شؤون منزلية

يوسف القبلان
تم ق
جريدة الرياض | شؤون منزلية

إذا كان الشاب مشغولاً بدراسته وبأصدقائه وهاتفه وألعابه وبرامجه التلفزيونية، ويتوفر له في المنزل كافة الخدمات التي لا يتعدى دوره فيها سوى استهلاكها، فإن هذا الشاب بالتأكيد سيكون في المستقبل بحاجة إلى دورات تدريبية في اكتساب مهارات أساسية في الحياة اليومية قد يكون من بينها (إصلاح بنشر السيارة) وإذا كانت الفتاة هي الأخرى مشغولة بدراستها وصديقاتها، وملابسها، وجوالها، وبرامجها التلفزيونية، وتطلب من (الخادمة) توفير طلباتها من المشروبات والمأكولات وكأنها في فندق فئة "خمسة نجوم" فإن هذه الفتاة بالتأكيد ستواجه مشكلة بعد الزواج وستكون بحاجة إلى دورات تدريبية في الطبخ والترتيب والتنظيف، والاستقبال، وحتى في أبسط الأشياء، وهي كيفية (تقديم الشاي والقهوة للضيوف).
وأكاد أسمع صوتاً يذكرني بأن الأم لا تشارك فكيف يشارك أفراد العائلة؟ وصوت آخر يقول إن الأب لا يشارك لأنه يعتمد على السائق في توفير متطلبات المنزل!
هل هذه هي الصورة في كل البيوت؟ بالتأكيد لا فمن الظلم التعميم على الجميع ويجب أن نتذكر البيوت المكافحة من أجل لقمة العيش وتأمين المسكن النظيف الآمن، في هذه البيوت الكل يعمل ويشارك فالحياة بالنسبة لأبناء هذه البيوت هي المدرسة التي يكتسبون فيها المهارات التي تساعدهم على التكيف مع الظروف وتوفير الاحتياجات الضرورية وليس الخدمات الفندقية من فئة "خمسة نجوم".
وفي الغرب لاحظت ان بعض العائلات تستثمر إجازة الأسبوع في تنظيف المنزل وصيانته بمشاركة كافة أفراد العائلة.. وأتذكر أن إحدى العائلات التي تعرفت عليها أثناء دراستي في أمريكا تضع جدولاً أسبوعياً تم الصاقه على باب الثلاجة ويتضمن مهام كل فرد في العائلة بما في ذلك الأب والأم والأولاد والبنات وهي مهام تتعلق بالطبخ والتنظيف وقص الأشجار وغيرها.
إن توفر القدرة المالية لا يجب أن يقود الإنسان إلى الكسل، والاتكالية وانتظار الخدمات وعدم اكتساب المهارات.
ويلاحظ أن بعض الآباء من أصحاب الثروات - ولأسباب تربوية - يعودون أبناءهم وبناتهم على العمل من خلال برامج والتكليف، والتكيف بالمسؤوليات العملية التي تتطلب الثقة، وتقوم بعض الشركات العائلية بالاهتمام بهذا الجانب فتوفر فرص المشاركة للأبناء ويتم تعويدهم على حل المشكلات واتخاذ القرارات وتحمل المسؤوليات.
إن القدرة المالية لا تعني تعطيل قدرات الإنسان ويفترض أن لا تؤدي إلى تلك النتيجة، بل يجب استثمار تلك القدرة على اكتشاف الميول والقدرات وتنميتها وإيجاد الفرص التي تشحذ العقول والهمم وتنمي في الإنسان حب العمل والمشاركة