ثقافة الكبار
تم ق
جريدة الرياض | ثقافة الكبار
يوسف القبلان
يقول الزميل والصديق محمد السالم من معهد الإدارة ان فئة غالية علينا من الناس هم الآباء والأجداد والأمهات لا يجدون في الإذاعة والصحافة و التلفزيون من البرامج والمواد ما يتفق مع سنهم ومع اهتماماتهم، وإن هناك حاجة إلى الالتفات إلى جيل الماضي ليس فقط تقديراً لما قدموه لنا وللوطن ولكن لكونهم مواطنين لا تسقط حقوقهم بكبر السن.
في الصفحات الشعبية معظم موادها من الشعر الشعبي، أما برامج التلفزيون فهي موزعة بين السياسة واهتمامات الشباب، وأما القنوات الفضائية فبعضها يستهدف الشباب، وبعضها يستهدف المثقفين، وبعضها قنوات سياسية، وكثير منها عبارة عن بث راقص مستمر .. وتبحث عن برنامج له قيمة يستهدف كبار السن، ويغطي اهتماماتهم، ويستضيفهم ويحدثهم، ويفتح نافذة على الماضي، وأبواباً على المستقبل، فلا تجد من هذا النوع إلا القليل، فثقافة الكبار تكاد تكون غائبة.
الحوارات اما سياسية أو شبابية، والشبابية هي التي تتعامل مع الرياضة أو مع الفن، فلا أحد يبحث عن "نجم" من سماء أخرى أي سماء التجارب العامة من خلال الحوار مع أشخاص لا ينتمون للسياسة ولا للفن، ولا للرياضة، وإنما هم أصحاب تجارب، ولهم تاريخ يشفع لهم بالحديث والإسهام بالرأي في قضايا المجتمع.
الأهم في قضية هذه الفئة الغالية هي في إثراء فرص المشاركة الاجتماعية لهم، وتوسيع دائرة الاهتمام بهم، وتقدير تجاربهم وإسهاماتهم، والاهتمام بقضاياهم وحقوقهم، ومطالبهم، واحتياجاتهم، واهتماماتهم ومشكلاتهم، وآرائهم، وخبراتهم التي لا يمكن الاستغناء عنها.
الحديث هنا موجه للجميع، وتحديداً إلى وزارة الثقافة والإعلام، وجمعية المتقاعدين، ورعاية الشباب، ووزارة الشؤون الاجتماعية، وأمانات المدن ومجالس المناطق، والهيئة العامة للسياحة و غيرها من الجهات.
طبعاً، هذا لا يعني عدم وجود برامج تهتم بهذه الفئة، ولكنها محدودة ومنها على سبيل المثال برنامج إذاعي بعنوان "أماكن في ذاكرتهم" من إعداد وتقديم الأستاذ ابراهيم الصقعوب. وقد استمعت إلى حلقة قديمة من هذا البرنامج وكان يستضيف الشيخ علي بن عبيدالله العبيدالله، وكان يتحدث فيها عن الحياة في الماضي ويسرد ذكرياته، ويروي بعض القصص التي تتضمن العبر والدروس.
من ذلك ما رواه عن الشيخ عبدالرحمن بن سعدي يرحمه الله، وأسلوبه في النصح والتوجيه والإرشاد والأمر بالمعروف، حيث انه ذات يوم مر بمجموعة من الشباب كانوا يوقدون النار في الشارع ويتحلقون حولها للتدفئة، وكان الشيخ في طريقه إلى المسجد للصلاة، ولما شاهدهم يجمعون الحطب لإبقاء نارهم مشتعلة بادر الشيخ بمشاركتهم في جمع الحطب ثم مشاركتهم الجلسة حول النار، وبعد وقت قصير قال لهم "وش رايكم يا شباب نروح مع بعض للمسجد للصلاة" وهذا ما حصل فعلاً.
هذا مجرد مثال يعطينا فكرة عن نوعية البرامج التي يمكن إعدادها و تنفيذها وهي تجمع بين المعلومة المفيدة والخبرات والسلوكيات التي يمكن استثمارها في وقتنا الحاضر.. وأعتقد بأن بإمكان الهيئة العامة للسياحة الاستفادة من الآباء والأجداد في إثراء البرامج السياحية مثلما نفعل في مهرجان الجنادرية الذي يعقد في فترة زمنية محددة، وما نقترحه هنا أن تكون المشاركة عملية مستمرة سواء في برامج السياحة، أو برامج المتقاعدين، أو خطط المجالس البلدية، ومجالس المناطق وغير ذلك من الأنشطة والفعاليات التي يجب أن تكون لكافة الأعمار.