خـــــــــــدمات الأعضــــــــــــاء

العودة   ملتقى النخبة > ((((((بـــــــــــــــــــــــــــوابـــــــــــــــــــــــــة الملتقى))))) > سواليف كتاب الصحافة > مقالات صحفية 2011-2019
.::||[ آخر المشاركات ]||::.
 

إضافة رد
 
 
LinkBack أدوات الموضوع
  المشاركة رقم: 1  
قديم 10 / 06 / 2020, 14 : 10 AM
الصورة الرمزية SALMAN
مؤسس الموقع
المنتدى : مقالات صحفية 2011-2019
تاريخ التسجيل العضوية الدولة المشاركات بمعدل المواضيع الردود معدل التقييم نقاط التقييم قوة التقييم
14 / 03 / 2005 1 المكتبة 7,621 1.05 يوميا 394 10 SALMAN is on a distinguished road
SALMAN غير متصل

المخيلة.. خارج الصورة

نجوى هاشم
تمت ق
جريدة الرياض | المخيلة.. خارج الصورة

يقول جوزيف كونراد"نعيش كما نحلم.. في عزلة ووحدة.." ولكن إن كان ذلك صحيحاً هل نختار نحن عزلتنا أم أنها تُفرض علينا؟.. وهل نصل مع هذه العزلة إلى ملامسة النفس الهادئة.. والاستسلام إلى السكينة؟
شدتني صورة قديمة بالأبيض والأسود تعود إلى أكثر من نصف قرن لركاب قطار أجنبي يمسك كل راكب بصحيفته منغمساً في صفحاتها دون أن يلتفت إلى الراكب الذي بجانبه أو حتى ينظر من النافذة لتأمل الطريق أو استقصاء ملامحه.. هذا الانهماك القديم في القراءة للصحف أو الكتب أثناء التنقل وعدم الاهتمام بالراكب المتغير بجانبك في كل رحلة هو نوع من العزلة الجماعية الاختيارية من خلال اتجاه واحد هو القراءة التي هي غذاء الروح.. ولا تعتمد على القطار كممارسة.. بل قد تمارسها في كل الأمكنة من المنزل إلى المحطة وحتى في مواقف الانتظار.. وهي في حد ذاتها خيار خاص وفنٌ لا يتقنه الكثيرون رغم أنهم يقرأون.. ولكن من يقرأ بفهم يجد نفسه محمولاً على بساط الريح الحقيقي.. !!
وتقاطعاً مع هذه الصورة الهادئة والتي تعكس سمات عصر ماقبل الخمسينات تتقابل معها صورة أخرى واحدة في القطار وأخرى في منزل.. صورة القطار أشخاص نساء ورجال من مختلف الأعمار من طفولة إلى السبعين.. كلٌ منهم مبتعد عن متابعة الطريق أو النظر إليه.. واكتفى بجهاز الجوال الذي بيده أو الآيباد.. مع وضع البعض سماعات في الأذن للاستماع.. ربما يستمع إلى أغانٍ أو مقاطع أو يشاهد ويسمع حتى لايزعج من حوله.. والآخر يرد على مكالمة.. أو يكتب رسالة.. أو يقرأ أخرى أو يتمعن في صور أو يمسح ماتكدس لديه من الصور.. والمقاطع.. أو يصور من بجانبه.. يلفت نظرك أن لا أحد يتحدث مع أحد.. فقد انقطع التواصل الإنساني وتوقفت قراءة الوجوه أو لحظات الفهم العابرة..!!
في المنزل الصورة مختلفة وإن كانت أشد مرارة العائلة بعد تناول الوجبة.. كل فرد منها يجلس في زاوية يمسك بجهازه حتى طفل الثلاث سنوات.. يدقق أو يلعب أو يقرأ أو يرسل ولا أحد ينظر في الآخر أو يقرأ متغيرات النهار على وجهه.. فقط يكتفي الصمت بلف المكان برداء من الفراغ بين كل طرف والآخر..!!
صورة المنزل المشغول أفراده بأجهزتهم هي صورة أغلب البيوت.. التي صنعت عزلتها من خلال هذه الأجهزة التي باعدت بين أفراد الأسرة.. حتى الأطفال الذين كانوا يمرحون ويملؤون البيت عبثاً وشقاوة.. استكانوا على هذه الأجهزة.. بمساعدة الأسر.. فطفل عمره أربع سنوات لديه جهاز جوال وأرقام وجهاز آيباد.. لا يتحرك إلا بهما وانعزل تماماً عن أسرته منذ أن يستيقظ.. إلى أن ينام.. الغريب أنني لاحظت أن التليفزيون بدأ يتراجع للخلف حيث قلت مشاهدة الأطفال له.. وهذا ما لاحظته من أطفال ومراهقي العائلة الذين كانوا يستمتعون بالقنوات ويتنقلون بينها.. حيث اكتفوا الآن بأجهزتهم يشاهدون من خلالها ولا يتكلمون.. لأن الجهاز شخصي وردود فعلك فردية بينما مشاهدة التليفزيون تمنحك إحساساً مشتركاً مع الآخر.. وتلاقياً جماعياً في تفسير الصورة والانتماء الإنساني للحظة التي أنت بها..!!
