13 / 08 / 2007, 10 : 02 PM
|
ضيف عزيز
|
المنتدى :
الثقافة الاسلامية 2005-2010 |
تاريخ التسجيل |
العضوية |
الدولة |
المشاركات |
بمعدل |
المواضيع |
الردود |
معدل التقييم |
نقاط التقييم |
قوة التقييم |
01 / 02 / 2007 |
3241 |
egypt |
39 |
0.01 يوميا |
|
|
217 |
10 |
|
|
|
|
هدم الأقصى عقيدة صهيومسيحية
هدم الأقصى عقيدة صهيومسيحية
بعد ظهور العقيدة البروتستانتية* في أوروبا بدأ الناس يرجعون إلى الأصول التوراتية، وقام مارتن لوثر صاحب حركة البروتستانت بترجمة التوراة إلى اللغة الألمانية، وكذلك الإنجليزية، وقد انتشرت الحركة البروتستانتية أكثر ما انتشرت في ألمانيا وبريطانيا وآمن هؤلاء بحرفية الكتاب المقدس وعصمة التوراة،
وأن كل حرف في التوراة هو حق من عند اللّه وبدأوا يقرأون مثل نصوص الوعد لإبراهيم وليعقوب، فآمنوا به وبضرورة تحقيقه، وأعرضوا عن تفسيرات البابا ورجاله للعلاقة مع اليهود.
وابتهج اليهود بهذه الحركة ووجدوا فيها متنفساً لهم وفرصة للانتقام من البابا وأتباعه، وضرب النصارى بعضهم ببعض؛ فسخروا مكرهم ودهاءهم وأموالهم لنشرها، وهكذا بدأت العلاقة بين اليهود والنصارى تتحسن بالتدريج وبدأ هؤلاء النصارى يؤمنون بأن أرض فلسطين هي الأرض الموعودة لليهود، وأن الواجب الديني يقتضي تحقيق هذا الوعد.
وأخذ اليهود في نشر هذه المبادئ بين سائر طوائف النصارى، وشهد القرنان الماضيان من الحروب الطائفية في أوروبا ما لا نظير له في التاريخ، واكتشفت أمريكا في وقت كانت الحرب على البروتستانت من قبل الكاثوليك كبيرة وعنيفة مما اضطر البروتستانت إلى الهجرة إلى العالم الجديد، فأخذوا يتدفقون نحوها وإلى الآن لا يزالون هم أكثر سكان أمريكا .
وقد خرجوا من أوروبا بروح التدين التوراتي، فلما دخلوا أمريكا تفاءلوا بأن هذا خروج كخروج بني إسرائيل ودخولهم إلى الأرض المقدسة، وأخذوا يسمون المدن والمناطق في أمريكا بأسماء من التوراة، واعتقدوا أن هذه الأرض البكر بشرى بشرهم اللّه بها في الدنيا، وتأسس المجتمع الأمريكي على أساس بروتستانتي توراتي .
ولعل في ذلك بداية الجواب على سؤال هام وهو لماذا في هذا العصر دونما قبله من العصور يسعى النصارى لتحقيق وعد اليهود ويتحولون من اضطهادهم إلى خدمتهم؟!
أولا: الصهيونية النصرانية
كانت نتيجة الحركة البروتستانتية والتغلغل التوراتي فيها هي ظهور فكرة الصهيونية النصرانية قبل فكرة الصهيونية اليهودية ، وتبنيها لفكرة عودة اليهود إلى فلسطين تمهيداً لعودة المسيح التي كان بعضهم يظن أنها ستكون بداية هذا القرن الميلادي.
وأبرز رجال هذه الحركة في أمريكا هو: بلاكستون الذي تحتفل إسرائيل بذكراه، وهو ليس يهودياً؛ بل بروتستانتي ولد عام (1841م)، ودعا إلى الحركة الصهيونية قبل هرتزل بزمن وذلك في كتابه المسمى: عيسى قادم ، وكان أوسع الكتب انتشارا في القرن التاسع عشر في الغرب.
