مفاتيح الشخصية

تمت ق

جريدة الرياض | مفاتيح الشخصية
يوسف القبلان

* على طريقة "قل لي ماذا تأكل أقل لك من أنت" وماذا تلبس؟ وما نوع سيارتك الخ للدلالة على الشخصية، أريد اليوم أن أستأذن القراء للدخول إلى عالم علم النفس لطرح بعض الكلمات، والسلوكيات التي يمكن من خلالها التعرف على مفاتيح الشخصية وهي قد لا تعبر عن رأي دقيق لوحدها ولكنها عندما تضاف إلى غيرها فإنها قد تكوّن بعض المؤشرات ذات الدلالة وهي تستخدم أحياناً في مقابلات التوظيف، للتعرف على جوانب الشخصية.
إن مجرد معرفة نوعية الأكل إنما يعطينا فكرة جزئية عن الشخص ولكن هذا الجانب عندما يضاف إلى جوانب أخرى فإنه قد يفيد في تكوين رأي وتحديد نمط الشخصية. لكن سأطرح الموضوع بشكل مختلف.
وهنا أقول إذا كنت في اتصالك مع الناس تستخدم كلمة "سم" فهذا مؤشر على تربية راقية، وشخصية محترمة تحترم نفسها وتحترم الآخرين، ومؤشر على وجود استعداد للتعاون.
وإذا كنت في حوارك مع الآخرين تمتلك القدرة على الإنصات فهذا يدل على شخصية تتوفر لديها الإرادة، والقدرة على التحكم الذاتي. وإذا كنت مديراً وتركز معظم الوقت على الشكليات وتدقق في التفاصيل فقد يكون في هذا النمط الإداري ما يشير إلى ضعف في إدارة الوقت وترتيب الأولويات، أما إذا كان المدير لا يفوض ولا يتيح فرصاً للمشاركة ولا يقابل الموظفين ولا المراجعين فهذا مدير يحتاج إلى تقييم ذاتي وخارجي وإذا كان المدير الأول يعاني من ضعف في إدارة الوقت فإن هذا المدير يعاني من ضعف في الثقة بنفسه وبالآخرين!!
الإنسان العملي عادة يهتم بالمخرجات، والنتيجة النهائية أكثر من اهتمامه بإجراءات العمل، وبالخطوات التفصيلية، وإذا أراد أن يصل إلى هدفه فإنه لا يعنيه كثيراً أن يستخدم مقعد الدرجة الأولى أو السياحية إذا كان مسافراً بالطائرة، ولا يهمه أن يكتب ملاحظاته بقلم رصاص أو بقلم فاخر، أما الملابس فهي نظيفة ولكن عملية وليس فيها إضافات جمالية فهو لا يحتاج إلى أن يلفت الأنظار إليه بشكله بل بما يقدمه من عمل.
أتذكر هنا أن أحد أساتذة الجامعة التي درست فيها في أمريكا كان يحضر الى الجامعة بالدراجة العادية وأتذكر في نفس الوقت أن عضو هيئة تدريس في إحدى المؤسسات التعليمية ثار غاضباً لأن اسمه في دليل الهاتف الخاص بالمؤسسة لم يسبق بحرف الدال. وهذه أمثلة تقودنا الى مواقف أخرى فهناك من الناس من يفضل ان تخاطبه بكلمة (الأخ)، والزميل، وهناك من يفضل كلمة (أستاذ) ونستطيع من خلال هذه المفاتيح أن نتعرف على ملامح الشخص وكيفية التعامل معه، وهذا يفيد في فن الحوار، والتفاوض.
ونشير هنا انه في المفاوضات السياسية الصعبة يقوم فريق متخصص بدراسة شخصية المسؤول السياسي من خلال مفاتيح معينة مثل الرياضة التي يفضلها، والكتب التي يقرأها، والأماكن التي يحب زيارتها، والبرامج التلفزيونية التي يشاهدها وغير ذلك من المفاتيح التي تفتح أبواب الشخصية وهي لا تعطي فكرة كاملة ودقيقة عن الشخص ولكنها مقدمة، وباب للدخول والتعرف المبدئي.
ومن الطبيعي أننا حينما نتحدث بالهاتف مثلاً الى شخص لأول مرة لن نكون على طبيعتنا لأننا لا نعرف ما هي العبارات المناسبة لطبيعة هذا الشخص، وهل يحب الإطالة في السلام والسؤال أم يميل الى الدخول المباشر في صلب الموضوع.
أما حكاية "قل لي ماذا تأكل أقول لك من أنت" فمن أبسط الأحكام التي يمكن ان نصدرها هذه الأيام اذا نظرنا الى تعلق الأطفال وجيل الشباب بالأكلات السريعة على سبيل المثال، ولو قابلك طفل يفضل الأكلات الشعبية مثل المطازيز أو الجريش فأنصحك بالتوقف عنده طويلاً والتأمل في شخصيته.
أما الذين يفضلون الأكلات الخفيفة ولهم نظام في الأكل يصل الى درجة نسيانه ففي ظني أن من ينتمي إلى هذه الفئة هو شخص عملي يهتم بالقضايا الجوهرية والفكرية ولا يعطي للطعام وقتاً أكثر مما يستحق رغم أنه في بعض الأوقات يتحول إلى مناسبة رومانسية او عشاء عمل يمتد إلى ساعات لكنه يخرج بنتيجة عملية، وهذا نمط يضرب عصفورين بحجر واحد أي يستثمر الوقت.