الإنسان هو الثروة الحقيقية لكل مجتمع ودولة وبلد, وهو الثروة التي تتعالى عن كل
الأثمان والأموال, ومقابل ذلك كان قدره واختياره معاً الضلوع بمسؤولية تعمير هذا الكون
وإثرائه بتجاوز كل التحديات والمصاعب والإشكاليات, التي تحف بالحياة من كل صوب وجانب,
وهذه المسؤولية العظيمة والخطيرة معاً تحتاج من الإنسان الكثير من النماء المعرفي والعلمي
أو الثقافي الذي يصنع التمايز والاختلاف بين الناس والشعوب. والمؤكد في قوله تعالى:
{قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون} وقوله: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات}
. لذا كانت أولى أولويات الإنسان في حياته البحث عن المعرفة بانفتاح يسترفد كل مناهل
ومصادر العلم والمعرفة مستضيئاً بقوله عليه الصلاة والسلام: (الحكمة ضالة المؤمن أنّى
وجدها فهو أحق بها).
والنماء المعرفي أو الثقافي كان ويكون لبناء وإعمار الإنسان ومَنْ حوله لتكوين وحدة تتضافر
وتتعاضد لأداء أمانة قرر أن يحملها مُؤجلاً التفكير في كيفية الحمل والأداء, ليغدو بين شد
وجذب, ونجاح وإخفاق, ولتأتي الرؤيا والرسالة كفرسي رهان يحملانه إلى تحقيق
المستقبل, وليتحول الحلم حقيقة وواقعاً لا تفصل بينهما المسافات.
أمران اثنان كانا الباعث لكتابتي في هذا الموضوع, أولهما
: قراءتي لكتاب بعنوان: كيف تخطط لحياتك? للكاتب المبدع د.صلاح صالح الراشد,
الذي يجزم بتحويل العالم العربي إلى قادة مبدعين منجزين باكتشاف كل منهم لرسالته في الحياة, ووضع رؤى مستقبلية ريادية لكل من يريد أن يكون أحد عظماء العالم لا مشرديه,
كون (الشخص الذي لا رسالة ولا رؤية له معرضاً لهزات اجتماعية ونكبات مالية واضطرابات
نفسية.. بينما كل إنسان يحمل رسالة واضحة فهو عظيم).
والمسؤول عندما يكون صاحب رؤية ورسالة: لابد وهو في مقعد الأمانة أن يصوغ المستقبل
بإبداع وبهاء مستديم عصي على الاستهلاك والزوال, فحضارة المكان وجمالياته تتوالد وتتكاثر
بريادة وقيادة تمتهن التخطيط بتعدد أبعاده العاجلة والآجلة لأقرب وأبعد مدى بامتداد إلى
مئات السنين لأجيال تتعاقب لحمل الرسالة وإنجاز وتحقيق الرؤى الأجمل والأبهى, ليكون
الباعث الثاني: تهنئة أزفها إلى جدة العروس الأجمل دوماً, والأوفر حظاً وسعادة بأمينيها
السابق واللاحق: العاشقان لترابها وبحرها وسمائها, فكلاهما صاحب رؤية ورسالة للمدينة
التي أحباها وعشقاها برؤية (جدة العروس) المدينة المتأملة الخدمات بتنمية عمرانية
مُستديمة للإنسان والمكان, ورسالة تؤمن بأهمية تقديم خدمات بلدية بمستوى
مرموق من الجودة والكفاءة ضمن بيئة محفزة على العطاء حتى تكون دائماً (جدة الغد الأجمل).
جريدةعكــــاظ
د. نائلة قاسم لمفون
الإثنين - 11/2/1426هـ ) الموافق 21 / مارس/ 2005