25 / 06 / 2007, 42 : 08 PM
|
|
مؤسس الموقع
|
المنتدى :
اقلام صحفية 2005-2010 |
تاريخ التسجيل |
العضوية |
الدولة |
المشاركات |
بمعدل |
المواضيع |
الردود |
معدل التقييم |
نقاط التقييم |
قوة التقييم |
14 / 03 / 2005 |
1 |
المكتبة |
7,618 |
1.05 يوميا |
|
|
393 |
10 |
|
|
|
|
الفتى والقبعة السوداء
فتى في ريعان الصِّبا، تسري في عروقه قوَّة الشباب وفتوَّتُه، مؤمنٌ بربه، سليم الفطرة، عوَّده أهلُه على الصلاة منذ طفولته، متميِّز في دراسته، تدلُّ نشأته على استقرارٍ نفسي جميل يحتاج إليه آلاف شبابنا التائهين في أحلامهم.
قال عنه عمُّه: أما ابن أخي هذا فهو نادر في شبابنا، ليت أبناءَنا مثله أو قريباً منه، قلت له مازحاً: قل: ما شاء الله، وادع لأبنائك أن يكونوا كذلك، قال ضاحكاً: أقول: ألف ما شاء الله، قلت: تكفيك واحدة وما تبقى هديَّةٌ مني إليك، ويا ليت كلّ من يعجبه من نفسه أو أهله أو من الناس شيء يقول هذه الكلمة حتى لا يكون سبباً في أذى أحد.
الفتى ذو أدبٍ جَمٍّ ووقار، بدأ يحفظ أجزاءً من القرآن الكريم باهتمام، أسئلته حينما نلتقي به تدل على تطّلُعه إلى المعرفة والعلم، أخلاقه راقيةٌ تدلُّ على نفسٍ هادئة مطمئنة، التقيت به مرةً في متجر وكان مكشوف الرأس، فسلَّم عليَّ قائلاً: اعذرني يا دكتور فأنا جئت على عجل ولم ألبس لوازم الشخصية السعودية المعتادة (عقال وشماغ وطاقية) وكانت ملامح وجهه تدل على الحياء، قلت له: وماذا يضيرك، ليست اللوازم التي ذكرتها أمراً واجباً، ولم تعد الآن ضرورةً اجتماعية في كل مكان كما كانت في السابق، فأنت الآن يا بني ترى معظم الرِّجال في مثل مقامك هذا لا يلتزمون بتلك اللوازم، ولمَّا فارقته دعوت له بالثبات، ومرَّت الأيام حتى حال بيني وبينه لقاء عام، وحينما التقيت بوالده سألته عن أهله، وخصصت هذا الفتى بالسؤال، فقال: أبشرك إنه انتهى من الثانوية بتفوُّق، وسافر إلى الخارج في بعثةٍ لإكمال دراسته ولم يكن خبر ابتعاثه هذا جميلاً بالنسبة إليَّ لأسبابٍ كثيرة تتعلَّق بهذه المرحلة من العمر التي يُزَجُّ فيها بمثل هذا الشاب في تجربةٍ تحتاج إلى وقفة، فقلت لأبيه: أما كان بإمكانه أن يكمل دراسته الجامعية هنا ثم يذهب إلى الخارج إذا احتاج إلى ذلك؟.. قال الأب: لقد أغراه عدد من زملائه بالذهاب ولم أرد الوقوف في وجهه، وهو كما تعرف قادرٌ بإذن الله على الحصول على المفيد، وترك ما لا يفيد، ودعوت له من قلبي بالتوفيق وأنا أودِّع أباه.
ومضت شهور ونحن - كعادتنا - نغوص في شواغل هذه الحياة ومتاعبها، وبينما كنت انتظر الصعود إلى مكتب في إحدى الدوائر أمام المصعد، رأيت فتىً قادماً إليَّ يضع على عينيه نظارةً سوداء، وتستقر على وسط رأسه قبعة سوداء، وسلَّم عليَّ ثم رفع نظارته ومدَّ يده إليَّ مصافحاً ومعانقاً فإذا به ذلك الفتى الذي أعرف، ورحَّبت به ترحيباً يعبِّر عن فرحتي بلقائه، ودعوته للجلوس قليلاً في ذلك المكان، قلت له: ما أخبارك وكيف سير دراستك؟ وتحدَّث إليَّ بأمورٍ كثيرة وصعوبات وتعقيدات أمنية في ذلك البلد الذي سافر إليه، وتحدَّث إليَّ دفعة واحدة عن حرِّية الحياة الاجتماعية، وأمورٍ أخرى تتعلَّق بالعلاقات بين الأديان، وبين الجنسين الذكور والإناث، وكان مندفعاً في كلامه، كأنَّما هو موكَّلٌ بإلقاء ما لديه دفعةً واحدة، وكأنما هو مبرمجٌ على ذلك، كنت أتأمل القبَّعة السوداء الصغيرة، وأتأمَّل ملامح وجهه التي طرأ عليها تغيير كبير، واستمع إلى بعض ما يطرح، وأشعر في أعماقي بحجم المشكلة وكان لي بعد ذلك معه ومع أبيه لقاءات فيها مما يؤلم أكثر مما يسر ويرضي.
إشارة: هل ننغلق؟ كلاَّ، ولكن السؤال المهم هو: كيف يكون الانفتاح؟
================
عبدالرحمن صالح العشماوي
توقيع : SALMAN |
إذا خسرناك عضو فلا تجعلنا نخسرك زائر
الإرادة بركان لا تنبت على فوهته أعشاب التردد
حيــــــــــــــــــــــــــــــاكم الله في حسابي على تويتر :
SALMANR2012@ |
|