الموضوع: الأوصياء الجدد
عرض مشاركة واحدة
  المشاركة رقم: 1  
قديم 14 / 05 / 2020, 46 : 06 PM
الصورة الرمزية SALMAN
SALMAN
مؤسس الموقع
المنتدى : مقالات صحفية 2011-2019
تاريخ التسجيل العضوية الدولة المشاركات بمعدل المواضيع الردود معدل التقييم نقاط التقييم قوة التقييم
14 / 03 / 2005 1 المكتبة 7,620 1.05 يوميا 394 10 SALMAN is on a distinguished road
SALMAN غير متصل

الأوصياء الجدد

تم ق ن
جريدة الرياض | الأوصياء الجدد (1-3)

جريدة الرياض | الأوصياء الجدد 2/4

جريدة الرياض | الأوصياء الجدد (3)

جريدة الرياض | الأوصياء الجدد



الأوصياء الجدد (1-3)
نجوى هاشم

في نهاية العام المنصرم نشرت صحيفة "الرياض" حادثة وإن بدت ذات تفاصيل قد تبدو للبعض تقليدية ومكررة وسبق أن اصطدموا بمثلها، أو سمعوا بها دون أن تنشرها الصحف، إلا أنها في واقع الأمر تحتاج إلى توقف، وإلى تفكير جدي وحقيقي بعيداً عن ممارسة أسلوب التقفيل الذي دائماً ما نلوذ به، ونحتمي بجدرانه.

حكاية ذات ملامح مخيفة وتدعو إلى التأمل والتوقف كونها ترتبط بالنسق الاجتماعي الذي ينبغي أن لا يشهد مرحلة تجميد لكوارثه، أو أن يتم التعامل معها من خلال تفسيرات وتبريرات متعددة، ترتكز في النهاية إلى أننا لسنا المقصودين، وان الشر لم يطلنا.

حادثة بدأت تفاصيلها في محافظة ينبع وانتهت في المدينة المنورة حينما كان يترقب (صاحب الظن السيئ) مواطناً برفقة زوجته التي دلف معها إلى إحدى الاستراحات على طريق الشرم حيث قرر الزوجان قضاء بعض أيام العطلة هناك وما هي إلا دقائق حتى طُرق الباب عليهما بشدة وعندما فتح المواطن الباب فوجئ بأن الشخص يطلب منه أن يشاركه الجلسة مع المرأة التي بصحبته، متهماً إياهما بأنهما مجرد عشيقين سنحت لهما الفرصة ليلتقيا في هذا المكان. لم يكمل سيئ الظن كلامه حتى سدد له المواطن عدة لكمات، وطعنات جعلته يسقط أرضاً، مما جعل الزوجة المفجوعة تتصل بالجهات الأمنية التي طوقت الاستراحة ونقلت المصاب إلى المستشفى، وبدأت بالتحقيق مع المواطن وزوجته ثم التحقيق مع المصاب الذي تلقى عدة طعنات غائرة في صدره وظهره واستدعت حالته أن ينقل إلى مستشفى الملك فهد بالمدينة المنورة.

ثم طرح المحرر في نهاية الخبر، بأن المصاب والمعتدي (الشكاك) ربما يواجه حكماً قضائياً جراء اعتدائه على المواطن وزوجته.

بودي قبل أن أطرح الحادثة الأخرى أن أستفسر: كيف يُحقق مع المواطن وزوجته؟ ومن نصّب هذا الشخص مراقباً لكل رجل وامرأة يعبران في سيارتهما أو يذهبان إلى استراحة بعيدة هرباً من هموم المدينة وضغطها؟

ولماذا لا تنزل به عقوبة صارمة وتنشر في الصحيفة الرسمية حتى يتعظ غيره من الأوصياء الجدد من منطلق أنه لحماية الفضيلة كما يفعل غيره وليس للمشاركة في الرذيلة على اعتبار انها موجودة فعلاً.

