عرض مشاركة واحدة
  المشاركة رقم: 5  
قديم 18 / 11 / 2009, 38 : 12 AM
abo aziz
عضـــو مؤسس ثاني
كاتب الموضوع : abo aziz المنتدى : القصص والروايات
تاريخ التسجيل العضوية الدولة المشاركات بمعدل المواضيع الردود معدل التقييم نقاط التقييم قوة التقييم
06 / 08 / 2007 3628 فلسطين 1,121 0.18 يوميا 235 103 abo aziz will become famous soon enough abo aziz will become famous soon enough
abo aziz غير متصل

رد: رواية رجال في الشمس- غسان كنفاني

- " سألد "
- " أأنادي شخصاً ؟ "
- " أم عمر"
- " أين أجدها الآن؟ "
- " ناولني هذه الوسادة.."
- " أين أجد أم عمر؟ "
- " يا إلهي.. ارفعني قليلا، دعني أتكىء على الحائط.. "
- " لا تتحركي كثيراً، دعيني أنادي أم عمر.. "
- " أسرع... أسرع.. يا رب الكون ! "
هرول إلى الخارج، وحين صفق وراءه الباب سمع صوت الوليد، فعاد وألصق أذنه فوق خشب الباب..
صوت الشط يهدر، والبحارة يتصايحون، والسماء تتوهج والطائر الأسود ما زال يحوم على غير هدى.
قام ونفض التراب عن ملابسه ووقف يحدق إلى النهر..
أحس، أكثر من أي وقت مضى، بأنه غريب وصغير، مرر كفه فوق ذقنه الخشنة ونفض عن رأسه كل الأفكار التي تجمعت كجيوش زاحمة من النمل.
وراء هذا الشط، وراءه فقط ، توجد كل الأشياء التي حرمها.
هناك توجد الكويت.. الشيء الذي لم يعش في ذهنه إلا مثل الحلم والتصور يوجد هناك.. لا بد أنها شيء موجود، من حجر وتراب وماء وسماء، وليست مثلما تهوم في رأسه المكدود.. لا بد أن ثمة أزقة وشوارع ورجالاً ونساء وصغاراً يركضون بين الأشجار.. لا.. لا.. لا توجد أشجار هلاك.. سعد، صديقه الذي هاجر إلى هناك واشتغل سواقا وعاد بأكياس من النقود قال إنه لا توجد هناك أية شجرة.. الأشجار موجودة في رأسك يا أبا قيس.. في رأسك العجوز التعب يا أبا قيس.. عشر أشجار ذات جذوع معقدة كانت تساقط زيتونا وخيرا كل ربيع.. ليس ثمة أشجار في الكويت، هكذا قال سعد.. ويجب أن تصدق سعدا لأنه يعرف أكثر منك رغم أنه أصغر منك.. كلهم يعرفون أكثر منك.. كلهم. في السنوات - العشر الماضية لم تفعل شيئاً سوى أن تنتظر.. لقد أحتجت إلى عشر سنوات كبيرة جائعة كي تصدق أنك فقدت شجراتك وبيتك وشبابك وقريتك كلها.. في هذه السنوات الطويلة شق الناس طرقهم وأنت مقع ككلب عجوز في بيت حقير.. ماذا تراك كنت تنتظر؟ أن تثقب الثروة سقف بيتك.. بيتك؟ إنه ليس بيتك.. رجل كريم قال لك: أسكن هنا ! هذا كل شيء وبعد عام قال لك أعطني نصف الغرفة، فرفعت أكياسا مرقعة من الخيش بينك وبين الجيران الجدد..
وبقيت مقعيا حتى جاءك سعد وأخذ يهزك مثلما يهز الحليب ليصير زبداً.. "
- " إذا وصلت إلى الشر بوسعك أن تصل إلى الكويت بسهولة، البصرة مليئة بالأدلاء الذين يتولون تهريبك إلى هناك عبر الصحراء.. لماذا لا تذهب؟ "
سمعت زوجته كلام سعد فنقلت بصرها بين وجهيهما وأخذت تهدهد طفلها من جديد.
- " إنها مغامرة غير مأمونة العواقب؟ "
- " غير مأمونة العواقب؟ ها ! ها ! أبو قيس يقول، غير مأمونة العواقب.. ها ها " !
ثم نظر إليها وقال:







رد مع اقتباس مشاركة محذوفة