[
أحس بدمي يتدفق من جديد في عروقي ..
هذه أختي وهي تبتسم
وأمي ودموعها على وجنتيها
وأبي وهو يربت على كتفي
وذاك أخي وتلك أختي الصغرى ..
لم استطع سؤالهم ما بالهم لأني اعلم أنهم اشد شوقا مني لرؤيته
لذتُ بالصمت فأنا أحاول الاحتفاظ بما تبقى لي من طاقة من اجله ..
كل ذلك في برهة من الزمن ...
احدهم يلقي التحية احاول تمييز ذلك الصوت فهو ليس بغريب علي
لم استطع فأهلي بدأوا يردون السلام واختلطت الأصوات
حرت في أمر من دخل
بدأت ارفع راسي .. أوجه نظري .. أركز سمعي .. استجمع طاقتي .. انظر إلي احدهم
انه هو من نبض له قلبي لأول مرة .. من أحبه فؤادي . من ملك روحي وعقلي
من أحبني وأحببته حتى الهيام من كان ملهمي في كتاباتي ...
من تركت الدنيا بأسرها من اجله .. من ملئ عيني عن بقية الرجال بحنانه بلطفه بحبه وعطفه
انظر إليه وينظر إلي بدأت بإظهار سلاحي الفتاك ....
هكذا يسميه كما يقول لأنه يفتك بقلبه فلا يستطيع تحمل سماع بكائي ونحيبي ... فما بالكم هو الآن لا يسمعه فقط بل يراه ودموعي تنسكب كنهر جارف أمامه عينيه .. لم يحتمل هذا المشهد
بدأت أجهش بالبكاء ولكن هذه المرة بصوت أراد اختراق الجدران من اجل أن يحس حبيبي بمدى الجرح الذي تركه غيابه ... من اجل أن يدرك مدى حنيني ولهفتي إليه ..
أحس بشيء ... اسمع ذلك الصوت الذي ألقى التحية من جديد ...
انه يقترب مني لا بل هو بجانبي .. لا بل أنا بجانبه .. أو كلينا ..
أنه يطوقني .. يحضنني .. يلمني بين ذراعيه بقوة وكأن ضلوعي تشابكت مع بعضها ..
يا ملاكي يا صغيرتي ... انه هو أنا الآن على يقين فهو يناديني بتلك العبارات ...
لا تبكي فها انا بجانبك وسأبقى كذلك إلى أن تقولي ارحل فقد مللت منك ..
نظرت إليه والأسى باديا على وجهي .. تبسم.. وهمس في أذني إلى أن تقولي ارحل يا حبيبي
هنا فقط نطق لساني أنت من رحلت وتركتني
لففت يدي بشده حول عنقه وأنا ابكي بحرقه ..
أنا الآن في صدره وبين ذراعيه .. لا أريد تركه فأنا اعشقه حتى الثمالة
بدأ يداعبني ببعض كلماته التي تستفزني وأنا فقط أهز براسي .. بدأت قليلا بالارتياح
تركته لأشبع عينيَ منه
بدأت بالتجوال فيما حولي لم أجد والدي َ وإخوتي !!!! لا ادري أين هم !!!
ملاكي عاد يناديني .. التفت إليه ... أتحبينني ؟؟ آه لم يتغير فكل ليلة يسألني إياها...
هززت براسي من جديد بالإيجاب ... هو أيضا هز راسه ولكن بعكسي ( بالرفض )
أريد أن اسمعها فقد اشتقت لسماعها .. عندها تبسمت وأطرقت راسي خجلا منه لم تعود قولها له إلا عبر الأسلاك
أعاد سؤاله مرة أخرى ظنا منه أنني لم استوعب أو لم أعي ما يقول ..
أتحبينني يا ملاكي ...
قلت له بصوت بالكاد يستطيع سماعه .. احبك كثيرا وأعشقك يا حب عمري وقلبي
امسك بيدي تشابكت أصابعنا ووقف ساحبا بيدي إلى الخارج .. فأنا قد أعددت نفسي مسبقا من اجل الرحيل معه فهو من خارج حدود موطني ...
أرى والدي َ .. حضنتهما وقبلت رأسيهما ويديهما دعوة الله أن يحفظهما من كل مكروه ..
إخوتي ايضا يبكون قبلتهم وأوصيتهم خيرا بوالدي َ وأنفسهم
أحس بشيء يضغط على يدي ويسحبني جهته ... آآه يدينا ما زالت متشابكة .. ذهبت ناحيته حثني على الإسراع بدأت بالمشي قدما وتذكرت أن أصعب شيء على الإنسان الرحيل وترك من يحب ..
آه يا دنيا لماذا تفرقينا عمن نحب ..
فتح باب سيارته تبعني أهلي إليها لتوديعي ..
ركب زوجي .. كلمه جديدة لم اعتد قولها فانا تعودت أنا أناديه بحبيبي ..
فتحت شبابيك السيارة لشم آخر روائح الذكريات ..
أدار المحرك ... دعس على المكابح ... بدأ بالانطلاق .. أراهم يلوحون أظهرت راسي ويدي ولوحت لهم إلى أن تلاشت صورهم من أمامي ...
نظرت إلي حبيبي بقربي أخيرا فهذا منالي من هذه الدنيا ...
أخذت يده .. أمسكتها .. ربما أردت الإحساس ببعض الأمان ..
أنا سعيدة انه أحبني من بين كل النسوة في هذه الدنيا وفضلني عليهن ..
كما وعد أوفى بأنه لن يكون إلا لي ولن أكون إلا له .. أحبه رغم كل الظروف وسأعشقه لآخر نبض في حياتي ..
وأغمضت عيني وأنا بين ذراعيه ...