الموضوع: الطفل والجلاد
عرض مشاركة واحدة
  المشاركة رقم: 1  
قديم 11 / 08 / 2007, 58 : 08 PM
zoulikha
ضيف عزيز
المنتدى : الحياة الاجتماعية 2005-2010
تاريخ التسجيل العضوية الدولة المشاركات بمعدل المواضيع الردود معدل التقييم نقاط التقييم قوة التقييم
05 / 12 / 2006 3124 كتبت اربعة كتب وعدة مقالات في المواقع والصحف 23 0.00 يوميا 219 10 zoulikha is on a distinguished road
zoulikha غير متصل

الطفل والجلاد

الطفل والجلاد

بقلم السيدة بن اسماعين زليخة خربوش


ليت للمسئول عينا فترى ما يلاقيه الطفل من عناء

كتبت وأعدت وأعيد الكتابة في هذا الموضوع لان المأساة سائرة متكررة والطفل يعاني يوميا من الضرب والاهانة. كلنا يحب الطفل ويرغب في وجوده ولا احد يتنبه الى ما تعانيه الطفولة من الكرباج والجلد المادي والمعنوي . لا أحد يعلم ان ما نستره تحت غطاء الحوادث والأمراض النفسية والجسدية ما هو الا نتيجة المعاملة السيئة التي يلاقيها الطفل اثناء عقابه من اجل تقويم تصرفاته واخطائه . أليس من العار والخجل ان نضر من حيث نريد النفع ؟ هل سأل احد الزبانية نفسه يوما عن انفعالاته وتصرفاته ؟ اليس من الجبن والخسة ان ينقض المربى كالثور على صغير ارتكب خطا ما ولا محايدة له عنها ؟ عار عظيم ان نرى الطفل مخضبا ممزقا مرميا على الارض والخوف يمزق صدره ويلون وجهه ا لبرئ .
طبعا نرفض ان نسمع ونقرا خبرا كهذا لان مثل هذا التصرف لا يليق لا بالمربين ولا بالاباء... الحقيقة مرة ومزعجة ، وفضيحة ضرب المربي المتهور للطفل تخيفنا وتشل ضمائرنا ...حتى الحيوان المتوحش لا يتجرا على تمزيق صغيره والانسان المتحضر- زعما- يصل الى هذه الوقاحة .
يحق لنا ان نتساءل : ماذا فعلت الجمعيات والمؤتمرات واحياء الذكريات لحماية الطفل؟ هل حاولت ان تخفف من آلام الطفولة ؟ وهل حاربت ما ينكصها ام بقي حديثها شعارات ومقرات وخطب لم يتحقق ثلثها ...هل تصدت للذل الذي يعاني منه الطفل يوميا ... الواقع لم نسمع شيئا من هذا .
كانت سلطة المربي مطلقة ولا زالت اعمار الاطفال بيد المربين عندنا ولا زال الطفل عرضة للاخطار المادية والمعنوية ... كلنا يذكر طفولته ...كانت البندقية والكرباج تعلق على الجدار كتحفة فنية كنا نبول في ثيابنا لمجرد رؤية الكرباج دون نضرب به لان مجرد وجوده يرمز للسلطة لكن خطورته تكفي في ان نراه رمزا للسلطة المطلقة التي تولد في نفوسنا : اما الخوف والجبن واما العنف والارهاب ...
عندما يشعر المربي بفقدان سلطته على الصغير بواسطة الكلام يلجا الى الركلة والصفعة والتعذيب لفرض سلطته وهذا من اكبر الاخطاء التربوية وأفضحها لانها تؤثر على حاضر الطفل ومستقبله ومستقبل بلاده ... وغالبا ما تكسر شخصيته وحريته .
الطفل ليس كومبيوترا ينفذ ما يطبخ في ذهن من يربيه... الطفل ايضا له شخصيته وعلى المربي ان يبحث عن بناء هذه الشخصية ويكتشف مواهبها .
تقول إحدى الامهات: يجنني طفلى بوقاحته وقلة ادبه اضربه واعيد ضربه حتى اشفي غليلي ...عندها فقط استعيد توازني لانني اظهر له سلطتي عليه ..والحقيقة لم اضرب الا نفسي دون ان اصلح شيئا ... تتمزق اعصابي اكثر واندم على ضربه ... اني اكره العنف ولكن ما العمل ؟
يقول احد الاباء : لا اريد ان اضرب طفلي ولكن اريد ان اكون السيد المطاع في هذا البيت يجب ان يكون سيد واحد في البيت وهذا السيد هو انا ... وهنا تكمن مصيبة امتينا العربية والاسلامية .
ان الشرف والرحمة والحب والمبادئ الاخلاقية لا تغرس بالكرباج او بقرار سياسي هي نبات يزرع ويسقي وينمو ويخضر ويزهر فيثمر .
وهناك من يضرب الطفل لان يداه تعودت على الضرب ، ضرب الضعفاء ، انا اقوى اذن انا موجود...
يقول احدهم :احاول ان اتحكم في اعصابي لكن الله غالب... الضرب خير من الكلام وتصدع الرأس ... لا مناقشة مع الصغار انهم شياطين – يتكلم وهو يحك يديه كالمنتصر – عندما يتكلم ابني اقول له غم فاك فاذا لم يسكت الصفعة تسكته حينا .
