أسئلة

جريدة الرياض | أسئلة
تم ق
يوسف القبلان
إذا أردنا أن نقيّم درجة فهم الطالب ومستوى ذكائه، وقدراته في الاستيعاب والتحليل فلا بد أن نقدم له اختبارات لا تقيس قدرة الطالب على الحفظ والاسترجاع، وإنما اختبارات تسمح بفتح الكتاب وتحفز الطالب على البحث والربط، والتحليل، وإبراز شخصيته.
هل الاختبارات الآن تتيح المجال لبروز الفروق الفردية بين الطلاب؟
إذا كانت العملية حفظاً، وإجابة عن أسئلة مباشرة كل المطلوب للإجابة عنها تشغيل الذاكرة وسرد المعلومات المحفوظة، فكيف يتسنى إبراز شخصية الطالب ومعرفة قدراته الإبداعية؟
٭ يسأل أحد الأطفال والده:
نحن ندرس اللغة الإنجليزية في مدارسنا، فهل يدرسون اللغة العربية في مدارسهم؟
الأب أجاب بالنفي معتقداً أن هذه الإجابة ستقفل الموضوع، لكن الطفل سأل: لماذا؟
الأب لم يكن لديه إجابة مقنعة، أو كانت لديه إجابة قد تكون فوق مستوى إدراك الطفل وهو في السنة الثالثة الابتدائية؟
هذا السؤال ليس من اختصاص أهل اللغة، لكنه من اختصاص الجميع ولا سيما الجامعات، ومراكز البحوث، ومن المهم أن يطرح على الطلاب في صالات الاختبار بدلاً من أسئلة مادة التعبير التي تطلب من الطالب مادة كتابية إنشائية تعتمد على حسن الأسلوب وليس على جودة الأفكار.
٭ في منتديات الإنترنت يمكنك أن تتعلم في أقل من دقيقة كيف تشتم وكيف تصدر الأحكام القاطعة، وتحكم على النوايا، وتستخدم أقذع المصطلحات من أجل أن تسجل انتصاراً على طرف آخر تظن أنك تحاوره وهو لا علم له بذلك.
أصبحت لغة الشارع أرقى من لغة بعض ساحات الإنترنت، وكان يقال في السابق (لغة شوارع) وصفاً للغة الهابطة، لكن الشارع الآن يتسم بالثقافة والتحضر أكثر من بعض المنتديات.
هناك أكثر من سؤال حول هذا الموضوع، وأول الأسئلة هو لماذا يلجأ الشاتمون إلى لغة الشتم إذا كان ما يطرحونه من فكر يتسم بالمنطق والعقلانية ويستند إلى حجج وأدلة مقنعة؟
وهذا السؤال ينسحب على الحوارات التي تتم في القاعات حين يلجأ أحد أطراف الحوار إلى رفع الصوت بطريقة ملفتة للنظر وبشكل حاد يتسم بالانفعال؟
وحتى في مسألة النصح والإرشاد، هل تسمح سيكولوجية المتلقي بتقبل النصح والإرشاد مغلفين بالورد أم مغلفين بالأشواك؟!
لماذا ينشغل البعض منا بالجدل بدلاً من العمل، وهل أصبح الجدل غاية بدلاً من وسيلة، وإذا كان لا بد من الجدل فهل لا تكتمل شروطه إلا بعنصر الشتم والتشكيك بالنوايا، وإلقاء التهم وتوزيعها وكأن الإنسان مذنب حتى تثبت براءته!
٭ تقوم بعض الأجهزة والمؤسسات بطرح مبادرات وأفكار جدية بعضها يتمثل في إنشاء كيانات إدارية جديدة أو أمانات أو وحدات إدارية، أو منتديات، أو مجالس.
وقبل البدء في التنفيذ وحرصاً من تلك الأجهزة والمؤسسات على احترام النظام، والتنسيق مع الجهات المرجعية المسؤولة، والانطلاق وفق أسس نظامية معتمدة، تقوم بالبحث عن الموافقة الرسمية أو الاعتماد النظامي... النتيجة تكون الدخول في نفق طويل لا ترى نهايته، وخط طويل آخر من الإجراءات، واللجان، وقد يقود ذلك في النهاية إلى عدم الموافقة.
وفي المقابل تقدم أجهزة أخرى على التنفيذ دون الرجوع إلى جهة لطلب الموافقة وتكتشف أن الأمر سهل وأن لا أحد اعترض، أو سأل وهي بذلك تطبق مبدأ Don't ask Don't te)
فلماذا يحدث ذلك، ومن المسؤول؟
تلك أسئلة من وحي أجواء الاختبارات، وهي أسئلة كلها اختيارية، وكلها لا تعتمد على الحفظ، وكلها لا تقيّم بالدرجات ويجوز فيها فتح الكتاب.