الحادثة الثانية وقعت في جنوب المملكة منذ أشهر حيث أخذ رجل زوجته في مدينة صامطة إلى خارج العمران، ربما يفك عنها، ويستمتعان بنزهة بعيدة عن الزحمة والناس، وبمجرد أن غادر المدينة حتى طارده شابان واتصلا بالهيئة للابلاغ عن وجود رجل يحمل امرأة في سيارته ويغادر بها بعيداً ليختلي معها.. لم تصل الهيئة في لحظتها، ولكن حاصر الشابان المبلغان الرجل وزوجته التي سقطت مغمى عليها بعد أن أخرجت من السيارة بالقوة نظراً لإصابتها بمرض السكر وظلت في حالة إغماء والشابان يستمتعان بالمشهد اللا إنساني والكارثي، والزوج يدافع عن نفسه، ويحلف انها زوجته ويحاول أن يتصل بأخيه وأفراد أسرته لإنقاذه من الكارثة.

المهم بعدها نقلت المرأة إلى المستشفى وبدأت الوساطات والاعتذارات للرجل من أهالي الشابين للعفو والسماح وهم أبناء مدينة واحدة ومؤكدين أن هؤلاء شباب غر وحريص على الفضيلة وينبغي أن نفرح بهم ونساعدهم على ذلك لا أن نغضب منهم، ونكتنز كل حكاياتهم لنشرها أمام الآخرين.

الحكاية الثالثة وإن كانت حقيقية ومريرة ومجرّمة بحكم القانون، إلا أنها تعكس أننا جميعاً تحولنا إلى مجتمع أفراده أوصياء على بعضهم، بوصاية أغلبها يظل مرتبطاً بسوء الظن.

امرأة في جدة لاحظت أن جارها أخذ زوجته إلى أهلها، ثم بعد ذلك أحضر امرأة أخرى إلى الشقة وظل معها، وبعد أن استوفت المرأة شروط المراقبة (علماً أنها لا تشتغل في برج مراقبة ولكن قد يرد قارئ ويقول انها تعمل في برج مراقبة الفضيلة والمحافظة على القيم) وحيثيات التأكد اتصلت بالجهات المسؤولة والهيئة وأبلغت عن الحادثة وتم القبض على الرجل والمرأة.

قبض على الرجل وهو يستحق جراء امتهانه لزوجته، وارتكابه الجرم المشهود، ولكن ألم يكن من الأولى أن تتصل بزوجته أولاً وتبلغها بما يجري في منزلها، وتعرف ردود فعلها وهي حريصة على معالجة مشكلتها مع زوجها وتغاضيها عن خيانته؟ أم أنها تتفق معهاه في الإبلاغ؟ أليس حرياً بها لو تركت زوجها، يدق بابه لينصحه، ويعطيه فرصة التوبة وعدم العودة إلى الخطأ مرة أخرى؟ ويعلمه أنه يسيء إلى العمارة وقاطنيها بما يفعله؟

ومع اختلاف ظروف الحادثتين الأولى والثانية عن الثالثة كونها حقيقية أريد أن أطرح وأناقش في الحلقات القادمة ما يتعلق بالأوصياء الجدد على الفضيلة، أو العقول أو مصادرة الحريات، أو حتى سلوكيات الآخرين، من منطلق أننا كلنا داخل هذه الدائرة ولسنا بعيدين عن التأثير والتأثر، بل على العكس حتى من برأ نفسه فهو قد يسيء الظن دون أن يشعر..

(يتبع في الحلقة القادمة)




الأوصياء الجدد 2/4
نجوى هاشم

عندما طرحتُ في الأسبوع الماضي قضية أننا كلنا داخل دائرة الأوصياء الجدد (مُوصى علينا أو أوصياء على غيرنا) يساء الظن بنا، ونمارس إساءة الظن بالغير من منطلق تميز مطلق في الأحكام، ومعتقدات تدافع عن الصور المقلوبة دون أن ترى ملامحها .. مقابل ذلك قد يلوذ بالصمت دائماً من يُساء الظن به تجنباً لما هو أسوأ. اكتشفت ان الحقيقة في لحظة الاشتعال قد لا تكون مسموعة، أو واضحة.

يقول برجسون (مساحة الحقيقة صغيرة، ومساحة الخطيئة شاسعة).

في حادثة المرأة التي سجنت جارها هناك تجاهل لحقوق الجار، التي ذكرها الله تعالى في سورة النساء آية 36قال تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين، والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم، ان الله لا يحب من كان مختالاً فخوراً).

