عرض مشاركة واحدة
  المشاركة رقم: 1  
قديم 02 / 02 / 2008, 32 : 11 AM
عمرو عبده
vipvip
المنتدى : الثقافة الاسلامية 2005-2010
تاريخ التسجيل العضوية المشاركات بمعدل المواضيع الردود معدل التقييم نقاط التقييم قوة التقييم
01 / 06 / 2005 834 662 0.09 يوميا 251 10 عمرو عبده is on a distinguished road
عمرو عبده غير متصل

Post المطر أحكام وعبر

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:

فهذه بعض الأحكام المتعلقة بالأمطار، سائلاً المولى ـ جل جلاله ـ أن ينفعنا بها قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ}
فجميع المخلوقات لا تستغني عن الماء بحال من الأحوال، والأمطار من أهم مصادر المياه العذبة في الأرض، ولنـزول المطر من علو على ما نراه حكم عظيمة، قال العلامة ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ: "تأمل الحكمة البالغة في نزول المطر على الأرض من علو ليعم بسقيه وهادها وتلولها وظرابها وآكامها ومنخفضها ومرتفعها ولو كان ربها تعالى إنّما يسقيها من ناحية من نواحيها لما أتى الماء على الناحية المرتفعة إلا إذا اجتمع في السفلى وكثر وفي ذلك فساد، فاقتضت حكمته أن سقاها من فوقها فينشئ سبحانه السحاب وهي روايا الأرض ثم يرسل الرياح فتحمل الماء من البحر وتلقحها به كما يلقح الفحل الأنثى وسأتحدث عن هذا الموضوع وفق العناصر التالية:

الاستسقاء عند الجدب

عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنّ رجلا دخل المسجد يوم جمعة من باب كان نحو دار القضاء ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمًا ثم قال: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يغثنا. قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال: «اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا» قال أنس: ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار. قال: فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت، قال فلا والله ما رأينا الشمس سبتا"«ولم ينـزل من منبره حتى رأيت المطر يتحادر من لحيته»

أسباب الجدب

متى حل الجدب بالأرض لحق الناس والدواب وغيرها ضرر عظيم وهو من المصائب التي يبتلي بها الله تعالى عباده {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ}، قال قتادة: "هي السنون". يعني الجدب. وقال تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ} أي بالجدب والقحط

وقال تعالى على لسان إخوة يوسف ـ عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ـ لما دخلوا عليه يشكون حالهم {فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ} ، والضر هنا : الشدة من الجدب والقحط. وأسباب الجدب كثيرة ولعل من أهمها كثرة الذنوب:

قال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} ، قال القرطبي مفسرًا الآية: " (ظهر) الجدب (في البر) أي في الوادي وقراها وفي البحر أي في مدن البحر مثل (واسأل القرية) أي ظهر قلة الغيث وغلاء السعر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض أي عقاب بعض الذي عملوا ثم حذف، والقول الآخر أنه ظهرت المعاصي من قطع السبيل والظلم فهذا هو الفساد على الحقيقة

وعن نجدة بن نفيع قال: سألت ابن عباس رضي الله عنهما عن قول الله عز وجل: {إِلاّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً} قال: استنفر رسول الله صلى الله عليه وسلم حيا من أحياء العرب فتثاقلوا فأمسك عنهم المطر وكان عذابهم، هذا حديث صحيح الإسناد
وقال تعالى: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} ، قال القرطبي ـ رحمه الله تعالى ـ: "(وبلونانهم) أي اختبرناهم (بالحسنات) أي بالخصب والعافية (والسيئات) أي الجدب والشدائد (لعلهم يرجعون) ليرجعوا عن كفرهم

وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على الظلمة «اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف»
والتوبة لها أثر عظيم في نزول المطر

قال تعالى حكاية عن نوح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً}
وقال تعالى حكاية عن هود عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ}

قال ابن قدامة ـ رحمه الله تعالى ـ: "إنّ المعاصي سبب الجدب والطاقة تكون سببا للبركات، قال الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}

وقال العباس لما استسقى به عمر رضي الله عنهما عام الرمادة: "اللهم إنّه لم ينـزل بلاء إلاّ بذنب ولم يكشف إلاّ بتوبة، وقد توجه القوم بي إليك لمكاني من نبيك وهذه أيدينا إليك بالذنوب ونواصينا إليك بالتوبة فاسقنا الغيث. فأرخت السماء مثل الجبال حتى أخصبت الأرض وعاش الناس"

حال النبي صلى الله عليه وسلم إذا تخيلت السماء

عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى مخيلة في السماء أقبل وأدبر ودخل وخرج وتغير وجهه، فإذا أمطرت السماء سري عنه فعرفته عائشة ذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أدري لعله كما قال قوم عاد {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ}»

وعنها رضي الله عنها أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى ناشئًا من أفق من آفاق السماء ترك عمله وإن كان في صلاته، ثم يقول: «اللهم إني أعوذ بك من شر ما فيه» فإنّ كشفه الله (حمدا لله) وإن مطرت قال: «اللهم صيبًا نافعًا»
وقد عذب الله تعالى أقوامًا بالمطر منهم

1- قوم نوح عليه السلام قال تعالى: {فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِر فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ}

2- قوم عاد: وذكرناه سابقًا

3- قوم لوط عليه السلام قال تعالى: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَسَاء مَطَرُ الْمُنذَرِينَ} فقد أرسل الله تعالى عليهم حجارة من سجيل لتكذيبهم رسولهم

4- قوم سبأ قال تعالى: {فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ}، وهو الماء الغزير،
وما واقعة تسونامي عنا ببعيد، فقد أهلك الله تعالى مئات الآلاف في دقائق معدودة نسأ الله تعالى العفو والعافية

