بطء القراءة والاستيعاب

جريدة الرياض | بطء القراءة والاستيعاب

د. أحمد عبد القادر المهندس
كثيراً ما نقرأ أن الإنسان بإمكانه زيادة قراءته بمعدل الضعف أو ثلاثة أضعاف دون تأثير على معدل الفهم والاستيعاب. وبالطبع فهناك تجارب كثيرة في هذا الصدد، ولكن هناك بعض الدراسات والتجارب العلمية التي تنفي ذلك، وتقول إن سرعة القراءة ربما تؤدي إلى تدهور الاستيعاب والفهم عند كثير من الناس.
ففي تجربة علمية أجريت في أحد المعاهد العلمية طلب من خمسة وعشرين شخصاً متفاوتين في سرعة القراءة أن يقرأوا بعض النصوص. ويتزامن مع ذلك الإجابة على بعض الأسئلة المتعلقة بتلك النصوص.
وقد تم تقسيم المشاركين في هذه التجربة العلمية إلى فريقين أحدهما سريع القراءة بمعدل 750 كلمة في الدقيقة، والآخر بطيء القراءة بمعدل 250 كلمة في الدقيقة، وكانت النتائج كالتالي: استطاع الفريق سريع القراءة على الإجابة على 65% من الأسئلة المتعلقة بالنصوص وعلى 29% من الأسئلة المحددة. أما الفريق بطيء القراءة فقد أجاب على 80% من الأسئلة العامة، وعلى 48% من الأسئلة المحددة. أما النصوص الصعبة فقد أجاب القراء ذوو السرعة البطيئة على نصف الأسئلة العامة، بينما أجاب سريعو القراءة على ثلثها فقط. ومع أن كلا الفريقين قد عانى بعض الصعوبات في الإجابة على الأسئلة المحددة بالنسبة للنصوص الصعبة، إلا أن القراء ذوي السرعة البطيئة تفوقوا على سريعي القراءة بمقدار 23% في هذا المجال.
ومع أننا نعتقد بأن سرعة القراءة تفيد كثيراً في حالة النصوص السهلة، إلا أنها قد تؤدي إلى قلة الاستيعاب في حالة النصوص الصعبة. ويبدو أن سريعي القراءة يصرفون وقتاً أقل على التعرف على الكلمات، ولذلك فمن المحتمل أنهم يضطرون للعودة إلى بعض الكلمات الصعبة أكثر من غيرهم حتى يتمكنوا من استيعابها بشكل جيد.
ويبدو من هذه الدراسة أن القراءة السريعة قد تؤدي إلى التضحية أحياناً بالاستيعاب الكامل للنصوص الصعبة. ومع أنني من مؤيدي القراءة السريعة إلا أنني أعتقد أن بعض النصوص تحتاج إلى البطء في القراءة من أجل استيعابها. فحاول أن تقرأ نصاً في مادة صعبة في أي تخصص لترى مقدار أهمية القراءة البطيئة في استيعاب هذا النص، فالسرعة في القراءة ليست مقياساً دائماً للفهم في جميع الأحوال.