|
خـــــــــــدمات الأعضــــــــــــاء
|
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
|
LinkBack | أدوات الموضوع |
المشاركة رقم: 1
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
صحة جيدة وذاكرة سيئة
صحة جيدة وذاكرة سيئة
أذكر الأستاذ حسين؛ مدرس اللغة العربية في الأول الإعدادي، وهو من مصر الشقيقة عندما كتب بيتاً لم أنسه منذ ذلك الحين، وأستشهد به دائماً، وهو: إذا أنت لم تشرب مراراً على القذى ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه ولم أنس أيضا قطعة للقراءة في المرحلة الابتدائية للشيخ حسن آل الشيخ وزير التعليم العالي الأسبق (رحمه الله) يقول فيها بأن الحياة لو سارت على وتيرة واحدة لأصبحت مملة. ولازلت أتذكر مقدمة الأمير عبدالله الفيصل لديوانه وحي الحرمان، وقد قرأتها مراراً ومراراً وأنا في مرحلة المراهقة لأعرف من أي شيء حرم -رحمه الله-، وكنت أظن أن من بلغ به الغنى أو المنصب أو المكانة الاجتماعية شأناً عالياً فإن حياته تقلب في النعيم. الأيام والتجارب تثبت أن للأيام تقلبات، ولليالي تحولات، ودوام الحال من المحال، ولن يصفو لك مشرب دائماً؛ وإنما عليك أن توطن نفسك للتعامل مع ظروف الحياة فتفرح بالنعمة وتشكرها، وتصبر على المحنة حتى تتجاوزها، وتذكر دائماً أن السعادة ليست محطة تنتظر الوصول إليها وإنما هي حالة يجب أن تعيشها في وقتها. نجوم ملأوا سمع العالم وبصره تحولوا بعد ذلك إلى متسولين ومشردين، فقد أمنوا مكر الليالي والأيام: وسالمتك الليالي فاغتررت بها وعند صفو الليالي يحدث الكدر عندما أشاهد وأتعامل مع بعض الطواويس البشرية أتعجب لما هم فيه من خيال، وخيلاء، وقد أمنوا مكر الله، وضمنوا أن الحياة صفت لهم ولن يتكدر ماؤها، وأولئك حقاً مساكين يستدرون العطف ويستحقونه. مرة دخلت على نائب رئيس إحدى الجامعات البريطانية الكبيرة وأنا طالب في ذات الجامعة، فقام من مكتبه وأصر على صنع الشاي بنفسه، وكنت قبل سفري لتلك الديار أجد صعوبة بل ربما يتعذر أن أقابل وكيل الجامعة وإن قابلته فعلى مضض منه. وصنف البشر الذين يضعون أنفسهم في مواقع نرجسية لا يصمدون عند زوال الأسباب التي رفعتهم، ومصيرهم مؤلم في كثير من الأحيان. وتدور الأيام بنا، وتتقلب الأحوال علينا، ونجد أنفسنا أحيانا نردد مع الشاعر قوله: ومن نكد الدنيا على المرء أن يرى عدوا له ما من صداقته بدّ ومن يرفض السلام عليك بالأمس قد يأتي إليك غداً يستجدي المصافحة، ولكنْ كثير منا تغشه المظاهر الزائفة عن واقعه وحقيقته. لا صحة تدوم، ولا مجد مخلد، ولا منصب يبقى، ولا مال إلا يفنى، ولا شدة إلا وستزول يوماً، وكثير من المحن ولحظات السعادة والفرح، والمصائب والشدائد، والمرح والسرور تحولت إلى ذكريات نجترها بحلوها ومرها: وما رونق الدنيا بباق لأهلها وما شدة الدنيا بضربة لازم لهذا وهذا مدة سوف تنقضي ويصبح ما لاقيته حلم حالم ولذلك فإن من نعم الله على الإنسان النسيان، فلولاه لتحولت حياتنا إلى كومة من الأحزان، وقيل بأن السعادة تتمثل في صحة جيدة وذاكرة سيئة. جربتُ، الحياة وخبرتها، وتقلبت فيها بحلوها ومرها، ولم أنس يوما حديث الرسول صلى الله عليه وسلم " مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا". وهذا المثلث لا تستقيم الحياة بدونه، ولا يكون لنعمة مذاق بدون صحة، ولا لصحة نكهة بدون أمن، ولا لأمن فائدة وأنت تتقلب في فراش المرض وينهشك الجوع. نسأل الله أن يديم علينا الصحة والأمن والنعمة وأن يعيينا على تفهم حقيقة أنفسنا لنضعها حيث يجب بدون إفراط أو تفريط. د.عبد الله بن موسى الطاير
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
ماذا يحدث لبريدك الإلكتروني بعد وفاتك؟ | SALMAN | سواليف كتاب الصحافة | 6 | 09 / 12 / 2011 54 : 08 PM |