19 / 05 / 2006, 31 : 06 PM
|
|
مؤسس الموقع
|
المنتدى :
اقلام صحفية 2005-2010 |
تاريخ التسجيل |
العضوية |
الدولة |
المشاركات |
بمعدل |
المواضيع |
الردود |
معدل التقييم |
نقاط التقييم |
قوة التقييم |
14 / 03 / 2005 |
1 |
المكتبة |
7,618 |
1.05 يوميا |
|
|
393 |
10 |
|
|
|
|
برد الأكباد عند فقد الأولاد> محمد الشويعر
ما من فرد في هذه الحياة، إلا تصيبه مصائب من أكدار هذه الحياة الدنيا، وهي عندما تصيب المسلم، فإنما هي محك لإيمانه، واختبار لصبره، وقدرته على التحمل، ثم ما نيته في هذا الصبر، لأن الصبر أنواع منها: الصبر على طاعة الله، والصبر على مناهي الله، وكل هذا حسب النية ومدى صدقها، وهل قصد هذا الصابر جزاء الله، وامتثل أمره سبحانه في الدعوة إلى الصبر.. والطمع فيما أعده الله للمحتسبين في صبرهم الذين عناهم الله جل وعلا بقوله الكريم: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}(10)سورة الزمر.
ولذا فإن الناس، على اختلاف مللهم ونحلهم، يختلفون في نظراتهم للصبر، وما يرجون وراء ذلك الصبر، إن صبروا أو يكونوا من المتسخطين الجزعين الذين ينبذون الصبر وراء ظهورهم، وفي هذا المجال يقول العلماء: إن من صبر واحتسب، فإن له منزلة عند الله وأجراً، لأنه رضي بما قسم الله، وما قدّره مولاه، فقال عن الصدقة الأولى مثلما أمر الله سبحانه في سورة البقرة: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}لأن المصيبة التي تمرّ بالإنسان، إنما هي ابتلاء واختبار لمحك عقيدته، ورضاه بما قدّره الله عليه: في نفسه وولده، وأهله وماله، بل في كل أمر عزيز وأثير عليه، فإن قابل ذلك بالرضاء والاستسلام لأمر خالقه، ولم يتسخّط أو يَتبرّم، فإن الله سبحانه يكرمه ويعينه على التحمل والصبر، مع الأجر الذي وعدهم الله به، في الآية الثانية بعد السابقة بقوله سبحانه: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ(156 -157)} سورة البقرة.
أما من جزع وتسخّط، فله السخط من الله، وأضاع على نفسه خيراً كثيراً، لعدم تسليمه لأمر الله، ولن يغير بعمله شيئاً مما قدّره الله، بل حمّل نفسه الإثم وخسارة الثواب الذي وضحته الآية: { صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} ووصفهم بالمهتدين.
ولذا جاء التشديد في سنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، على تحريم النياحة، ودواعيها، يقول صلى الله عليه وسلم: (ليس منّا من ضرب الخدود وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية) رواه الجماعة إلا أبو داود عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه.
وهذا تعمله في الغالب: النائحة، سواء كانت من أقرباء الميت أو من المستأجرات لهذا الغرض، ولذا جاء في الحديث عن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال: (لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النائحة والمستمعة). وقال في حديث آخر عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (أيَّما نائحة ماتت قبل أن تتوب ألبسها الله سربالاً من قطران، وأقامها للناس يوم القيامة). وغيرها..
وإن كان الألباني ضعّف بعض هذه الأحاديث، إلا أن الإمام مسلم - رحمه الله - في باب التشديد في النياحة من كتاب الجنائز، قد خرّج هذه الأحاديث، ولا شك أن الآيات الكريمات، والأحاديث الشريفة التي تحث على الصبر وترغّب فيه ابتغاء أجر الله، مع الرضاء والهدوء النفسي والقلبي والاطمئنان عند وقوع المصيبة، وتحمّل صدمتها الأولى دلالة على قوة العزم، والصبر، والتحمل، على رغم كراهية هذه المصيبة مهما كانت، إلا أنه لا يلام على حزن القلب، ودمع العين، كما أخبر صلى الله عليه وسلم، عندما مات ابنه إبراهيم ثم قال: (ولا نقول إلا ما يرضي الرب).. ذلك أن لله ما أخذ وله ما أبقى وكل شيء عنده سبحانه بمقدار.
