بسم الله الرحمن الرحيم
عادَ متأخراً في الليلة الماضية، ممّا أزعج والده، سأله عن السبب صباحاًَ، أخبره بأنه كان مع أصدقائه، دار بينهما نقاش حادّ، وخرج الأب.غاضباً..
جاءت والدته تعاتبه، صرخ في وجهها، أخبرها أنها هي السبب، فلا شكّ أنها من أخبرت والده بشأن تأخره وأنها أشعلت النار في قلبه بسبب قلقها، وأنه لم يعد طفلاًَ صغيراً!!!
مدّت يدها على كتفه لتربّت عليه، رغبةً منها في امتصاص غضبه، دفعها الى الخلف، تمسّكت بحافة الطاولة التي كاد رأسها أن يضربها، صرخ قليلاً، شعر باختناق، وشعر بأن الدنيا تلف به، لم يجد على لسانه سوى " أمي " هبّت اليه، ما بك يا ولدي، اتصلت بسيارة الاسعاف، دخلا غرفة الفحص، فحصه الطبيب، خرج مع والدته..
ربط أزرار قميصه، مدّ يده ليفتح الباب، سمع أنين والدته، اقترب برأسه من الباب، ألصق أذنه به، سمع الطبيب يقول: للأسف ... سألته: أليس هناك من أمل؟؟؟ هزّ رأسه نافياً، واستطرد:
إن خلايا دماغه تموت بسرعة، لم يتبق سوى دقائق، قد تتجاوز الساعتين بقليل.. صرخت خلجاتها بالآهات... وهو ... أحسّ بانهيار.. سيموت، دقائق قليلة وسيرحل من العالم... وما الذي تركه؟؟
أب غاضب، أم تطاول عليها... والخافي أعظم..
سيموت، ولم يتبق بعهده في الدنيا سوى دقائق.. ماذا سيفعل؟؟ هل سيعتذر من والده ووالدته؟؟ هل سيصلي ويدعو الله أن يسامحه؟؟ هل سيقرأ القرآن الذي لا يتذكر متى آخر مرة فتحه؟ هل وهل وهل وهل ؟؟؟
لماذا نحن دوماً هكذا؟؟ ننتظر وننتظر وننتظر.. ولا نعرف ما علينا فعله الا في آخر وقت؟؟؟
" اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا "