عرض مشاركة واحدة
  المشاركة رقم: 1  
قديم 17 / 02 / 2007, 45 : 07 PM
أبو القوافي
ضيف عزيز
المنتدى : نبض المشاعر
تاريخ التسجيل العضوية العمر المشاركات بمعدل المواضيع الردود معدل التقييم نقاط التقييم قوة التقييم
08 / 12 / 2006 3134 61 26 0.00 يوميا 220 10 أبو القوافي is on a distinguished road
أبو القوافي غير متصل

" الطريق إلى الشعر " [1]

أحبتي الكرام محبي الشعر والراغبين في نظمه
يظن الكثير منا إن الشعر مجرد عواطف هائجة تعبأ في ألفاظ ... ولكن الشاعر إضافة إلى امتلاكه الموهبة الصادقة لابد وأن يسير في طريق الشعر ليتعلم كيف يدير موهبته من خلال تمكنه من أدوات الشعر وعناصره وسوف أبدأ لكم مشوار الشعر في صورة محاضرات متتالية ومن يحب الشعر ويريد أن يبتدئ عليه أن يسير معي في هذا الطريق حتى يصل إلى امتلاك قياد الشعر

وهذه هي المحاضرة الأولى :

علينا بدءا قبل تعلم أوزان الشعر وقوافيه أن نعرف ماهية التجربة الشعرية وكيف تتولد القصيدة الشعرية عند الشاعر
س : فما هي التجربة ؟ وما هي الشعرية ؟

ج : التجربة : منفردة تعني مجموعة من العناصر الأحادية التي يتم إضافتها إلى بعضها البعض بمقادير محددة لتعطي في النهاية مركبا هو مزيج من كل تلك العناصر .

والشعرية : تعني أن نفس الشاعر أصبحت كمعمل تتجمع فيه عناصر أحادية أيضا ليكون المركب النهائي للمتلقين قصيدة هي مزيج من كل تلك العناصر .

س : ماذا تعني القصيدة ؟
ج : القصيدة سلوك يسلكه الشاعر مثل أي سلوك إنساني والسلوك الإنساني في علم النفس عبارة عن ( مثير ثم استجابة )
مثال { لو رأى رجلٌ كوبا من الماء فإنه سيمد يده ويشرب ) " فكوب الماء [ مثير ] ومد اليد لشربه [ استجابة ] ولكن :
نحن لم نرَ من سلوكه سوى أمرين : 1- رؤيته كوب الماء . 2- مده يده وشرب الماء

ولكنه هنا وفق ما قاله علماء النفس قد مر بثلاث مراحل :
1- مرحلة الإحساس بالمثير ... ولكن الإحساس وحده لا يكفي .
2- مرحلة التفكير في المثير وكيفيه الاستجابة : فالتفكير في المثير وكيفية الاستجابة مرحلة مهمة انتقاليه إلى المرحلة الثالثة .
3- مرحلة التعبير : وهي المرحلة الوحيدة المرئية لنا عبر كل مراحل سلوكه منذ بداية الإحساس بالمثير . فيصدر العقل أو الفكر إشارات كهربائية لليد فتتحرك نحو الكوب لتحمله إلى الفم للتعبير عن حالة العطش التي مر بها الرجل .

ولو استبدلنا الرجل العادي بـ ( شاعر ) سنجد أن الشاعر سيمر بالمرحلتين الأوليين اللتين مر بها الرجل العادي وهي مرحلة ( الإحساس بالمثير - ثم مرحلة التفكير في التعبير عن ذلك المثير )

* ولكن الشاعر سيختلف عن الرجل العادي في المرحلة الأخيرة فبدلا من مد يده ليشرب الماء سينظم قصيدة . إذن فقد اختلف بوسيلة التعبير ...

