هل من وسيلة لترميم المواطنين؟
محمد علي الهرفي*
رغم ابتعاد مجلس الشورى عن معالجة قضايا المواطنين التي تمس حياتهم بصورة مباشرة فإنه يظل المتنفس الأقرب لهؤلاء المواطنين، وتبقى آمالهم معلقة عليه للتدخل القوي لحل مشاكلهم أو التخفيف منها على أقل تقدير.
ولأن الصعوبات التي تلامس حياة المواطنين بدأت تتزايد بصورة واضحة خاصة بعد الانهيار الكبير الذي وقع في سوق الأسهم والذي لا تكاد أسرة سعودية إلا وتضررت بسببه فإن قيام مجلس الشورى بعمل شيء قوي وسريع أصبح مطلباً مهماً لكل أفراد المجتمع.
قد يكون أمام المجلس عقبات تحول دون تحركه الإيجابي والسريع ولكن حرص القيادة في بلادنا على تقديم كل أنواع الدعم للمواطنين يعد واحداً من أقوى الإيجابيات ليتحرك المجلس وهو يشعر بالاطمئنان الكبير لنجاح آرائه وتحويلها إلى واقع يراه المواطن في واقع حياته..
مأساة الأسهم ليست الوحيدة التي أثرت على حياة المواطنين لكنها - بالإجماع - كانت الأسوأ والأكثر تأثيراً وربما لسنوات قادمة.
أمام هذه المأساة كان لابد للمجلس أن يتحرك وأن يكون معبراً عن آمال المواطنين، لكنه لم يفعل ما كان مأمولاً منه وبقي يتحرك في دائرة ضيقة ربما لعدم وجود صلاحيات لديه تخوله التحرك بصورة أوسع وأشمل ولكن - ومرة أخرى - المواطن يراه من منظور آخر؛ إنه المعبر عنه - أو هكذا يجب أن يكون -.
أدرك أن معظمنا قرأ الخبر الذي نشرته بعض صحفنا من أن مركزاً طبياً تبرع بعلاج المصابين بالأمراض النفسية بسبب الأسهم، هذا الخبر يعطي دلالة واضحة على حجم هذا النوع من الأمراض التي أصابت مجموعة من أفراد المجتمع، ومن المؤكد أن هناك أنواعاً أخرى من الإصابات تحدثت عنها صحفنا ورددها - ولا يزال - أناس كثر في مجتمعنا.
يشكر هذا المركز على فعله، ولعل هناك مراكز أخرى تتحرك في الاتجاه نفسه، ففعل الخير مطلوب وفي جميع الاتجاهات..
رئيس هيئة سوق المال مطالب بأعمال كثيرة وهو يحاول أن يتحرك هنا وهناك، زار مجلس الشورى وتحدث فيه ولكن الناس ما زالوا يتطلعون إلى شيء آخر وهذا الشيء اختصرته صحيفة "عكاظ" على لسان "مواطن" عندما قال: "المؤشر في انحدار، وحالنا والله دمار، ما نفع تغيير أو تعديل أو طول انتظار. شكلوا لجنة جديدة تكشف المستور وتقول الحقايق باختصار" نعم الناس يريدون كشف الحقيقة وإذا كانت الهيئة عاجزة حتى الآن عن كشف الحقيقة فإن مجلس الشورى يجب أن يكشفها.. كشف الحقيقة أول الطريق لحل المشكلة التي ما زالت تؤرق المواطنين.. رئيس الهيئة يقول: إنه لا يملك عصاً سحرية لحل أزمة السوق، والناس - كما أظن - لا يريدون عصاً سحرية لأن السحر حرام!! لكنهم يريدون حلاً عمليا وليس حديثاً لا يوصل إلى شيء.. الحل يجب أن ينطلق من مجلس الشورى.. هكذا أعتقد.. هيئة سوق المال كانت تعلن أنها أوقفت عدداً من المستثمرين لتلاعبهم في سوق الأسهم، وأعلنت أنها أخذت منهم غرامات تتفق وحجم التلاعب الذي مارسوه.. والسؤال: أين هذه الأموال؟ ولماذا لا تعطى لأصحابها؟
البنوك، أخذت عمولات كبيرة على المتعاملين في السوق، والهيئة أعطت الحق للبنوك بعدم إعادة شيء للمضاربين - رحمة بالبنوك!! - فلماذا لا تعاد هذه الأموال للمتضررين؟ أليسوا هم الأولى بها من بنوك تكسب مئات الملايين؟؟ هناك أشياء ينبغي عملها والمجلس هو الذي يجب أن يبادر إلى ذلك إذا كان غيره عاجزاً عن الحركة..
هذه الحلول - حتى وإن عملت- فإنها لا تكفي ولذلك يجب التحرك في اتجاهات أخرى وكثيرة..
من هذه الأشياء قيام بعض أجهزة الدولة بالتخفيف عن المواطنين في رسوم بعض الخدمات، هذه الرسوم إن كانت مقبولة في الماضي فإنها شاقة جداً هذه الأيام.. هناك فرق بين الرسوم المفروضة على الشركات والمفروضة على المواطنين.
كل أنواع الرسوم يجب إعادة النظر فيها، كما يجب إعادة النظر فيما ينبغي فعله للمواطنين.. المساعدة في إيجاد المساكن اللائقة، والمساعدة في إيجاد العلاج المناسب والتعليم الجيد، كل هذه أمور من حق مجلس الشورى أن يتحرك وبقوة لتحقيقها..
أعداد كبيرة من المواطنين بحاجة إلى "ترميم" وهذا "الترميم" سيحد من مشاكل كثيرة قد تصيب المجتمع في مقتل إن لم يتحرك الجميع ممن يملك القدرة على التحرك..
مجلس الشورى مؤهل للتحرك في هذا الاتجاه وعليه أن يتجاوز صلاحياته ليقدم الأفضل وأعتقد أنه سيجد أذناً صاغية من كل المسؤولين..