كلنا يري ضرب الاطفال ويسكت ... يضرب الطفل في البيت في الشارع في المدرسة في الحمام في الملاهي في الحافلة ... الطفل يهان امام المجتمع ولا احد ينهى عن المنكر او يحاول تغييره ... حقا ان الطفل متفنن في اثارة اعصابنا لكن تعقل الكبار واجب لايحق لنا ان نرميه كالجثة المسلوخة لسبب خطا...
هذه ام لطفل في الشهر العاشر من عمره تقول: عندما يبكي طفلي ارى في بكائه اعتداء علي ... اشعر بالذنب ثم اتقمص موقفا عدائيا ضده فاهزه كقربة اللبن وارميه في المهد واهرب خوفا من نفسي ان اقتله ... مع ان هذه الام تحب ابنا كبقية الامهات لكن بين الحب والكره شعرة واحدة .
اين حدود العقاب ومتى يبتدئ العلاج ؟ ان الحد الفاصل ضيق و سهل العبور ... يجب ان نعرف ان العنف قنبلة تؤدي الى كارثة ... لنعرف اولا كيف يتحول المربى الى جلاد ... ان الذي لا ينال نصيبه من الحب في صغره لا يمكنه ان يمنحه لغيره ...والمربي العنيف هو من شهداء الطفولة المعذبة الذين واجهوا معاملات قاسية ، وهؤلاء المعطوبين نفسيا يواجهون صعوبة في تكوين علاقة عميقة مع ابنائهم واهلهم لانهم فقدوا الثقة بانفسهم وبالناس واشرفوا على حافة الحماقة ،انصحهم بان يطلبوا مساعدة النفسانيين ...ولا يحاولوا تعويض ما فقدوه في ابنائهم ، مع الاسف الطفل لا يستطيع ان يلبي هذه الرغبة لوالديه لانه هو ايضا في حاجة اليها وهو احق بطلبها ...
اذا تبول الطفل او بكي او رفض الاكل يظن الاباء ان الطفل فعل ذلك عمدا لانه طفل مزعج ، وتحت برنوس التربية يعاقبونه علي انه شرس ولا يعلمون ان معاملتهم سوف تحول هذا الطفل اما الى طفل مشاغب حقا لا يهدأ له بال حتى يري المشرف على تربيته في موقف انفعال ، واما ينقلب الى طفل عنيف ارهابي واما ينقلب الى متملق لابيه او اصحابه .
ومن العواقب الخطيرة ان الطفل الذي اكل الضرب المباح سوف يكون بدوره ابا قاسيا على ابنائه ويحمل الضرب الذي اكله في طفولته الى ابنائه، وسوف يكون مرشحا ليكون ارهابيا او جلادا او حاقدا على ابناء وطنه ومن هنا تاتى الحساسية بين الزوجين ...فتؤهلهما الى الخصام والانحراف والعيش في حالة الانهيار الذي يدفع بالام الى الثار من اطفالها وهكذا يصبح البيت كبيت العنكبوت ويتعرض الى التفكك ... وما تفعله التربية السيئة تفعله كذلك الاوضاع الاجتماعية الرديئة ، كالبطالة والسكن الضيق وكثرة الافراد والولادة المتقاربة التي تتعب الام وتعرضها للوسواس .
عادة لا يتدخل الناس بين الاباء واطفالهم حتى لو تعرضوا للمخاطر، ولهم الحق ،لانهم لا يرون من هو احن على الطفل من ابويه والطفل لا يشعر بالامن اذا فقد احدهما ولا يؤدي ذلك الا للتفكك الاسري ، ووضع الاسرة تحت حماية اجتماعية ليست لنا القدرة عليه اليوم ...هناك مئات الاطفال يعيشون علي هامش الحياة ولا يمكن تبنيهم لكثرة شذوذهم لان الذي عانى الضرب والاضطهاد يتخذ موقف عداء ضد كل الناس، الشىء الذي ينفر الناس منهم ...يبقي الحل الوحيد هو الوقاية المشتركة وكل واحد يعترف انها التربية الايجابية وهذه تبدا قبل الولادة. يجب الاهتمام بصحة الام النفسية والبدنية ومما يسهل الامر هو ان اغلب الولادات تقع في المستشفي فعلي النفساني ان يراقب تصرفات الام اثناء الحمل وزيارة النفساني للحامل لها تأثير على تغيير الافكار، ومسؤولية الاباء في التربية تبدا منذ المرحلة الاولي الي النهاية .
هذا واذا سال احد الاباء نفسه لماذا يتجرا على ضرب الصغار لكان الجواب سهلا لان الطفل الصغير لا يستطيع الدفاع عن نفسه وليس هنا الا منطق القوة يحكم هذا المجتمع . ان الذي يسكت على ضرب الصغار شريك في الجريمة ...والجلد لا ينحصر في الضرب فقط وانما ايضا في قلة العناية بالطفل والقذف به الى اخطار الشارع ، وعدم الاهتمام يولد خسائر معنوية اخطر من الضرب . اذا لاحظ احدنا اثار الضرب او العقاب وجب عليه ان يفضح الفاعل ويخبر رجال الامن لان الطفل ايضا له الحق في الحماية المدنية ... من واجب الدولة والمجتمع ان ينقذوا الطفولة الشهيدة من كوابيس الجلادين .

zoulikha







رد مع اقتباس مشاركة محذوفة