|
خـــــــــــدمات الأعضــــــــــــاء
|
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
|
LinkBack | أدوات الموضوع |
المشاركة رقم: 1
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
خط استواء.. اللاشيء
خط استواء.. اللاشيء
نجوى هاشم تم ق ن جريدة الرياض | خط استواء.. اللاشيء هل أصبتَ بداء «اللاشيء»..؟ هل حاصرك إحساس غياب روحك.. وافتقادك لها.. فجأة..؟ هل احتلك.. الفراغ النفسي.. والذهني.. والإجهاد البدني.. كلهم اتفقوا أن يكونوا معك.. أنت المسافر.. وهم الموانئ.. يصّدرون لك الوجع.. ولايسمحون لك بالمغادرة.. هل بحثت عن نفسك ولم تجدها بالرغم من أنك كنت تلامسها منذ دقائق قليلة..؟ هل شعرت ذات يوم أو ايام بظلال الغربة تتحرك حولك.. وتملأ المكان عنوة.. وكأنها تتملكه.. وتستمتع به..؟ هل استوطنتك العزلة الاختيارية.. رغم أنك تعيش وسط الآخرين.. وتتعامل معهم..؟ ولماذا نستكين فجأة "لغربة الداخل".. وكأننا أسرى لها.. ومقدر أن تكون وطناً لنا عندما نصاب بداء "اللاشيء"..؟ الأزمة هي الإنسان.. أنا أو أنت أو نحن.. هذا الكائن، المتمرد، الضعيف، القوي، المتصدر للحياة بقوة، الباحث عن الأمان، المحكوم.. فجأة بأن يكون الضحية، والظالم، والمظلوم، والسجان، والمسجون، والعاجز عن إيجاد فرصة كريمة تبقيه على قيد البشرية.. هو في المحصلة كما يقول أحدهم كائن متعادل مادياً وروحياً وهذا هو سر الحياة..!! هذا التعادل.. أو المزيج الإنساني مرتبط بالروح.. والتي قد تغيب فجأة رغم أنك لاتزال على قيد الحياة.. لا أتحدث عن أولئك الأشخاص.. الذين نطلق عليهم أمواتاً وهم أحياء.. ولكن عن أنفسنا نحن.. عن ارتباط الروح بتفاصيل ما نقوم به.. فالروح هي الإنسان.. وهي كما يقول أحد الفلاسفة "الروح خفة ظل".. ولذلك عندما نفقدها نتحول إلى أشخاص ظلهم ثقيل..!! اعتدت دائماً مع المقربين والصديقات ألا أتواجد معهم عندما أفقد روحي.. لأنني أصاب بثقل الظل.. أو كما يسميهاالبسطاء" ثقل الدم".. وهي تأتي من الإنسان الذي لايكاد يطيق روحه.. التي هي في الأصل أوسع من الفضاء.. وأعمق من المحيط.. كما يقول أحدالحكماء.. ولكنها تتحول فجأة عندما تضيق بك الأمكنة وتصاب بالملل أو الفراغ النفسي.. إلى محيط ضيق لا يكاد يتسع إلا لك فقط.. هذا إذا اتسع أحياناً.. لأنك في تلك اللحظة تشعر بعدم قدرتك حتى على احتمال روحك.. فكيف بالآخرين..!! اعتادت الناس على بساطة التعبير وكنت أعبر منه دون توقف.. رغم أنها تعبيرات فلسفية وحكيمة.. فهم يقولون مثلاً.. فلان روحه خفيفة.. بمعنى أنه ينشر الفرح والحياة في المكان.. وهذا صحيح.. وآخر روحه ثقيلة.. بالرغم من أنه لم يؤذ أحداً.. لكن الناس بحاجة إلى من تهفهف روحه عليهم.. ولذلك يسعدون به.. من هذا المنطلق.. نكون - عندما تغيب أرواحنا - محكومين بالسجن في دواخلنا ولعل هذه أقسى أنواع السجون وأمرّها وأكثرها وجعاً.. لأن السجون الأخرى المادية يعرف السجين فيها بعد أن يتحدد جرمه.. متى سيخرج ومتى تنتهي محكوميته؟ لكن عندما نسجن داخل أرواحنا لانعرف متى سنغادر؟ أو متى ستفرجُ عنا؟.. تنظر حولك فتجد كل الأبواب مفتوحة.. والسماء فوقك.. مضيئة.. ولديك كل الحرية.. لتخرج من المنزل.. وتسافر إن أردت.. أو تتجول في الأماكن التي تريدها.. ومع ذلك.. ورغم كل هذه الحرية الواسعة والمتاحة.. لاتستطيع أن تفعل شيئا.. يقول أفلاطون" الإنسان سجين لايحق له الخروج من سجنه".. هو مسجون داخل روحه وفي تفاصيل نفسه.. ولايستطيع مغادرة أي منهما.. يعجز عن تقديم أدلة براءته.. لأنه لايعرفها على الأقل في هذه اللحظة.. لايعرفها لأنه غائب عن نفسه.. تتملكه أحزانه.. باسماء.. وتفاصيل صغيرة.. يستلهم منها خصوصية سجن نفسه.. ويبني بها عالمه هذه اللحظة.. وحيداً معزولاً.. ومعتزلاً الناس.. وضع قانونه الخاص بالسجناء وارتضى به.. والتهمة.. تحتاج كتابتها إلى مجلدات.. وهو غير عابئ بشرح دفاعه.. بل يصغي إلى فراغ نفسه الداخلي.. ويسمع غياب روحه بالتدريج..!! هل ارتأى أن يكون وحيداً؟.. هل أراد أن يكون هو الغريب.. أو يستلذ بطعم اغترابه عن ذاته.. ونفسه.. ومن حوله.. المشكلة أن لاشيء دفعه ليكون كما هو الآن.. وليس هناك مايدفعه ليكون مرتبكاً وخائفاً.. من سجنه أو أن تطول مدته.. كل ما في الأمر أننا قد تغيب أنفسنا عنا وتغادر أرواحنا.. لتبعد هناك مع الكواكب.. ونظل نمارس الحياة.. الميتة.. قد نبحث بسرعة.. وقد نستسلم.. لأنه سبق لنا العبور من هذه الطرقات.. توسدنا الغربة.. واحتفلنا بالعزلة.. وكان الملجأ الوحيد هو"اللاشيء".. إحساس من اختراعي.. أدركه تماماً وكأنه المنفى الشخصي.. يتنقل بي بجرأة.. بين الناس والأشياء.. وممارسة الحياة اليومية..! ولمن اعتادوا على الإصابة به.. والسجن داخله.. ألا يحاولوا الافتكاك منه.. أو الركض اللاهث لمغادرته.. لأنه حالة.. طبيعية.. من حالات استجواب أرواحنا وأنفسنا لنا.. قد تحاصرنا لدرجة أننا قد نشعر أحياناً بعدم القدرة على التنفس.. وذوبان الصور.. واهتزاز الأرض من تحت أقدامنا.. يتحول فيها الصمت الإرادي إلى ألفة معتادة.. تشعر معه أنك لاتعرف ماذا بك ولاتريد أن تعرف.. هي اللحظة العدمية التي تستوطنك.. والتي حولت كل شيء إلى زوايا فارغة.. إرثها الوحيد هو "القبول بها".. ربما لوقت محدود قد يطول أو يقصر.. مع تزايد طرح أسئلتك.. مقابل قدرتك على تحمل الأجوبة الصامتة.. بالرغم من أن الحوار لاتديره أنت بل تحذفه الذاكرة بما فيها من غموض.. على روحك.. ونفسك.. ليشتبكوا في تفاصيل معقدة.. تنتهي أنت بعيداً عنها.. مكتفياً بالمشاهدة عديمة الفاعلية.. من على خط استواء الأحداث..!!
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|