وقال صلى الله عليه وسلم (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره) وقال صلى الله عليه وسلم (يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الايمان إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين، ولا تعيروهم، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، يفضحه ولو في جوف رحله). أخرجه الترمذي، وقال حسن صحيح.

وقال صلى الله عليه وسلم (مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت انه سيورثه) وقال صلى الله عليه وسلم (والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن: قالوا من يا رسول الله قال: من لا يأمن جاره بوائقه).

ولنتصور نمطاً من التفكير يسود في ان يبلغ كل جار عن جاره بالحق، أو الباطل ماذا سيحدث: هل ستكفي مراكز الشرطة لهذا العدد الهائل من المواطنين المُبلغ عنهم من قبل جيرانهم؟

دون شك ليس هناك من يشجع على الفساد في المجتمع، ولكن الفضيحة دائماً ليست الحل وفي حديث معاوية انه قال (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (انك إذا تتبعت عورات الناس أفسدتهم، أو كدت ان تفسدهم).

الإمام الغزالي ذكر انه يشترط في انكار المنكر ان يكون المنكر ظاهراً بغير تجسس فكل من ستر معصية في داره وأغلق بابه، لا يجوز ان يُتجسس عليه وقد نهى الله تعالى عنه.

وعن التجسس من مخطوطة كتاب لأحد علماء السادة الشافعية في القرن الثامن الهجري العلامة ولي الدين بن أحمد العثماني الشافعي المتوفي سنة 774ه وكان صديقاً للعلامة تاج الدين السبكي.

يقول إن التجسس على الشخص لاستعلام جلية أمره فلا يجوز انكار إلا المنكر الظاهر من غير تجسس لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (من رأى) ولم يرتب الإنكار على شيء آخر غير الرؤية كغلبة الظن أو حتى العلم، فلم يقل من ظن منكم وجود منكر، أو علم منكم بوجود منكر فلينكره، واعتماداً على هذا الفهم للحديث ذكر العلماء انه لا يجوز ان تكشف شيئاً مغلقاً، ولا ان يفتش شخصاً ليبحث عن المنكر، وأشار المؤلف إلى ملاحظة ذكية وهي ان التجسس وتتبع عورات الناس يؤدي إلى الفساد أكثر من كونه إصلاحاً واحتج بقول الله تعالى (ولا تجسسوا).

أما هتك ستر الله على الشخص وذلك بفضحه والإنكار عليه علناً فإن الواجب ان الانكار يكون في السر والستر على الشخص في الجهر.

روي أن عمر رضي الله عنه (تسلق دار رجل فرآه على حال مكروهة فأنكر عليه، فقال يا أمير المؤمنين إن كنت أنا قد عصيت الله من وجه واحد، فأنت قد عصيته من ثلاثة وجوه، فقال وما هي فقال قد قال الله تعالى (ولا تجسسوا) وقد تجسست، وقال تعالى: (وأتوا البيوت من أبوابها وقد تسورت السطح) وقال تعالى (لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها وما سلمت) فتركه عمر وشرط عليه التوبة.

البعض يرى أن هناك طرقاً أخرى لتقويم المعوج، وهي النصح ولكن هنا تبرز قضية اننا كلنا ناصحون ونحن قد لا نكون مؤهلين احياناً للنصيحة وفي المقابل قد لا يكون لها مردود ايجابي على الآخر.

ما هو المطلوب لمواجهة الأوصياء الجدد:

هل على كل مواطن أن يكون لديه دائماً كشف حساب جاهز لتقديمه إن أوقعه حظه العاثر أمامهم؟

لماذا دائماً نشتبه بالآخرين من منطلق سوء الظن؟

ولماذا تظل الوصاية مرتبطة بسوء الظن دائماً؟

(يتبع بعد غد)







توقيع : SALMAN
إذا خسرناك عضو فلا تجعلنا نخسرك زائر


الإرادة بركان لا تنبت على فوهته أعشاب التردد

حيــــــــــــــــــــــــــــــاكم الله في حسابي على تويتر :
SALMANR2012@
رد مع اقتباس مشاركة محذوفة