أما الصنف الثالث من الذين لم يحتسبوا الصبر عند الله، وتحملوه على مضض، لا طمعاً من أجر وإنما تحملاً لسبب أو لغير، فالذي لسبب، يريده به محمدة، أو مكيدة للأعداء، حتى لا يظهر أمامهم جزعه بما حلّ به كما قيل:
وتجلّدي للشامتين أريهموا
أنّى لريب الدهر لا أتضعضع
فهذا ليس له من صبره إلا الخسارة والندامة، بل يزداد قول الشامتين به، وينكرونه عليه، فلا أجراً أخذ، ولا رصيداً عند الله أبقى، ولا قناعة عند الشامتين بما عمل كسب ميلهم إليه.
أما القسم الثاني من هذا الصنف، فهو من يصبر من دون احتساب لما عند الله، ولم تكن له مكانة، ليزيد بصبره هذا تقوّلات الشّامتين، حتى يردّ عليهم بالتجلد المتكلف، فإن هذا صبره كما قال العلماء: مثل صبر الحمار الذي يُحمل عليه، ويضرب إذا أثقله الحمل، حتى يوصّل حمله مع شدّته عليه، وقساوة من يسوقه، إلى المكان المراد إليه توصيله.. ثم يزداد التعب مع الأحمال الشاقة، دون أن يرأف السائق بحماره، وإنما يهمّه قضاء مصالحه فقط.
والعنوان أدناه، هو عنوان الكتاب صغير الحجم، عظيم الفائدة، في تحمل المصائب، وخصوصاً عندما تكون في الأولاد الذين هم زينة الحياة الدنيا، وثمرة القلوب، وأمل الإنسان في حياته، حتى يساعدوه ويريحوه عند شيخوخته، ويعينوه عضداء مع مسيرة حياته، وقد أخبر عن هذه المكانة نبي الله زكريا عليه السلام في أكثر من آية في كتاب الله الكريم فقال سبحانه: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ }(89) سورة الأنبياء.
ولما رأى ما أكرم الله به، مريم عليها السلام، وما كانت عليه من العبادة، وهو زوج خالتها عندما كفلها، فكان كلما دخل عليها المحراب، وجد عندها فاكهة في غير أوانها، وطعاماً هو من عند الله، هنالك قال: إن الله الذي عزّ سلطانه الذي يأتي بهذا إلى مريم في غير أوانه، قادر أن يرزقني ولداً، فكذلك حين دعا ربه: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء(83)} سورة آل عمران.
وهذا الكتاب الذي سوف نستعرضه، في هذا الموضوع لما فيه من فائدة، يأخذها كل من مرّ به موقف يعكر صفوه، ويتألم من وقعه، عندما يقبض الله روح ثمرة فؤاده، ابنه أو واحداً من أولاده، ويعرف الأجر الذي ادّخره الله للصابرين ليرضى بما أراده الله، ولا راد لقضائه سبحانه. وأورد المؤلف السبب الذي جعلهم يتمنّون موتهم.
فإن مؤلف هذا الكتاب، وهو المعروف بابن ناصر الدين الدمشقي المولود بدمشق عام 777هـ، والمتوفى بدمشق أيضاً عام 842هـ.. مع صغر حجم هذا الكتاب، قد بسط فيه ما يتعلق بالموضوع، ليبين منهج الإسلام، في تهذيب النفوس، وتحملها المحن والمصائب، في أعزّ عزيز لديها، لا جفوة وقساوة قلب، ولكن استسلاماً وقناعة بما قدّره، ولا مفرّ من قضائه وتدبيره، وطمعاً بما عند الله من ذخيرة في مشاهد القيامة.
على رغم أن الأولاد، في الدرجة الأولى، وغيرهم من أقرباء وألفاء، وقع الألم بمصابهم أليم، ولو كان يُدافعُ ما نزل بهم بالمال أو الجاه لبذل الإنسان في سبيله، كل ما تحت يده.. إلا أن ما يأتي الإنسان من أجر أعظم وأثمن.
