عرض مشاركة واحدة
  المشاركة رقم: 1  
قديم 01 / 06 / 2010, 34 : 11 AM
maya
عضو حاصل على المرتبة الرابعة
المنتدى : الثقافة الاسلامية 2005-2010
تاريخ التسجيل العضوية المشاركات بمعدل المواضيع الردود معدل التقييم نقاط التقييم قوة التقييم
19 / 03 / 2010 4143 510 0.10 يوميا 189 10 maya is on a distinguished road
maya غير متصل

نَصِيحَة أَبِي حَازِمٍ التَّابِعِي لِسُلَيْمَانٌ بن عَبْدِ الْمَلِكِ

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته









نَصِيحَة أَبِي حَازِمٍ التَّابِعِي لِسُلَيْمَانٌ بن عَبْدِ الْمَلِكِ












رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا حَجَّ سُلَيْمَانٌ بن عَبْد الْمَلِكِ وَدَخَلَ الْمَدِينَةِ زَائِرًا لِقَبْرِ رَسُولِ اللهِ
وَمَعَهُ ابْن شِهَابٍ الزُّهَرِي وَرَجَاءُ بن حَيْوَة
فَأَقَامَ بِهَا ثَلاثَةَ أَيْامٍ
فَقَالَ :
أَمَا هَا هُنَا رَجُلٌ مَمَّنْ أَدْرَكَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ ? ؟
فَقِيلَ لَهُ :
بَلَى . هَا هُنَا رَجُلٌ يُقَالَ لَهُ أَبُو حَازِمٍ .

فَبَعَثَ إِلَيْهِ فَجَاءَهُ وَهُوَ أَقْوَرُ أَعْرَجُ ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ سُلَيْمَانٌ إزْدَرَتْهُ عَيْنُهُ
فَقَالَ لَهُ :
يَا أَبَا حَازِمٍ : مَا هَذَا الْجَفَاءُ الَّذِي ظَهَرَ مِنْكَ وَأَنْتَ تُوصَفُ بِرُؤْيَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ? مَعَ فَضْلٍ وَدِينٍ تُذْكَرُ بِهِ .
فَقَالَ أَبُو حَازِمٍ :
وَأَيُ جَفَاءٌ رَأَيْتَ مِنِّي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟
فَقَالَ سُلَيْمَانٌ :
أَنَّهُ آتَانِي وُجُوهُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَعُلَمَاؤهَا وَخِيَارُهَا ، وأَنْتَ مَعْدُودٌ فِيهِمْ وَلَمْ تَأْتِنِي .
فَقَالَ أَبُو حَازِمٍ :
أُعِيذُكَ بِاللهِ أَنْ تَقُولَ مَا لَمْ يَكُنْ مَا جَرَى بَيْنِي وَبَيْنِكَ مَعْرِفَةٌ آتِيكَ عَلَيْهَا .
قَالَ سُلَيْمَانٌ:
صَدَقَ الشَّيْخُ .

فَقَالَ:
يَا أَبَا حَازِمٍ مَا لَنَا نَكْرَهُ الْمَوْتَ ؟

فَقَالَ أَبُو حَازِمٍ :
لأَنَّكُمْ أَخْرَبْتُمْ آخِرَتَكُمْ ، وَعَمَّرْتُمْ دُنْيَاكُمْ ، فَأَنْتُمْ تَكْرَهُونَ النَّقْلَةَ مِنَ الْعُمْرَانِ إِلَى الْخَرَابِ !

قَالَ سُلَيْمَانٌ :
صَدَقْتَ يَا أَبَا حَازِمٍ ، فَكَيْفَ الْقُدُومُ عَلَى الآخِرَة ؟
قَالَ : نَعَمْ :
أَمَّا الْمُحْسِنُ فَإِنَّهُ يَقْدُمُ عَلَى الآخِرَة كَالْغَائِبِ يَقْدُمُ عَلَى أَهْلِهِ مِنْ سَفَرٍ بَعِيدٍ .
وَأَمَّا قُدُومُ الْمُسِيئُ فَكَالْعَبْدِ الآبِقِ يُؤْخَذُ فَيَشُدّ كِتَافُهُ ، فَيُؤْتَى بِهِ إِلَى سَيّدٍ فَظٍّ غَلِيظٍ ، فَإِنَّ شَاءَ عَفَا وَإِنْ شَاءَ عَذَبَ !
فَبَكَى سُلَيْمَانٌ بُكَاءً شَدِيدًا ، وَبَكَى مَنْ حَوْلَهُ .
ثُمَّ قَالَ :
لَيْتَ شِعْرِي مَا لَنَا عِنْدَ اللهِ يَا أَبَا حَازِمٍ ؟

فَقَالَ :
اعْرِضْ نَفْسَكَ عَلَى كِتَابِ اللهِ ، فَإِنَّكَ تَعْلَمُ مَا لَكَ عِنْدَ اللهِ .

قَالَ سُلَيْمَانٌ :
يَا أَبَا حَازِمٍ وَأَيْنَ أُصِيبُ تَلْك الْمَعْرِفَةِ فِي كِتَابِ اللهِ؟

قَالَ:
عِنْدَ قوله تَعَالَى:?إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ*وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ?.

قَالَ سُلَيْمَانٌ :
يَا أَبَا حَازِمٍ فَأَيْنَ رَحِمَهُ اللهُ ؟

قَالَ :
« إِنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ "

قَالَ سُلَيْمَانٌ :
يَا أَبَا حَازِمٍ : مَنْ أَعْقَلُ النَّاسِ ؟

قَالَ أَبُو حَازِمٍ :
أَعْقَلُ النَّاسِ مَنْ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهَا النَّاسَ .

