جريدة الرياض | تنفسء بعمق
تم ق ن

تنفسء بعمق
نجوى هاشم

إذا وجدت الإرادة والصبر، فلا يبقى شيء مستحيل

لا تخلو الصحف بعد كل مباراة لفريقين مهما كان مركزهما في الدوري، أو من فرق الدرجة الثانية، أو الثالثة من اتهامات متبادلة، بين اللاعبين، والمدربين والإداريين واتهامات موجهة للحكام بالتحامل على الفريق، واتهامات للمدرب بعدم قدرته على اختيار التشكيل المناسب، أو انتهاء صلاحيته، أو سوء الإعداد المسبق للفريق أو حتى الإجهاد لا يسلم من أن يكون شماعة لمن لم يحقق الفوز، ومع اعتياد القارئ والمتابع لهذه الاتهامات اللفظية في عالم كرة القدم، انتقلت الاتهامات بعد ذلك إلى تفعيلها داخل الملعب، وأثناء المباراة، أو بعد نهايتها من خلال الاعتداء على الحكام، أو لاعبي الفريق الآخر، بأسلوب غير رياضي، أو حضاري، ولا يمكن أن يعكس أهمية كرة القدم في تكريس التقارب بين البشر، وبين الدول المتباعدة، وخلق لحظات جميلة، لا توفرها سوى هذه اللعبة الأجمل.

هذه الاعتداءات باليد، وباللفظ تتم أمام مرأى المشاهدين أحياناً من منطلق انتماءات غريبة للاعبين، أو الإداريين المعتدين وغير مبررة،، وفي ظل قوانين رياضية غير منصفة لمن اعتُدي عليهم، ومتهاونة مع المعتدي الذي لم يبث فقط الأخلاق المتردية، وانعدام الوعي بمفهوم كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى في العالم، ولكنه عكس صورة سيئة لإنسان يفترض أن لا يدخل أرض الملعب إلا حاملاً داخله كماً هائلاً من الاحترام للآخر، والتقدير والمحبة، والابتسام والفرح بممارسة اللعبة، يغلف كل ذلك رضا تام بالهزيمة مهما كانت المبررات، ومهما كان تحامل الحكم، لأن الأخطاء دائماً تظل من اللعبة، وان تحامل حكم، فلن يكون الجميع متحاملاً، أو متفقاً على الفريق المهزوم.

المشكلة أننا لا نفتأ نعاود تكرار الأخطاء، وعدم الوعي المتكامل بأن الكرة فوز وخسارة، وأنها صيغة عامة لها. ولا ينبغي أن تتجاوز هذه الحدود على الإطلاق ..

أعرف قريبة لي يغضب زوجها كلما خسر فريقه، وما أكثر خسائره، يظل مقفلاً باب المجلس عليه للنهار التالي، ويواصل بعدها لأيام الصمت المطلق يواصل أيضاً النوم منفرداً، ولا تقل أيام غضب الهزيمة المكتوم لثلاثة أو أربعة أيام أسبوعياً.

عدم استيعاب مفهوم الفوز والخسارة كارثة، لأنه يعطي الأمور أكبر من حجمها، وقد يختلف أفراد من أسرة واحدة حول ذلك، وقد يتصارعون من أجل فرقهم.

بالنسبة لتشجيع المنتخبات، لا يخلو الأمر أيضاً من عنف متبادل داخل الملاعب أو بعد نهاية المباريات ورفض للهزيمة مهما كانت المبررات.

ولكن هل يوجد علاج لمتعصبي كرة القدم، ومساعدة نفسية لإخراجهم من كارثة الهزائم؟

أحد المراكز التعليمية في العاصمة النمساوية فيينا أعدت دورة لتهيئة عشاق كرة القدم لتقبل أي هزيمة قد يتعرض لها منتخب بلادهم خلال بطولة الأمم الأوروبية المقبلة عام 2008م.

وقامت خبيرة نمساوية في علم النفس بإعداد دورة بعنوان (التعامل الصحيح مع هزيمة وانتصار منتخبي) للمشاركين في التشجيع، بطريقة يمكن من خلالها أن يحول المشجع المحبط الخسارة الى نصر داخلي.

وقالت باحثة في العلوم النفسية إن (النظر إلى المباراة كلعبة لن يجعل من الهزيمة كارثة) مشيرة الى أن شعور المشجعين بكارثية الهزيمة يؤدي الى القيام بأعمال شغب.

ونصحت الباحثة مشجعي كرة القدم بأخذ نفس عميق قبل أي رد فعل لأن هذا من شأنه الحيلولة دون حدوث أعمال عنف.

وأنا أتشكك أن يأخذ مشجعونا أي نفس، لأنهم اعتادوا على التراكض والجري والاستهانة بأي فكرة من الممكن أن تساعد على تقبل الهزيمة، بل قد يقول شاب (وش السخافة دي؟ وايش ها النفس العميق)؟

مع العلم أن النفس العميق قبل أي رد فعل نحتاجه في كل أمور الحياة وليس في كرة القدم فقط (جربوا النفس العميق قبل أي رد فعل أو بعد أي مصيبة وسوف تلمسون النتائج).