عرض مشاركة واحدة
  المشاركة رقم: 9  
قديم 18 / 11 / 2009, 48 : 12 AM
abo aziz
عضـــو مؤسس ثاني
كاتب الموضوع : abo aziz المنتدى : القصص والروايات
تاريخ التسجيل العضوية الدولة المشاركات بمعدل المواضيع الردود معدل التقييم نقاط التقييم قوة التقييم
06 / 08 / 2007 3628 فلسطين 1,121 0.18 يوميا 235 103 abo aziz will become famous soon enough abo aziz will become famous soon enough
abo aziz غير متصل

رد: رواية رجال في الشمس- غسان كنفاني

- ماذا تعتقد ؟ أن اسمك مسجل في كل نقاط الحدود ، إذا رأوك معي الآن ، لا جواز سفر ولا سمة مرور .. ومتآمر على الدولة ماذا تعتقد أنه سيحدث ؟ كفاك دلالا .. أنك قوي كالثور بوسعك أن تحرك ساقيك .. سألاقيك وراء الإتشفور على الطريق .
كلهم يتحدثون عن الطرق .. يقولون : تجد نفسك على الطريق ! وهم لا يعرفون من الطريق إلا لونها الأسود وأرصفتها ! وها هو الرجل السمين ، المهرب البصراوي يكرر القصة نفسها .
- ألا تسمع ؟ أنني رجل مشغول جدا ً ، قلت لك : خمسة عشر دينار وسأوصلك إلى الكويت ، طبعا عليك أن تمشي قليلا ولكنك فتى في غاية القوة ، لن يضرك هذا .
- ولكن لماذا لا تصغي إلى ؟ قلت لك أنني سأعطيك المبلغ إذا ما وصلنا إلى الكويت .
- ستصل ! ستصل !
- كيف ؟
- إنني أقسم لك بشرفي أنك ستصل إلى الكويت !
- تقسم بشرفك ؟
- أقسم لك بشرفي إنني سألتقيك وراء الإتشفور! ما عليك إلا أن تدور حول تلك المنطقة الملعونة وستجدني بانتظارك !
لقد دار دورة كبيرة حول الإتشفور ، كانت الشمس تصب لهبا فوق رأسه ، وأحس فيما كان يرتقي الوهاد الصفر ، أنه وحيد في كل هذا العلم .. جرجر ساقيه فوق الرمل كما لو أنه يمشي على رمل الشاطئ بعد أن سحب زورقا كبيرا امتص صلابة ساقيه .. اجتاز بقاعا صلبة من صخور بنية مثل الشظايا ثم صعد كثبانا واطئة ذات قمم مسطحة من تراب أصفر ناعم كالطحين .. تراهم لو حملوني إلى معتقل الجفر الصحراوي .. هل سيكون الأمر أرحم مما هو الآن ؟ عبث .. الصحراء موجودة في كل مكان ، كان أبو العبد قد أعطاه كوفية لف بها رأسه ، ولكنها لم تكن ذات جدوى في رد اللهب بل خيل إليه أنها آخذة ، هي الأخرى ، في الاحتراق .. كان الأفق مجموعة من الخطوط المستقيمة البرتقالية ، ولكنه كان قد عقد عزمه على المسير بجد .. وحتى حينما انقلب التراب إلى صفائح لامعة من ورق أصفر ، لم يتباطأ .. وفجأة بدأت الأوراق الصفر تتطاير فانحنى يلمها :
شكرا..شكرا.. إن هذه المروحة الملعونة تطير الأوراق من أمامي، ولكن دونها ليس بوسعي أن أتنفس.. ها! ماذا قررت؟.
- هل أنت متأكد من أن الدليل الذي سترسله معنا لن يهرب؟
كيف يهرب أيها الغبي؟ ستكونون أكثر من عشرة أشخاص.. لن يكون بوسعه أن يهرب منكم ..
- وإلى أين سيوصلنا؟
حتى طريق الجهرة، وراء المطلاع، وهناك ستكونون داخل الكويت..
هل سنمشي كثيرا؟.
- ست أو سبع ساعات فقط...
بعد أربع ساعات وصل إلى الطريق، كان قد خلف الإتشفور وراءه، وكانت الشمس قد سقطت وراء التلال البنية إلا أن رأسه كان ما يزال يلتهب وخيل إليه أن جبينه يتصبب دماً.. لقد اقتعد حجرا وألقى بصره بعيدا إلى رأس الطريق الأسود المستقيم، كان رأسه مشوشا تخفق فيه آلاف الأصوات المتشابكة ، وبدا له أن بروز سيارة كبيرة حمراء في رأس تلك الطريق أمر خيالي وسخيف .. وقف، حدق إلى الطريق من جديد، لم يكن بوسعه أن يرى بوضوح بعد ، تراه الغسق أم العرق؟.. كان رأسه ما يزال يطن مثل الخلية وصاح بملء رئتيه :







رد مع اقتباس مشاركة محذوفة