نجوى هاشم
تم ق ن
جريدة الرياض | معايير الخطأ

بدأت المشكلة بينهما بعد أن عقدت قرانها عليه، المشكلة الأكثر وضوحاً هي الشك والتعنيف النفسي، والمعنوي، ولكن في الأصل كان هذا الزوج المريض بالشك معروفاً لدى أهله ومن حوله أنه سيذيق المرأة التي يتزوجها الويل.

لكن إصرارها على قبوله رغم رفض أسرتها بالإجماع لمعرفتهم لسلوكه، تزوجت به منطلقة من حيثيات أن الشخص يتغير بعد الزواج، وبإمكان المرأة أن تغيره وتعيده إلى الصواب خاصة إذا كانت إمرأة صالحة، بعد عقد القران بدأت المشاكل تتضح، وبدأ الشك المريض يتسرب بينهما، لكن اصرارها على التغير بعد أن يجمعهما منزل واحد، دفعها إلى الزواج، والإنجاب منه لأربعة أطفال أتوا بعد كل مشكلة وأخرى، وبعد ذهاب إلى المحاكم لعدة مرات، وبعد وسائط لا تُعد ولا تحصى من أسرته عندما تغادر المنزل وتعود إلى أهلها، تنتهي الوساطة بضمانات مكتوبة، يوقع عليها هو وأربعة شهود محترمون ولهم معرفة بالأسرتين، من ضمنها، عدم الشك، واحترام زوجته، والصرف على أطفاله حيث أنها من يقوم بالصرف كونها موظفة، ولكن لأيام معدودة وليس شهورا ويعود إلى حالته الأولى .. يخرج، ثم يداهم المنزل فجأة، ليسأل الشغالة من كان هنا؟ يتصل من الخارج، وهو أمام باب المنزل، ليطلب أطفاله، ويسأل كلا منهم البنات، والأولاد .. ماذا تفعلون ؟ من كان هنا في غيابي ؟ هل خرجت أمكم أم لا؟

وهو يعرف جيداً أنها لا تخرج على الإطلاق من المنزل! يحضر أحياناً ويفتش الغرف، يذهب إلى عملها ليسأل الحارس هل خرجت من المدرسة؟

المهم شد وجذب وعذاب، ووجع نفسي، وضغط على الأطفال وعدم التزام بأي تعهد يكتبه، حيث أطلعتني الزوجة منذ أيام على تعهد منه عشرة بنود.. تقول لي إنه بعد يوم واحد لم ينفذ أياً منه..

المهم في الأمر أنها طلبت الآن الخُلع وتم لها ذلك بعد استنفاد كل ما يمكن من الحلول ..

ما أريد قوله أن الرجل السيئ لايمكن أن يتعدل أو يتغير إلا فيما ندر... حتى لو حاول ذلك..

لفت نظري ما نشرته جريدة الرياض منذ شهرين تقريباً عن حكم (لجزئية القطيف) على زوج اعتدى على زوجته بالضرب، وسبب لها كدمات في وجهها حُكم بالدراسة في أحد المعاهد المختصة بفن التعامل مع الزوجة والشأن الأسري مدة 10 أيام، وتقديم اختبار تحريري يرفعه في ملف القضية.. كما قضى الحكم البديل بإلزام الرجل بالعمل في الفترة المسائية لصالح مستشفى الصحة النفسية في مدينة الدمام، بمعدل ثلاث ساعات يومياً، وقضى الحكم الشرعي بوجوب جلده 30 جلدة في مكان عام) بعد شكوى الزوجة للشرطة.

السؤال هل من الممكن أن تساعد الأحكام البديلة في مثل هذه القضايا على تهذيب هؤلاء الأزواج المعنفين لزوجاتهم؟

هل تستطيع الدراسة أن تشرح تفاصيل العلاقة الإنسانية بين الزوجين وكيفية إدارتها وتمنحه الفرصة لتحسين معاملته لزوجته ؟

هل من الممكن أن يستوعب مفهوم العلاقة الزوجية ؟

هل يستطيع العمل التطوعي تهذيب خلق الإنسان العصبي، والمعنِّف من خلال تقديمه عملا دون مقابل وإحساس بالآخرين؟

الواقع أن الأحكام البديلة في الغرب تساهم في حل كثير من القضايا، وتساعد على تعديل سلوكيات البعض ممن يشكل العنف ركيزة أساسية في حياتهم، والأعمال التطوعية التي يقوم بها من عرَّضوا حياة الآخرين إلى الخطر تسهم في إعادة تشكيل حياتهم من جديد.. وقد يتحولون مستقبلاً إليها طواعية وتبرعاً، ويجعلون بعضاً من أوقاتهم ملكاً لهذه الأعمال التي تسعد البعض، وتعلي من شأن المجتمعات، وتخلق تجانسا انسانيا بين من لديه، وبين من لا يملك بين الأصحاء، والضعفاء، الأغنياء والفقراء، المشاهير والبسطاء.

أهمية الأمر لدينا تأتي من جدوى الأحكام البديلة وهل من يُحكم عليهم يتقبلونها؟ أم أن المجتمع لا يزال يرى أن في ذلك إهانة للشخص الذي يحكم عليه بتنظيف مسجد، أو مكان ما، ولذلك قد يختار السجن الذي يعتبره أشرف له ويحفظ كرامته أمام أهله وعشيرته، على العمل التطوعي الذي يهينه ويحط من قدره؟

هذه الأفكار طالما ظلت في داخلنا، سيظل المجتمع مغلقاً غير متقبل لتجاوز الخطأ، وتصويبه إلا بالخطأ ضمن دائرة تحدد العيب والخطأ بمعاييرها،.