ويتلخص فكر بلاكستون فيما أسماه: " الاستعادة الأبدية لأرض كنعان من قبل الشعب اليهودي" واستطاع بلاكستون بعد ذلك أن يصوغ مع طائفة من أعوانه عريضة ويوقعها مع أكثر من 413 شخصية أمريكية من النواب والقضاة والمحامين والنخب، ويرفعوها إلى الرئيس الأمريكي " بنيامين هاريسون " عام (1891م) يطالبونه فيها باستخدام نفوذه ومساعيه لتحقيق مطلب الإسرائيليين بالعودة إلى أرض فلسطين.
وتزامن مع ذلك أن أسس البروتستانت في بريطانيا صندوقاً سمي: صندوق اكتشاف فلسطين ، أيام حكم الملكة فيكتوريا ، وكان رئيس الصندوق هو رئيس أساقفة كنتربري - وهو أكبر الأساقفة في بريطانيا - وذلك بغرض اكتشاف أرض الميعاد وحدودها ومعالمها كما وردت في التوراة.
وهناك العديد من الشواهد على سبق الحركة الصهيونية النصرانية ورسوخها منها:
أ - قول حاييم وايزمان : ' إن من الأسباب الرئيسية لفوز اليهود في الحصول على تصريح بلفور من بريطانيا بإنشاء الوطن القومي اليهودي هو شعور الشعب البريطاني المتأثر بالتوراة.
ب - بعد ذلك ظهر الرئيس ولسن الذي كان يحكم أمريكا أثناء الحرب العالمية الأولى حينما كان العرب يحاربون إلى جانب الحلفاء، ويقول ولسن عن نفسه:
إنه يجب على ابن راعي الكنيسة أن يكون قادراً على المساعدة لإعادة الأرض المقدسة لشعبها اليهودي، وتقول عنه إحدى المؤلفات اليهوديات: إن التزام الرئيس ولسن بـالصهيونية كان عميقاً جداً، وكان معنياً بالفكر الصهيوني النصراني للدرجة التي لم ير فيها النتائج الأخلاقية والسياسية والدينية للبرنامج الصهيوني، ومن الغرائب كما يقول أحد الكتاب: أن ولسن كان يظن أن عدد اليهود في العالم مائة مليون في الوقت الذي لم يكن يتعدى عددهم أحد عشر مليوناً!!
ج - في أيام ولسن ومن بعده ظهر رجل لابد من الإشارة إليه وهو أحد الزعماء المهمين في الولايات المتحدة وهو رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونجرس الأمريكي بعد الحرب العالمية الأولى، يقول في خطاب ألقاه في بوسطن عام (1922م): " إنه جدير بالثناء أن يرغب الشعب اليهودي في كل أنحاء العالم أن يكون هناك وطن قومي لأفراد جنسه الراغبين في العودة إلى البلاد التي كانت مهدا لهم، والتي عاشوا وعملوا فيها عدة آلاف من السنوات، وإنني لا أحتمل فكرة وقوع القدس وفلسطين تحت سيطرة المحمديين ".
هذا هو حديث رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونجرس عام (1922م) - أي: قبل (26 عاماً) على قيام دولة إسرائيل- يؤكد أنه لا يطيق أن تبقى القدس وفلسطين تحت سيطرة المسلمين!!
ثانيا: جهود مسيحية لإقامة وطن لليهود
بذل المسيحيون البروتستانت جهودا حثيثة لإقامة وطن لليهود، بعد أن رسخت لديهم النظرية التي تقول أن المشروع الصهيوني هو مشروع إلهي وأن العمل على تحقيقه يستجيب للتعاليم التوراتية، ومن هذه الجهود:
1- في عام 1880 تعرّف الأسقف الانجليكاني وليم هشلر في فيينّا على تيودور هرتزل وعلى مشروعه؛ واستطاع أن يوظف علاقاته الدينية والدبلوماسية لترتيب لقاءات له مع القيصر الألماني ومع السلطان العثماني، وذلك لمساعدته على إقامة وطن يهودي في فلسطين. ورغم أن تلك اللقاءات باءت بالفشل، فإن هشلر لم ييأس. فقد انتقل إلى بريطانيا حيث رتّب في عام 1905 لقاء لهرتزل مع آرثر بلفور، ومن هناك انطلقت المسيرة نحو تأمين غطاء من الشرعية الدولية للمشروع الصهيوني.
