قبل السؤال

تم ق
جريدة الرياض | قبل السؤال

يوسف القبلان
من النصائح التي توجه للمسافر عادة، ألا يسأل عن معلومة من أحد المارة في الشوارع لأن هذا قد يعرضه للسرقة. وفي إحدى الدول العربية سألت أحد المارة عن موقع مكتب الخطوط السعودية فأجاب: عندك حجز!!
وفي قرية بأمريكا كنت مع مجموعة من الأصدقاء في رحلة بالسيارة، وفي احدى القرى سأ لناعن موقع "الموتيل" فتعرضنا للسرقة، أما في البحرين فكلما سألنا شخصاً عن مكان معين قال: إلحقني.
في عصر "النت" لا أحد يسأل عن شيء، بل لا أحد يسأل عن أحد فالعالم أمامنا ننتقل إلى أي مكان فيه، وأي موضوع، ونسافر بكل وسائل النقل، ونسبح في بحور المعرفة ونحن بين جدران غرفة المنزل.
في العصر الذي مضى أي ما قبل (النت) كنا نسأل المارة في الشوارع فنتعرض للسرقة، وفي عصر "النت" يُطلب منك رقم بطاقة الائتمان فتتعرض للسرقة أيضاً.
أحد الأصدقاء حجز فندقاً خارج المملكة في شهر (MAY) ودفع عن طريق النت ما يعادل سبعة آلاف ريال، لكنه لظروف معينة قرر تأجيل السفر فاتصل هاتفياً بالشركة أو الشبكة التي حجز عن طريقها بهدف إلغاء الحجز، وتم هذا الاتصال في شهر (FEB) أي قبل موعد الحجز بأكثر من شهرين ومع ذلك قيل له إن المبلغ الذي دفعته لن يرجع إليك، وهذا هو نظام الشركة.
صاحبنا لم يسكت ولم يستسلم واحتج بقوة، وهدد بمقاضاة الشركة وقال إن هذه سرقة بأساليب حديثة وعندما أدركت الشركة أنها تتعامل مع عميل يدرك حقوقه ويدافع عنها قررت إرجاع المبلغ.
في مواقع الانترنت محطات تقود واحدة إلى الأخرى، وإذا كان المواطن البحريني يقول لك إلحقني ليقودك بكل ود وأريحية إلى مبتغاك ثم يودعك بابتسامة صادقة، فإن الابتسامة في شبكة الانترنت لن تقود إلى لقاء سعيد بل قد تقود إلى ألغام وأفخاخ.
عندما يقول لك (الانترنت) إلحقني فلا تتسرع، وتأكد من أنك تتجه في الطريق الصحيح إلى هدفك وأنك لا تتعرض للخداع.
الهاتف الجوال هو الآخر وسيلة من الوسائل الحديثة التي لجأ إليها بعض الأشخاص من عديمي الضمير فاستخدموها للنصب والاحتيال والسرقة، كما استخدمت أيضاً للابتزاز، وإيذاء الناس.
إذا نظرنا إلى هذه المؤشرات من زاوية تربوية فسوف نجد أن المشكلة ليست في التقنية، ليست في الوسيلة، وإنما هي مشكلة سلوك، وأخلاق، وقيم.
إيذاء الناس بالمعاكسات - مثلاً - غير مرتبط بالتقنية الحديثة فقد كان موجوداً في عصر الهاتف العادي.
التقنية إذن ليست هي المشكلة وإنما كيفية استخدامها، والغرض من استخدامها، وقد أدرك المختصون والتربويون هذه النقطة، فاتجهوا إلى التوعية، والتثقيف بدلاً من المنع لأن إساءة استخدام التقنية من عدد محدود من الناس أو فئة قليلة لا يعني أن التقنية سيئة وأنها جلبت لنا المصائب وإنما يعني ضرورة مراجعة أساليبنا التعليمية والتربوية.
وعندما يستوقف المرور سائق سيارة ويحرر له مخالفة لتجاوزه السرعة المحددة فإنه بهذا الجزاء يعاقب سائق السيارة الذي ارتكب سلوك السرعة الزائدة ولم يتجه بالمخالفة إلى الشركة التي صنعت السيارة إلا إذا وقع حادث لاسمح الله بسبب خلل في صناعة السيارة.