15 / 08 / 2007, 55 : 08 PM
|
ضيف عزيز
|
المنتدى :
الثقافة الاسلامية 2005-2010 |
تاريخ التسجيل |
العضوية |
الدولة |
المشاركات |
بمعدل |
المواضيع |
الردود |
معدل التقييم |
نقاط التقييم |
قوة التقييم |
01 / 02 / 2007 |
3241 |
egypt |
39 |
0.01 يوميا |
|
|
217 |
10 |
|
|
|
|
هل كان المسجد الأقصى قائمًا كبناءٍ عند الإسراء؟
لهذا السؤال أهميته؛ لأن المعروف اليوم هو أن بيت العبادة الذي ورثه بنو إسرائيل عن نبي الله سليمان ( عليه السلام ) قد حطمه الرومان تماما (للمرة الثالثة والأخيرة) سنة 135م، وفي المقابل نجد بعض الأحاديث الصحيحة تروي أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وصف لقريش "المسجد" الذي أُسري به إليه، وأوضحُ من ذلك قول القرآن الكريم: { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ } (سورة الإسراء: 1).
ويمكن توضيح هذه المسألة كما يلي:
أ– لا يُشترط في كلمة المسجد أن تدل على بناء له سور يحيط به، فالمسجد الأقصى كان لأول عهده بغير سور، والمسجد الأقصى لا يراد به بناء معين في هذه الأرض المباركة، وإنما يُقصَد به المسجد القدسي كله، ويضم الآن مسجد قبة الصخرة والمسجد الأقصى - الذي بناه عمر بن الخطاب أول مرة بعد الفتح - كما يضم أبنية أخرى. ومن هنا نستطيع أن نفهم أن الإسراء إلى المسجد الأقصى لا يعني بالضرورة أن يكون انتقالا إلى بناء يسمى بهذا الاسم.
ب – الروايات الصحيحة لحديث الإسراء أكثرها يشير إلى أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وصف لقريش "بيت المقدس"، وهو على الراجح البلد وليس المسجد؛ لأن قريشا لن تصل خبرتها بالقدس ومعالمها إلى حد أن تعرف الوصف التفصيلي للمسجد الأقصى كبناء، إلا إذا كان هذا المسجد فخما ضخما يجذب الناس إليه، وفي هذا العهد لم يكن في الأقصى بناء كهذا البناء. وقد يكون وصف لهم المسجد بالفعل، ولكن كمكان له مداخل ومخارج، وليس كبناء له صفات معينة..
عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِي اللَّه عَنْه - قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: "لَمَّا كَذَّبَتْنِي قُرَيْشٌ حِينَ أُسْرِيَ بِي قُمْتُ فِي الْحِجْرِ، فَجَلَّى اللَّهُ لِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْه" (رواه البخاري وأحمد).
وفي رواية ابن عباس عند أحمد: "قَالُوا: وَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَنْعَتَ لَنَا الْمَسْجِدَ، وَفِي الْقَوْمِ مَنْ قَدْ سَافَرَ إِلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ وَرَأَى الْمَسْجِدَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): فَذَهَبْتُ أَنْعَتُ، فَمَا زِلْتُ أَنْعَتُ حَتَّى الْتَبَسَ عَلَيَّ بَعْضُ النَّعْتِ. قَالَ: فَجِيءَ بِالْمَسْجِدِ وَأَنَا أَنْظُرُ، حَتَّى وُضِعَ دُونَ دَارِ عِقَالٍ - أَوْ عُقَيْلٍ - فَنَعَتُّهُ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ. قَال: وَكَانَ مَعَ هَذَا نَعْتٌ لَمْ أَحْفَظْهُ. قَالَ: فَقَالَ الْقَوْمُ: أَمَّا النَّعْتُ فَوَاللَّهِ لَقَدْ أَصَاب".
واستعمال لفظ المسجد هنا على لسان قريش غريب، ليس لأنهم لم يكونوا يستعملونه، ولكن لأن استعمالهم له يعني هنا أنهم كانوا يربطون بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى كأماكن متحدة في هدفها وغايتها، وهذا بعيد جدا.(14) وعن البراء بن عازب أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) صلى إلى بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرًا، وكان يعجبه أن تكون قبلته البيت، وأنه صلى أول صلاة إلى الكعبة العصر، وصلى معه قوم، فخرج رجل ممن كان معه، فمر على أهل مسجد وهم راكعون، فقال: أشهد بالله لقد صليت مع النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قِبَلَ (أي ناحية) مكة، فداروا كما هم قِبَل البيت" (رواه البخاري).
ومن المفهوم للعقلاء أن تحويل القبلة عن المسجد الأقصى لا يعني التقليل من شأنه، أو الرغبة عنه، بل هو عود بهذا المسجد إلى الموضع الذي يمثل ينابيع النبوة الحنيفية (المسجد الحرام) الرامزة إلى التوحيد، والجامعة بين أنبياء بني إسرائيل وبين خاتم الأنبياء.
وقد بات معروفاً بين الباحثين والمختصين في العمارة الإسلامية أن مبنى المسجد الأقصى المبارك الحالي، هو المسجد الأقصى الثاني، باعتبار أن المسجد الأقصى الأول هو ذاك الذي بناه الخليفة عمر بن الخطاب (13-23 هجرية/ 634-644 ميلادية)، بعد الفتح الإسلامي لبيت المقدس سنة 15هجرية / 636 ميلادية .
بنى المسجد الأقصى المبارك الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك (86-96 هجرية/ 705-715ميلادية)، في الفترة الواقعة ما بين (90-96 هجرية/ 709-714 ميلادية) فقد أكدت ذلك وثائق البردى (أوراق البردى) التي احتوت على مراسلات بين قرة بن شريك عامل مصر الأموي (90-96هجرية/ 709-714ميلادية) وأحد حكام الصعيد، حيث تضمنت كشفاً بنفقات العمال الذين شاركوا في بناء المسجد الأقصى، مما يؤكد أن الذي بنى المسجد الأقصى هو الخليفة الوليد بن عبد الملك.
وفي ضوء الحفريات التي جرت في الجهة الجنوبية للمسجد الأقصى ، والتي كشفت النقاب عن المخطط المعماري لدار الإمارة الأموية في بيت المقدس ، من خلال البقايا المعمارية والأثرية لخمسة مبان ضخمة عبارة عن قصور وقاعات كبيرة، دلت وأكدت تاريخ الأمويين العريق في بيت المقدس.
ولقد غيرت هذه الاكتشافات الجديدة، نظريات وأراء عديدة فيما يخص تاريخ بعض المعالم الأثرية في المسجد الأقصى، مثل الأثر الذي يعرف بإسطبل سليمان وباب الرحمة وغيرها، وكان قد علق في أذهان العديد من الباحثين والمختصين أن تاريخ تلك المعالم يعود لفترات سبقت الفتح الإسلامي لبيت المقدس، ولكن ما أن ظهرت هذه المكتشفات الجديدة، حتى غيرت هذه الآراء والمفاهيم مما اضطر الباحثين إلى إعادة بحوثهم ودراساتهم في ضوء (دار الإمارة) الأموية.
وكانت مساحة المسجد الأقصى المبارك في العهد الأموي أكبر بكثير مما هي عليه الآن، وقد ظل المسجد قائماً بتخطيطه الأصلي الأموي حتى سنة 130هجرية/ 746 ميلادية، حيث تهدم جانبيه الغربي والشرقي جراء الهزة الأرضية التي حدثت في تلك السنة.
|