تقول أم سلمة - رضي الله عنها - لمّا مات زوجها أبو سلمة رضي الله عنه، حزنتُ عليه كثيراً، ولكني تذكرت دُعاءً علّمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه يُتسلى به عن ألم المصيبة، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (من أصيب بمصيبة ثم صبر وقال: اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها، إلا خلف الله عليه. تقول: فقلتها لعل الله يخفف عني ألم المصيبة، وكنت أظن أنني لن أجد خيراً من أبي سلمة، فلما انقضت عدتها، خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان خيراً من أبي سلمة.. وقصة الخطبة موجودة ذكرها ابن الأثير في كتابه أُسد الغابة.
(للحديث بقية)..
من معجزات عيسى عليه السلام
جاء عند السيوطي في تفسيره أن الله لما بعث عيسى عليه السلام، وأمره بالدعوة لقيه بنو إسرائيل فأخرجوه، فخرج هو وأمه يسيحون في الأرض. فنزلوا في قرية على رجل، فأضافهم وأحسن إليهم، وكان لتلك المدينة ملك جبّار، فجاء ذلك الرجل يوماً حزيناً، فدخل منزله ومريم عند امرأته، فقالت لها: ما شأن زوجك أراه حزيناً؟
قالت: إن لنا ملكاً، يجعل على كل رجل منا يوماً، يطعمه هو وجنوده، ويسقيهم الخمر، فإن لم يفعل عاقبه، وأنه قد بلغت نوبته اليوم، وليس عندنا سعة، قالت: قولي له فلا يهتم، فإني آمر ابني فيدعو له، فيكفي ذلك.
قالت مريم لعيسى في ذلك. فقال عيسى عليه السلام: يا أماه، إن فعلتُ كان في ذلك شر، قالت: لا تبالِ، فإن هذا الرجل قد أحسن إلينا، وأكرمنا. قال عيسى: قولي له: املأ قدورك وخوابيك ماء، فملأهن فدعا الله تعالى، فتحوّل ما في القدور لحماً ومرقاً، وخبزاً وما في الخوابي خمراً لم يرَ الناس مثله قط.
فلما جاءه الملك وحاشيته، أكل منه، فلمّا شرب الخمر، قال: من أين لك هذا الخمر؟! قال: هو من أرض كذا وكذا، قال الملك: فإن خمري أوتي به من تلك الأرض، فليس هو مثل هذا، قال: هو من أرض أخرى. فلما خلط على الملك، اشتد عليه، فقال: إني أخبرك، عندي غلام لا يسأل الله شيئاً إلا أعطاه، وإنه دعا الله تعالى لي، فجعل الماء خمراً، فقال له الملك: وكان له ابن يريد أن يستخلفه فمات، قبل ذلك بأيام، وكان أحب الخلق إليه، فقال: إن رجلاً دعا الله تعالى فجعل الماء خمراً ليستجابن له، حتى يحيي ابني.
فدعا عيسى فكلمه وسأله أن يدعو الله أن يحيي ابنه، فقال عيسى: لا تفعل فإنه إن عاش كان شراً، قال الملك: لست أبالي أراه فلا أبالي، ما كان، قال عيسى عليه السلام: فإذا أحييته تتركوني وأمني نذهب حيث نشاء؟ فقال الملك: نعم. فادعُ الله أن يحيي ولدي، واستر به.
فدعا الله فعاش الغلام، فلما رآه أهل مملكته، قد عاش تنادوا السلاح، وقالوا: أكَلنا هذا، حتى إذا دنا موته يريد أن يستخلف علينا ابنه، فيأكلنا كما أكلنا أبوه، فاقتتلوا، وذهب عيسى وأمه وصحبهما يهودي، وكان مع اليهودي رغيفان، ومع عيسى رغيف واحد، فقال له عيسى: تشاركني؟ فقال اليهودي: نعم.
فلما رأى أنه ليس معه إلا رغيف واحد، ندم. فلما ناما، جعل اليهودي يريد أن يأكل الرغيف، فيأكل لقمة، فيقول له عيسى: ما تصنع؟ فيقول له: لا شيء حتى فرغ من الرغيف.
(الدر المنثور: تفسير السيوطي 2 : 218- 219).
توقيع : SALMAN |
إذا خسرناك عضو فلا تجعلنا نخسرك زائر
الإرادة بركان لا تنبت على فوهته أعشاب التردد
حيــــــــــــــــــــــــــــــاكم الله في حسابي على تويتر :
SALMANR2012@ |
|