* وإن كان الرجل العادي وسيلة التعبير عنده هي يده فإن الشاعر في قصيدته يملك ثلاثة أذرع للتعبير هي :

1- اللفظ . 2 - الخيال . 3 - الموسيقى
وتعالوا نتعرف كيف نوظف آليات التعبير الثلاثة للتعبير عن الحالة التي يمر بها الشاعر .

1- اللفظ : اللفظ هو وعاء العاطفة ... فكلنا نملك نفس المشاعر ونفس المعاني " وعلم آدم الأسماء كلها " صدق الله العظيم ... ولكن الكثير منا في أحيان كثيرة يبغي التعبير عن إحساس ولكنه يشعر بالعجز عن النطق به على الرغم من وجود المعنى في خياله ... إذن فلكي نكون قادرين على حمل معاني نفوسنا في ألفاظ مناسبة لابد من زيادة حصيلة المرادفات في عقلنا ولن يتأتى هذا إلا بالكثير من القراءة لشعراء آخرين حتى نتأثر بألفاظهم ثم القراءة في كل المجالات ما رحبت وكل العلوم ماوسعت دون توقف حتى بعد تمكننا من قول الشعر فنحن نحتاج دائما إلى زيادة رقعة المعجم الخاص بنا في الذاكرة .

2- الخيال : وهو التصوير الذي نضع فيه تصوراتنا من استعارات ومجازات وكنايات لتمثيل المواقف وتقريب المعاني لجمهور السامعين فمثلا " لو رأينا سيارة تدهم رجلا " فسنعبر عن هذه الحالة بطريقتين :
أ- أحدنا سيقول : " سيارة دهمت رجلا "
ب- الآخر سيقول : " وجدت أسدا شرسا يهجم على فريسة في الطريق فيلتهمها ويمزق أشلاءها "

بالتأكيد سيكون الثاني أكثر تأثيرا فينا من الأول لأنه شبّه السيارة بأسد هصور والرجل المصروع بفريسة مسكينة . من هنا فخيال الثاني الخصب قد حُمّل في تصوير جميل شد مشاعرنا وانتزعها من بين صدورنا " ولنا وقفة في شرح كيفية استخدام هذا الخيال وتركيبه في محاضرة البلاغة التالية إن شاء الله تعالى " فقط هنا نتعرف على وظيفة الخيال

3- الموسيقى : وهي النغمات التي يستخدمها الشاعر ويصب فيها إحساسه وكذلك القوافي التي تمثل الإيقاع النابض في نهاية البيت الشعري .. وهي المسماه بعلمي العروض والقافية فللنغم علم هو " علم العروض " و للقافية علم هو " علم القافية "
ملاحظة : من هنا نعلم أهمية أوزان الشعر التي يحاول بعض الشعراء المحدثين التخلص منها حيث يسقطون أهم عناصر التجربة الشعرية ...
وحين كنت صغيرا في سن العاشرة أتعلم العروض والقافية على يد أستاذي الجليل رحمه الله " أحمد السمرا " الشاعر المصري العظيم كنت أقول له " يا أستاذي هل علم العروض والقافية هام لهذه الدرجة ألا يصح أن ننظم من غير وزن على غرار بعض الشعراء المحدثين " فكان يسبني ويقول لي " يا ...... من يبدع وهو مقيد خير ألف مرة ممن يبدع وهو متحرر . فإبداع المقيد يدل على عبقريته الخالدة وإبداع المتحرر يدل على استوائه بالعامة "

وإلي لقاء في المحاضرة القادمة لنخطو أولى الخطوات نحو تعلم البلاغة وهي مرحلة التعبير الثانية التي تخدم الخيال عند الشاعر ........... حيث أن وسيلة التعبير الأولى " اللفظ " متروكة لكم وقراءاتكم الحرة في مجال الشعر وغيره .

أراكم على خير في مثل هذا اليوم من الأسبوع القادم وسيكون لقاؤنا كل يوم جمعة بإذن الله .

أخوكم في الله " أبو القوافي "







رد مع اقتباس مشاركة محذوفة