانٍ معدودة.
** الدنيا بالفعل.. فتنة عظيمة.. أنست البعض كل شيء.

عبد الرحمن بن سعد السماري








توقيع : SALMAN
إذا خسرناك عضو فلا تجعلنا نخسرك زائر


الإرادة بركان لا تنبت على فوهته أعشاب التردد

حيــــــــــــــــــــــــــــــاكم الله في حسابي على تويتر :
SALMANR2012@
رد مع اقتباس مشاركة محذوفة