بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه فتوى من موقع الشيخ عبدالعزيز بن باز وهي طويله بعض الشي ولكن الأهميتها أوردتها..
السؤال :
أحدث بعض المشايخ احتفالات ، لا أعرف لها وجها في الشرع ، كالاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه
وسلم ، وبليلة الإسراء والمعراج والهجرة النبوية . نرجو أن توضحوا لنا ما دل عليه الشرع في هذه
المسائل حتى نكون على بينة ؟
الجواب :
لا ريب أن الله سبحانه قد أكمل لهذه الأمة دينها وأتم عليها النعمة ، كما قال الله سبحانه :
{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ
لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا}[1] الآية .
وقد توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم بعدما بلغ البلاغ المبين وأكمل الله به شرائع الدين فليس لأحد
أن يحدث في دينه ما لم يشرعه الله عز وجل ، كما قال صلى الله عليه وسلم :
((من أحدث في أمرنا
هذا ما ليس منه فهو رد)) متفق على صحته من حديث عائشة رضي الله عنها ، وأخرج مسلم في
صحيحه عنها ، رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
((من عمل عملا ليس عليه أمرنا
فهو رد)) ومعنى قوله : (( فهو رد )) أي مردود ، لا يجوز العمل به . لأنه زيادة في الدين لم يأذن الله
بها ، وقد أنكر سبحانه في كتابه المبين على من فعل ذلك ، فقال عز وجل في سورة الشورى :
{أَمْ لَهُمْ
شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}[2] وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه أن
النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبة الجمعة :
((أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير
الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة)) . والأحاديث والآثار
في إنكار البدع والتحذير منها كثيرة ، لا يتسع هذا الجواب لذكرها .
وهذه الاحتفالات التي ذكرت في السؤال لم يفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهو أنصح الناس
وأعلمهم بشرع الله ، وأحرصهم على هداية الأمة وإرشادها إلى ما ينفعها ويرضي مولاها سبحانه ،
ولم يفعلها أصحابه رضي الله عنهم ، وهم خير الناس وأعلمهم بعد الأنبياء ، وأحرصهم على كل خير ،
ولم يفعلها أئمة الهدى في القرون المفضلة ، وإنما أحدثها بعض المتأخرين ، بعضهم عن اجتهاد
واستحسان من غير حجة ، وأغلبهم عن تقليد لمن سبقهم في هذه الاحتفالات ، والواجب على جميع
المسلمين هو السير على ما درج عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ،
والحذر مما أحدثه الناس في دين الله بعدهم ، فذلك هو الصراط المستقيم والمنهج القويم ، كما قال الله
عز وجل :
{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[3]
وثبت في الحديث الصحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا على
أصحابه هذه الآية ، ثم خط خطا مستطيلا ، فقال : (( هذا سبيل الله )) ثم خط خطوطا عن يمينه وشماله
، وقال : (( هذه السبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه )) ثم تلا هذه الآية : {
وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي
مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}[4] وقال الله عز وجل : {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ
فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}[5] ومما ذكرنا من الأدلة يتضح لك أن
هذه الاحتفالات كلها بدعة ، يجب على المسلمين تركها والحذر منها ، والمشروع للمسلمين هو التفقه
في الدين ، والعناية بدراسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ، والعمل بها في جميع الزمان ، لا في
وقت المولد خاصة ، وفيما شرع الله سبحانه غنية وكفاية عما أحدث من البدع .
أما ليلة الإسراء والمعراج فالصحيح من أهل العلم أنها لا تعرف ، وما ورد في تعيينها من الأحاديث
فكلها أحاديث ضعيفة لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن قال : إنها ليلة 27 من رجب فقد
غلط؛ لأنه ليس معه حجة شرعية تؤيد ذلك ، ولو فرضنا أنها معلومة فالاحتفال بها بدعة؛ لأنه زيادة في
الدين لم يأذن الله بها ، ولو كان ذلك مشروعا لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله
عنهم أسبق إليه وأحرص عليه ممن بعدهم ، وهكذا زمن الهجرة ، لو كان الاحتفال به مشروعا لفعله
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، ولو فعلوه لنقل ، فلما لم ينقل دل ذلك على أنه بدعة .
وأسأل الله عز وجل أن يصلح أحوال المسلمين ويمنحهم الفقه في الدين ، وأن يعيذنا وإياكم وإياهم من
جميع البدع والمحدثات ، وأن يسلك بالجميع صراطه المستقيم ، إنه على كل شيء قدير ، وصلى الله
وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
موقع الشيخ عبد العزيز بن باز