2 - كان لويد جورج رئيس الحكومة أكثر شغفا بالمشروع الصهيوني وأشد حماسة له من بلفور، فكان الوعد الذي صدر في الثاني من نوفمبر تشرين الثاني 1917 بمنح اليهود وطنا قومياً في فلسطين.
ذكر لويد جورج في كتابين له هما " حقيقة معاهدات السلام " و" ذكريات الحرب " أن حاييم وايزمان الكيميائي الذي قدم خدماته العلمية لبريطانيا في الحرب العالمية الأولى هو الذي فتح له عينيه على الصهيونية، حتى أصبح أكثر صهيونية من وايزمان نفسه.
وهكذا عندما تشكلت الحكومة البريطانية من لويد جورج رئيسا ومن آرثر بلفور وزيرا للخارجية، بدا وكأن كل شيء بات مؤهلاً لتمرير الوعد.
3 - في عام 1952 نشرت وزارة الخارجية البريطانية وثائق سرية عن فترة 1919 1939، بما فيها تلك التي تتعلق بتوطين اليهود في فلسطين.
ويتضمن المجلد الرابع من المجموعة الأولى، في الصفحة السابعة نقلا عن مذكرة وضعها آرثر بلفور في عام 1917 ما يأتي:
" ليس في نيّتنا حتى مراعاة مشاعر سكان فلسطين الحاليين، مع أن اللجنة الأميركية تحاول استقصاءها، إن القوى الأربع الكبرى ملتزمة بالصهيونية، وسواء أكانت الصهيونية على حق أم على باطل، جيدة أم سيئة، فإنها متأصلة الجذور في التقاليد القديمة العهد وفي الحاجات الحالية وفي آمال المستقبل، وهي ذات أهمية تفوق بكثير رغبات وميول السبعمائة ألف عربي الذين يسكنون الآن هذه الارض القديمة ".
أما بالنسبة للاستيطان اليهودي في فلسطين فقد أوصى في الجزء الأخير من هذه المذكرة بما يلي:
" إذا كان للصهيونية أن تؤثر على المشكلة اليهودية في العالم فينبغي أن تكون فلسطين متاحة لأكبر عدد من المهاجرين اليهود، ولذا فإن من المرغوب فيه أن تكون لها السيادة على القوة المائية التي تخصّها بشكل طبيعي سواء أكان ذلك عن طريق توسيع حدودها شمالاً (أي باتجاه لبنان) أم عن طريق عقد معاهدة مع سورية الواقعة تحت الانتداب (الفرنسي) والتي لا تعتبر المياه المتدفقة من " الهامون " جنوبا ذات قيمة بالنسبة لها، وللسبب ذاته يجب أن تمتد فلسطين لتشمل الأراضي الواقعة شرقي نهر الأردن ".
آمن بلفور كما أوضح في كتابه " العقيدة والانسانية " "Theism and Humanity" أن الله منح اليهود وعداً بالعودة إلى أرض الميعاد، وان هذه العودة هي شرط مسبق للعودة الثانية للمسيح. وان هذه العودة الثانية تحمل معها خلاص الانسانية من الشرور والمحن ليعمّ السلام والرخاء مدة ألف عام تقوم بعدها القيامة وينتهي كل شيء كما بدأ.
ولذلك فإن بلفور عندما صاغ الوعد بمنح اليهود وطناً في فلسطين، كان يعتقد أنه بذلك يحقق إرادة الله، وأنه يوفر الشروط المُسبقة للعودة الثانية للمسيح، وأنه بالتالي، من خلال مساعدة اليهود على العودة، فإنه يؤدي وظيفة العامل على تحقيق هدف إلهي.
