--------------------------------------------------------------------------------
الحمد الله والصلاة والسلام علي رسول الله ....
من حكمة الله تعالى ورأفته ورحمته بخلقه جعل بين الجن والإنس حجاباً لايراهم الإنسى وإنما هم يرونه ، قال تعالى فى محكم التنزيل (( إنه يراكم وقبيله من حيث لاترونهم )) الآية .
ولو لم يخلق الله هذا الحجاب لرأينا آلاف ولربما مئات الآلاف أو ملايين المليارات من الجن لطول أعمار الجن ـ والله أعلم بعدتهم ـ يطوفون الشوارع والبيوت والأزقة ، فكيف سيكون حالنا ونحن نرى ونسمع مثل هذا العدد ، فالحمد لله على نعمه التى لاتحصى ولاتعد .
والحجاب أيضاً بين الإنسى والملائكة ، فالملائكة ترانا ولايراهم الإنسى إلا إذا تشكلوا ، حالهم حال الجن ، ويستثنى من ذلك الأنبياء حيث رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام على صورته الحقيقية ، ورآه أصحابه عليهم رضوان الله متشكلاً .
قال ابن حزم الظاهري : ( وإذا أخبرنا الله عز وجل أننا لا نراهم فمن ادعى أنه يراهم أو رآهم فهو كاذب إلا أن يكون من الأنبياء عليهم السلام فذلك معجزة لهم كما نص رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تفلت عليه الشيطان ليقطع عليه صلاته قال فأخذته فذكرت دعوة أخي سليمان ولولا ذلك لأصبح موثقا يراه أهل المدينة أو كما قال - عليه السلام - ، وكذلك في رواية أبي هريرة الذي رأى إنما هي معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا سبيل إلى وجود خبر يصح برؤية جني بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما هي منقطعات أو عمن لا خير فيه ) ( الفصل في الملل والأهواء والنحل – 5 / 12 )
قال القرطبي : ( قوله تعالى : ( إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ ) ( قبيله )جنوده قال مجاهد : يعني الجن والشياطين ابن زيد : ( قبيله ) نسله وقيل : جيله ( مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ ) قال بعض العلماء : في هذا دليل على أن الجن لا يرون ، لقوله : ( مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ ) وقيل : جائز أن يروا ، لأن الله تعالى إذا أراد أن يريهم كشف أجسامهم حتى ترى قال النحاس : ( مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ ) يدل على أن الجن لا يرون إلا في وقت نبي ، ليكون ذلك دلالة على نبوته ، لأن الله عز وجل خلقهم خلقا لا يرون فيه ، وإنما نقلوا عن صورهم ، وذلك من المعجزات التي لا تكون إلا في وقت الأنبياء صلوات الله عليهم قال القشيري : أجرى الله العادة بأن بني آدم لا يرون الشياطين اليوم ، وفي الخبر : " إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم " " متفق عليه " ) ( الجامع لأحكام القرآن – 7 / 186 )
قال الشوكاني - رحمه الله - : ( وقد استدل جماعة من أهل العلم بهذه الآية على أن رؤية الشياطين غير ممكنة ، وليس في الآية ما يدل على ذلك ، وغاية ما فيها أنه يرانا من حيث لا نراه ، وليس فيها أنا لا نراه أبدا ، فإن انتفاء الرؤية منا له في وقت رؤيته لنا لا يستلزم انتفاءها مطلقا ) ( فتح القدير – 2 / 197 )
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : ( والجن يراهم كثير من الناس ) ( الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح – 4 / 289 ) .
قال أبو هريرالراقي تعليق علي كلام ابن تيمية أن الجن يروهم كثيراً من الناس :
الجن لا يري علي حقيقته مطلقاً حتي الأنبياء لم يرو الجن علي حقيقته بل كانت رؤيتهم لجن متشكل وثبت في ذلك أحديث كثيراً وأن ثبت ان بعض العلماء قالو أن رؤية الجن علي حقيقتهم مخصائص الأنبياء فقد أخطأؤ هؤلاء العلماء لأن الأحاديث التي جاءت في رؤية الجن متشكلين .
وأم رؤية الجن لا يمكن لأحد إلا بمن أصيب بمس من الجن في أن المصاب الذي يري الجن يري بعين الجن الذي دخله فإذا عولجه لم يبقي يري مطلقاً .
وكذلك الراجح من كلام العلماء في عدم رؤية الجن علي حقيقتهم مطلقاً إلا متشكلين .