03 / 05 / 2005, 58 : 01 PM
|
|
ادارة المهمات الخاصة للمنتدى
|
المنتدى :
اقلام صحفية 2005-2010 |
تاريخ التسجيل |
العضوية |
المشاركات |
بمعدل |
المواضيع |
الردود |
معدل التقييم |
نقاط التقييم |
قوة التقييم |
19 / 03 / 2005 |
4 |
2,831 |
0.39 يوميا |
|
|
297 |
10 |
|
|
|
|
نموذج أوكيناوا
هناك قصة طريفة تتحدث عن مسافر مر بإحدى القرى فوجد شيخاً تجاوز الثمانين
يبكي بحرقة، وحين سأله عن السبب، قال الشيخ: ضربني والدي.. فاستغرب الرجل وقال:
وهل لك والد في مثل هذه السن!؟. قال الشيخ: نعم.. فعاد الرجل وسأله: ولماذا ضربك
والدك!؟ قال الشيخ: لأنني كسرت عكاز جدي!!
هذه الحكاية تذكرتها اليوم بعد أن قرأت خبراً عجيباً من اليابان، فرغم أن اليابان تتمتع
بأعلى متوسط للعمر في العالم (80 عاماً للرجال، و82 للنساء) إلا أن اليابانيين أنفسهم
يتحدثون بإعجاب عن جزيرة أوكيناوا وكيف يتجاوز الناس فيها سن المائة بسهولة.
وكما حصل مع المسافر - في القصة السابقة - من الطبيعي أن تجد في أوكيناوا حفيداً
في عمر الثمانين يعتني بوالده في سن المائة أو جده في سن المائة والعشرين!!
وحسب آخر الإحصائيات يعيش في هذه الجزيرة أشخاص وصولوا إلى سن المائة بنسبة
تفوق بأربع مرات اليابان نفسها (وتفوق سيراليون والجابون في أفريقيا بأربعين مرة).
ورغم أهمية العامل الوراثي - وعدم إنكار دوره في طول العمر - إلا أن أهالي أوكيناوا يتمتعون أيضاً بعادات صحية تؤهلم لبلوغ هذا العمر. فهم على سبيل المثال أقل الناس
استعمالاً للسيارات في اليابان وأكثرهم ممارسة للمشي. كما أنهم يستهلكون كميات
كبيرة من الأسماك وزيت كبد الحوت - ومع هذا لا تتجاوز السعرات الحرارية التي يتناولونها
1800 كالوري في اليوم (مقارنة ب 2500 كالوري في أوروبا والأمريكيتين)!!
.. وفي الحقيقة، نموذج أوكيناوا يكاد يتكرر في معظم دول العالم. ففي كل دولة تقريباً
لا بد من وجود منطقة يصل فيها الناس - مقارنة ببقية السكان - إلى سن متقدمة. ففي
بلغاريا مثلاً هناك سكان الوادي الأزرق (حيث يستهلك الناس كميات مهولة من اللبن الرائب)
وفي أمريكا اللاتينية هناك قرية فولكابومبا في الأكوادور (التي سنتحدث عنها لاحقاً)
وفي انجلترا يتجاوز الناس بسهولة سن المائة في قرية بيرشور، وفي روسيا يعيش الناس
في أعالي الفولغا أطول من أي منطقة أخرى - وفي إيران تضم بلدة اقليد أكبر نسبة
من المعمرين ممن تجاوزوا سن المائة.
أما على مستوى العالم ككل، فهناك قرية «فولكابومبا» في الأكوادور التي يتجاوز
معظم الناس فيها سن المائة. ففي هذه القرية - التي تقع جنوب البلاد - من الطبيعي جداً
رؤية رجال تجاوزوا التسعين والمائة يتسلقون الجبال وصولاً لمزارعهم على سفوح الانديز،
أما النساء - ممن تجاوزوا ذلك السن - فيشغلن يومهن بغزل الصوف وجمع قصب السكر.
أما نسبة من بلغوا سن المائة (مقارنة بعدد السكان) فتتجاوز في فولكابومبا عشرة
أضعاف النسب المعتادة في اليابان والسويد وفرنسا.
وقرية فولكابومبا ظلت مجهولة للعالم حتى لاحظ الدكتور ميجيل سلفادور (أشهر جراح قلب
في الأكوادور) أن ما من شخص فيها مات إثر نوبة قلبية - أو حتى عاني من أمراض القلب والشرايين. فهذه القرية (بالإضافة إلى اشتراكها مع أوكيناوا في كثير من العادات الصحية)
تقع على ارتفاع 1500 متر فوق جبال الانديز. وهذا الارتفاع يقلل من معدل أكسدة الخلايا (المسؤول الأول عن هرم الجسم) ويرفع نسبة الكريات الحمراء والبيضاء (وبالتالي زيادة
قوة التحمل والمناعة). أضف لهذا فإن القرية ذاتها بعيدة عن مراكز الإنتاج الصناعي
ولا تعاني من أي تلوث جوي ويشرب سكانها من نهر غني بمادة الحديد (الذي يلعب
دوراً مهماً في الوقاية من أمراض القلب وارتفاع الضغط وله مفعول جيد في شد البشرة
ومنع التجاعيد)!!
.. كل هذا يجعلني أجزم بأن القصة التي بدأنا بها المقال حدثت - بطريقة ما - في
فولكابومبا!!
فهد عامر الأحمدي
الرياض
|