تغيير السلوك والعادات

جريدة الرياض | تغيير السلوك والعادات
يوسف القبلان
إذا قيل لك إن فيلماً سينمائياً يعرض في صالات السينما لعامة الناس في الساعة الثالثة والنصف بعد منتصف الليل، فاعلم أن ذلك حقيقة، وأنه يحدث فعلاً في بعض المدن العربية، واذا كانت المسارح في أوروبا تنتهي عروضها في الساعة العاشرة أو الحادية عشرة مساء فإنها في الدول العربية تبدأ عروضها في هذا الوقت.
أما العروض الليلية والحفلات فهي لا تبدأ الا بعد منتصف الليل وتستمر حتى الصباح.
لا أدري ما هي الحكمة من هذه المواعيد، ولا أفهم لماذا ترتبط التسلية أو المرح بالليل فقط، مع أن بعض حفلات الزواج في بعض الدول تتم بعد الظهر!!
الشباب في الوقت الحاضر يتفاخرون بالسهر وعندما تستيقظ مبكرا في الصباح وتخرج إلى الشارع وتجد مجموعة من الشباب يجوبون الشوارع فلا تفرح فهؤلاء لم يستيقظوا مبكرين ولكنهم لم يذهبوا إلى النوم بعد!
أحياناً أتساءل عن وجود ممارسات أو عادات غير صحية في تنظيم الوقت وفي الوجبات الغذائية على الرغم من الوعي بالآثار السلبية لهذه الممارسات والعادات وعلى الرغم من حملات التوعية، والتعليمات الرسمية كما هو الشأن في قضية المشروبات الغازية ومنعها في المدارس.
التساؤل الذي أطرحه هنا يتعلق بتغيير السلوك، ومدى تأثير حملات التوعية، فمن المعروف مثلا من الناحية الصحية ان الإنسان يجب أن يتناول طعام العشاء قبل ثلاث ساعات من النوم فهل هذا ما نقوم به، وماهو الحل مع الولائم المتأخرة في حفلات الزواج وغير ذلك من المناسبات حيث يتوفر الأكل الدسم في وقت متأخر من الليل، وما تأثير ذلك على الإنتاجية في الصباح؟!
إن عاداتنا في الأكل، والنوم المسيطرة علينا بقوة وبعضها ممنوع من الناحية الصحية مثل السهر والنوم بعد وجبة ثقيلة، هذه العادات تجعل المرء يتساءل عن الالتزام بالقيم الأخلاقية وهل يبحث فيها الإنسان عن الممنوع كما يفعل في عاداته الغذائية؟
الأطفال يتناولون الوجبات السريعة والمشروبات الغازية رغم إدراك أولياء الأمور بأضرارها.
أما حكاية السهر فإن الطفل يخجل أن يقول لأصدقائه أنه ينام في ساعة مبكرة من الليل ويستيقظ في الصباح الباكر ان من يفعل ذلك يصنف بأنه (قروي) ولأنني من أصحاب نظرية النوم المبكر ولقناعتي بأهمية ذلك من الناحية الصحية والنفسية وتأثيرها الايجابي على الذهنية والإنتاجية فإني اعترف وأفتخر بأنني (قروي) وإن شئتم فإنني لا أمانع أن أوصف بأنني (متخلف).
لست أدرى ماهي علاقة السهر والأكل في مطاعم الوجبات السريعة بحكاية التقدم أو التحضر، ولكنها المظاهر المسيطرة وهي نفسها التي تجعل الطفل يرفض أن يقوم والده بايصاله إلى المدرسة بدلا من أن يفتخر بذلك!
ارتبط الليل بالشعر والشعراء ولكنه لم يرتبط بالأكل أو العمل الا من تستدعي طبيعة عملهم ذلك، واذا كنا عاجزين عن تغيير عادات الأكل والنوم فهل نستطيع المحافظة على عاداتنا وقيمنا الأخلاقية والمثاليات التي ندعو إليها صباح مساء.