هذه العلاقة المتشابكة بين التقنية والعزلة والإنسان عند تفنيدها تُفرز فقط "الإنسان والعزلة"لأن التقنية مستحدثة والصور المستعرضة تتعلق بمراحل مختلفة.. وليست آنية.. ولكن كانت الصورة القديمة وإرتباط الإنسان بصمته أو بعده أو كتابه تتعلق بالشخص البالغ أو الكبير الناضج.. بينما الصورة الحالية ربطت العزلة بكافة الأعمار ربما من سن الثانية إلى سن متأخرة من العمر يستطيع الشخص فيها أن يُفتن بجهازه الشخصي.. هذه الاستدامة والترابط بين الشخص وجهازه عمقت الوحدة الإنسانية وكرست العزلة وإن ارتأى الشخص أنه وجد نفسه بداخلها.. ومزج نفسه برغبته في البقاء وحيداً دون الحاجة إلى الآخر أو البحث عن مايسليه..!!
هل هي عزلة إجبارية؟ أم اختيارية؟ لا يهم.. بعيداً عن كون العزلة كما يقال هي"الخبرة" المكتسبة خاصة عندما تكون بحثاً عن ماتريد.. أو التماساً للعودة إلى الحياة التي فقدتها أو غابت عنك..!
الناس معزولون أم انهم عزلوا أنفسهم.. بخياراتهم.. وعدم قدرتهم على التواصل الحقيقي أو الإصغاء للآخر لساعة مثلاً دون فتح الجوال أو الرد على مكالمة وكأن الحياة ستنتهي أو ما سيفوتك في هذه الساعة لن يعود.. في لقاءات الصديقات أو المناسبات لا تستطيع أحياناً أن تتحدث جملة واحدة إلا ويرن هاتف.. صديقتي فاطمة عودت الجميع عندما نلتقي مهما طالت الجلسة على عدم استخدام الهاتف وقد تضحك وتقول اقفليه أو اتركيه في المنزل.. وفعلاً تعودت مجموعتنا على احترام ذلك إلا في الضرورة تخرج من المجلس من تريد الاتصال أو الرد لشيء مهم..!!
هناك فرق أن تكون مسجوناً دون إرادتك ومسجوناً بإرادتك داخل جهاز قد ترى أنه يجعلك تسكن العالم ولكنه يحرمك من صفائك الذهني وتأمل الوجوه إن كنت مسافراً أو متنقلا ًأو متنزهاً.. تغيب عنك صورة أفراد أسرتك وهي تلك الصورة التي ينبغي أن تقرأها بقلبك.. وتنظر إليها بروحك.. لكن في المحصلة هي أحكام العصر ونحن نعيشها ونطبقها دون توازن أو حتى معرفة الخيارات المتعددة في الحياة والمتاحة والتي هي أيضاً تمنحك الحلم وتملأ نفسك بمتعة الهدوء.. والقدرة على إجادة الصمت والإنصات إلى المخيلة.. وعدم تعطيل قدرات التفكير التي تحتاجك أنت دون جهاز يحاصرك ويسجنك داخل صورته..!







توقيع : SALMAN
إذا خسرناك عضو فلا تجعلنا نخسرك زائر


الإرادة بركان لا تنبت على فوهته أعشاب التردد

حيــــــــــــــــــــــــــــــاكم الله في حسابي على تويتر :
SALMANR2012@
Digg this Post!Add Post to del.icio.usBookmark Post in TechnoratiTweet this Post!
رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
 
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
التفكير خارج الصندوق SALMAN مقالات صحفية 2011-2019 0 08 / 06 / 2020 16 : 05 PM


الساعة الآن 36 : 05 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.5.2 TranZ By Almuhajir
ملتقى النخبة 2005