4 - وعد بلفور ( مصالح وأهداف): لم يكن العامل الديني السبب الوحيد وراء إصدار وعد بلفور، فقد كانت هناك مصالح لبريطانيا ذات بعد استراتيجي، وقد توافق العمل على خدمة هذه المصالح ورعايتها مع هذا الايمان الديني، مما أدى الى الالتزام بالوعد وبتنفيذه، ويمكن توضيح ذلك كما يلي:
أ - في الأساس كانت بريطانيا قلقة من جراء هجرة يهود روسيا وأوروبا الشرقية الذين كانوا يتعرضون للاضطهاد في بلادهم، وفي عام 1902 تشكلت " اللجنة الملكية لهجرة الغرباء ".
استدعي هرتزل الى لندن بترتيب من القس هشلر للإدلاء بشهادته أمام اللجنة، فقدم مطالعة قال فيها:
" لا شيء يحل المشكلة التي دعيت اللجنة لبحثها وتقديم الرأي بشأنها سوى تحويل تيار الهجرة الذي سيستمر بقوة متزايدة من أوروبا الشرقية.
إن يهود أوروبا الشرقية لا يستطيعون أن يبقوا حيث هم فأين يذهبون؟ إذا كنتم ترون ان بقاءهم هنا أي في بريطانيا غير مرغوب فيه، فلا بد من إيجاد مكان آخر يهاجرون إليه دون أن تثير هجرتهم المشاكل التي تواجههم هنا، لن تبرز هذه المشاكل إذا وجد وطن لهم يتم الاعتراف به قانونيا وطنا يهوديا ".
هنا كان لا بدّ بعد صدور قانون بوقف الهجرة في عام 1905 من تأمين ملجأ بديل، فكان قرار بلفور بمنح فلسطين وطناً لليهود ليعطي من لا يملك الى من لا يستحق.
ب- اقترح تشمبرلين وكان رئيسا للحكومة البريطانية آنذاك منطقة العريش لتكون وطناً لليهود، ولكن لجنة الخبراء الصهيونيين رفضت الاقتراح لأن العريش تفتقر إلى المياه، ثم لأن توطين اليهود فيها يثير مشاكل لبريطانيا مع مصر.
وعندما ترأس الحكومة البريطانية اللورد آرثر بلفور جرى التداول باقتراح أوغندا لتكون الوطن الموعود، وقبل بها مؤسس الحركة الصهيونية " تيودور هرتزل " – كما سبقت الإشارة - ولكن المؤتمر الصهيوني السادس لم يقبل الاقتراح لافتقار أوغندا الى عنصر الجاذبية اللازم لاستقطاب اليهود ولحثّهم على الهجرة إليها. وذلك ما يوضح أن العامل السياسي كان هو المحرك الأول في إصدار الوعد بدليل اقتراح مناطق أخرى ( العريش – أوغندا ) قبل فلسطين والتراجع عنهما لأسباب سياسية أيضا.
ج - كان بإمكان بريطانيا التدخل لمنع تهجير اليهود من أوروبا الشرقية، إلا أنها وجدت أن لها مصلحة في توظيف هذه العملية في برنامج توسعها في الشرق الأوسط، فحوّلت قوافل المهاجرين إلى فلسطين بعد أن منحتهم الوعد بالوطن وبعد أن وفّرت لهم الحماية والمساعدة اللازمتين. فقد استطاعت أن تجيش مشاعر اليهود في مختلف أنحاء العالم وتستخدمها كورقة لتحقيق أهداف ومصالح سياسية في المنطقة.
الآن وبعد مرور 59 عاما على قيام اسرائيل، تبدو بريطانيا صاحبة الوعد قد خسرت ورقتها الرابحة، وانتقلت هذه الورقة، مع الورقة البريطانية نفسها إلى اليد الأميركية.
وترفع هذه اليد الآن من خلال نظريات المحافظين الجدد والصهيونيين المسيحيين شعارات النبوءات التوراتية استكمالا لما بدأه بلفور ولويد جورج في مثل هذا الوقت قبل 90 عاماً.
|