السنة عند نزول المطر

من السنن عند نزول المطر ما يلي:

1- التعرض له: عن أنس رضي الله عنه قال: أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر، قال: فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه حتى أصابه من المطر. فقلنا: يا رسول الله لم صنعت هذا؟ قال: «لأنّه حديث عهد بربه تعالى»

2- أن نقول الذكر الوارد عند نـزول المطر، وقد وردت عدة أذكار منها:

أ – قـول ((اللهم صيبًا نافعًا)) فعن عائشة رضي الله عنها أن رسـول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى المطر قال: «صيبًا نافعًا»

ب – قول "رحمة" لحديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا رأى المطر رحمة»

ج- قول «مطرنا برحمة الله وبرزق الله وبفضل الله» كما في حديث خالد بن زيد ـ رضي الله عنه

3- الدعاء العام عند نزول المطر: فهو من مواطن استجابة الدعاء، كما في الحديث الذي [أخرجه الحاكم (2/114) وصححه] وانظر [مجموع الفتاوى (7/129)]

4- إذا كثر المطر وخيف ضرره يسن أن يقول «اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام ، والظراب ، وبطون الأودية ، ومنابت الشجر» الآكام ـ أي الهضاب والجبال والآجام ـ أي منبت القصب والظراب ـ أي الجبال

5- ويسن أن يقول عند سماع صوت الرعد والصواعق ما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع الرعد والصواعق قال: «اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك» [رواه أحمد (2/100) والبخاري في الأدب (721) والترمذي (350) وقال: (هذا حديث غريب لا نعرفه إلاّ من هذا الوجه)، وصححه الحاكم (4/318)] [الراوي: عبدالله بن عمر - خلاصة الدرجة: ضعيف - المحدث: الألباني - المصدر: ضعيف الجامع - الصفحة أو الرقم: 4421]، وكان ابن الزبير رضي الله عنه إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال: "سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته" [رواه مالك (1801) والبخاري في الأدب (723)]. وأشير إلى أنّ الصواعق تكثر في آخر الزمان كما في حديث أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «تكثر الصواعق عند اقتراب الساعة حتى يأتي الرجل القوم فيقول من صعق تلكم الغداة فيقولون: صعق فلان وفلان وفلان» [رواه أحـمد (3/64) والحاكم (4/491)، وصححه على شرط مسلم]

ولا بأس بالجمع بين الصلاتين إذا كثر المطر

لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: «صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعًا بالمدينة من غير خوف ولا سفر». قال أبو الزبير: فسألت سعيدًا لم فعل ذلك؟ فقال: سألت ابن عباس كما سألتني فقال: أراد أن لا يحرج أحدًا من أمته. [رواه مسلم (705)]

كما يسن الصلاة في الرحال عند نـزول المطر مع شدة البرد؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أنّه أذن بالصلاة في ليلة ذات برد وريح، فقال: ألا صلوا في الرحال، ثم قال «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة ذات مطر يقول ألا صلوا في الرحال» [رواه مسلم (697)] وفي رواية له تقييدها بالسفر

حكم الاستسقاء بالنجوم

قال تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ}، وعن أبي مالك الأشعري ـ رضي الله عنه ـ أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن الفخر في الأحساب والطعن في الأنساب والاستسقاء بالنجوم والنياحة» [رواه مسلم (934)]

وعن زيد بن خالد رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية فأصابنا مطر ذات ليلة فصلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح ثم أقبل علينا فقال: «أتدرون ماذا قال ربكم»؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. فقال: «قال الله أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بي فأما من قال مطرنا برحمة الله وبرزق الله وبفضل الله فهو مؤمن بي كافر بالكوكب وأما من قال مطرنا بنجم كذا وكذا فهو مؤمن بالكوكب كافر بي»[رواه البخاري (3916)]

أقسام الاستسقاء بالنجوم وحكم كل قسم:

الأول: أن يدعو الأنواء بقوله مثلاً: "يا نوء كذا اسقنا". وهذا شرك أكبر في الألوهية لأنّه صرف شيئًا من العبادة وهي الدعاء لغير الله تعالى

الثاني: أن ينسب حصول المطر للأنواء على أنّها هي الفاعلة دون الله تعالى ولو لم يدعها وهذا شرك أكبر في الربوبية

الثالث: أن يجعل هذه الأنواء سببًا مع اعتقاده أنّ الله تعالى هو الخالق الفاعل وهذا شرك أصغر؛ لأنّ من جعل سببًا لم يجعله الله تعالى سببًا لا بوحيه ولا بقدره فهو مشرك شركًا أصغر

الرابع: أن يريد بقوله "مطرنا بنوء كذا" أي في وقت كذا، فتكون الباء ظرفية أي جاءنا المطر في وقت هذا النوء. وهذا جائز. انظر [القول المفيد لشيخنا العلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ (3/18 و 2/31)]

وأختم بقول النبي صلى الله عليه وسلم «ليست السنة أن لا تمطروا ولكن السنة أن تمطروا وتمطروا ولا تنبت الأرض شيئًا» [رواه مسلم (2904) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه]

أسأل الله تعالى أن يجعل ما أنـزله علينا متاعًا وبلاغًا إلى حين وأن يجعله سقيا رحمة لا سقيا عذاب وهدم وغرق إنّه جواد كريم، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه







توقيع : عمرو عبده
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
[img]http://img148.**************/img148/7069/2593sc.gif[/img]
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
رد مع اقتباس مشاركة محذوفة