قَالَ سُلَيْمَانٌ :
فَمَنْ أَحْمَقُ النَّاسِ ؟

فَقَالَ :
مَنْ حَطَّ فِي هَوَى رَجُلٍ وَهُوَ ظَالِمٌ فَبَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنَيا غَيْرِهِ !

قَالَ سُلَيْمَانٌ :
فَمَا أَسْمَعُ الدُّعَاء ؟

قَالَ أَبُو حَازِمٍ :
دُعَاءُ الْمُخْبِتِينَ الْخَائِفِينَ .

فَقَالَ سُلَيْمَانٌ :
فَمَا أَزْكَى الصَّدَقَةِ عِنْدَ اللهِ ؟

قَالَ :
جُهْدُ الْمُقِلّ .

قَالَ :
فَمَا تَقُولُ فِيمَا ابْتُلِينَا بِهِ ؟

قَالَ :
اعْفِنَا عَنْ هَذَا وَعَنْ الْكَلامِ فِيهِ أَصْلَحَكَ اللهُ .

قَالَ سُلَيْمَانٌ :
نَصِيحَةٌ تُلْقِيهَا .

فَقَالَ :
مَا أَقُولُ فِي سُلْطَانٍ اسْتَوْلَى عُنْوَةً بِلا مَشُورَةٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَلا إجْتِمَاعٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
فَسُفِكَتِ فِيهِ الدِّمَاءُ الْحَرَامُ
وَقُطِعَتْ بِهِ الأَرْحَامُ
وَعُطِّلَتْ بِهِ الْحُدُودَ
وَنُكِّثَتْ بِهِ الْعُهُودَ
وَكُلُّ ذَلِكَ عَلَى تَنْفِيذِ الطِّينَة ، وَالْجَمْعِ وَمَاذَا يُقَالَ لَكُمْ !

فَقَالَ بَعْضُ جُلَسَائِهِ :
بِئْسَ مَا قُلْتَ يَا أَقْوَرُ !! أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يُسْتَقْبَلُ بِهَذَا ؟

فَقَالَ أَبُو حَازِمٍ :
أُسْكُتْ يَا كَاذِب ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ فِرْعَونَ هَامَانُ . وَهَامَانُ فَرْعَوْنَ !
إِنَّ اللهَ قَدْ أَخَذَ عَلَى الْعُلَمَاءِ لَيُبِيّنَنُهُ لِلنَّاسِ وَلا يَكْتُمُونَهُ ، أَيْ لا يَنْبُذُونَهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ .

قَالَ سُلَيْمَانٌ :
يَا أَبَا حَازِمٍ : كَيْفَ لَنَا أَنْ نُصْلِحَ مَا فَسَدَ مِنَّا ؟

فَقَالَ :
الْمَأْخَذُ فِي ذَلِكَ قَرِيبٌ يَسِيرٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ .

فَاسْتَوى سُلَيْمَانٌ جَالِِسًا مِنَ إتِّكَائِهِ فَقَالَ :
كَيْفَ ذَلِكَ ؟

فَقَالَ :
تَأْخُذَ الْمَالِ مِنْ حِلِّهِ ، وَتَضَعُهُ فِي أَهْلِهِ
وَتَكُفُّ الأَكَفَّ عَمَّا نُهِيتَ عَنْهُ وَتُمْضِيهَا فِيمَا أُمِرْتَ بِهِ .

قَالَ سُلَيْمَانٌ :
وَمَنْ يُطِيقُ ذَلِكَ ؟

فَقَالَ أَبُو حَازِمٍ :
مَنْ هَرَبَ مِنَ النَّارِ إِلَى الْجَنَّةِ ، وَنَبَذَ سُوءَ الْعَادَةِ إِلَى خَيْرِ الْعِبَادَةِ .

فَقَالَ سُلَيْمَانٌ :
اصْحِبْنَا يَا أَبَا حَازِمٍ ، وَتَوَجَّهَ مَعَنَا تُصِبْ مِنَّا وَنُصِبُ مِنْكَ .

فَقَالَ أَبُو حَازِمٍ :
أَعُوذُ بِاللهِ من ذَلِكَ !.

قَالَ سُلَيْمَانٌ :
وَلِمَ يَا أَبَا حَازِمٍ ؟

قَالَ :
أَخَافُ أَنْ أَرْكَنُ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَيُذِيقُنِي اللهُ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ .

فَقَالَ سُلَيْمَانٌ :
فَتَزُورُنَا ؟

قَالَ أَبُو حَازِمٍ :
إِنَّا عَهِدْنَا الْمُلُوكَ يَأْتُونَ عَلَى الْعُلَمَاءِ ...وَلَمْ يَكُنِ الْعُلَمَاءُ يَأْتُونَ الْمُلُوكَ ...فَصَارَ فِي ذَلِكَ صَلاحُ الْفَرِيقَيْنِ
ثُمَّ صِرْنَا الآنَ فِي زَمَانٍ الْعُلَمَاءُ يَأْتُونَ الْمُلُوكَ ..وَالْمُلُوكُ تَقْعُدُ عَنْ الْعُلَمَاءِ .... فَصَارَ ذَلِكَ فَسَادُ الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا .







يتبع







رد مع اقتباس مشاركة محذوفة