|
خـــــــــــدمات الأعضــــــــــــاء
|
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
|
LinkBack | أدوات الموضوع |
المشاركة رقم: 1
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
المعايير الثابتة
المعايير الثابتة
تم ق ن جريدة الرياض | المعايير الثابتة نجوى هاشم تتداخل تفاصيل الحياة ومفرداتها مع معايير الربح، والخسارة، ولا تقف عند حدود ذلك بل قد تستكين إلى ربح فاره وغير متوقع، وخسارة موجعة، وأحياناً قاتلة يبدو أن هناك تسوية ما تلوح من أجل تجاوزها. أصعب ما قد يمر به الانسان، بل الأشد مرارة هو كيفية التعامل مع الخساة التي كسرته، وأشعلت الفوضى داخله، وفتحت كل أبواب القسوة أمامه؟ قد لا يملك لحظة هذا الانكسار الدامي حتى الاحساس بالاستنفار من أجل المواجهة، وقد لا يملك أي رؤية من الممكن أن تبدو أنها قابلة للتطبيق، أو بإمكانها أن تواجه هذا السيل الجارف من الألم. مايشعر به الانسان عند تلقي الصدمة وليس بالضرورة أن تكون متعلقة بصدمة خاصة، أو مدمرة لنسيجه الخاص هو السلب، هو الدمار.. هو غياب الإحساس الداخلي.. هو العجز عن المواجهة.. كثيرون عندما تدمرهم الصدمات يصمتون تماماً.. تغيب الكلمات عنهم.. يفقدون أي قدرة على الكلام.. وأحياناً أي رغبة.. تكون هذه الصدمة بمثابة ترياق من الصمت.. ولا يُعرف إن كان هذا الصمت صمت التفكير أم التبلد.. أم الغياب عن كل شيء.. أم الهروب..؟ إحدى قريباتي فقدت ولدها الوحيد الشاب في حادث مروع وهو في العشرين من عمره، ومن شناعة الحادث مُنعت من المقربين أن تراه لأنه تمزق تماماً.. عندما سمعتُ بالخبر وكانت تسكن مدينة أخرى كنت أتصور كيف سأجدها..؟ وهي المحبة للحياة، والمنطلقة.. والتي لا تتوقف عن الضحك.. مقابل ارتباطها الشديد بهذا الولد خاصة بعد وفاة والده قبله بعد مرض سريع ومفاجئ، هذه الصدمة هي الثانية والقاتلة لها.. لا أزال اتذكر حتى اللحظة أنها كانت وسط ذهول من حضر لمواساتها تتردد على المعزيات القادمات من المدن الأخرى لتطالبهن بتناول الطعام وعدم البقاء دون تناوله.. والترحيب بهن.. والشكر على الحضور.. ترمدت الكلمات في أفواهنا قبل أن تترمد في لسانها.؟ كنت مذهولة من تصرفاتها خاصة وأنها كانت تقول الله يرحمه، راح عند رب كريم.. (ونعم بالله) غادرنا وهي تودعنا... ولكن لم تتغير عيناها تدمعان ولكنها تحتفي بالآخرين.. كنتُ أتواصل معها وأسأل عنها، وتجيب باقتضاب بعيداً عن سيرة الولد الراحل.. لم تمر سنة حتى لحقت به حزناً عليه ولكنه حزن مكتوم.. لم تُصرح به.. ولم تتحدث عنه.. اختيارات الحياة القاسية والتي تفتح دروب الخسارة لم تمهل إحدى الصديقات للتمتع بالزوج والأطفال الذي كانت كثيراً ما تحكي عن طبيته، فعمر كان طيباً معها ومع من يعرفها مهذباً معطاء، قريباً من أبنائه.. ذهب إلى جده منذ سنوات ومعه ابنتاه طالبة الجامعة والأخرى في الثانوية وابنه في الابتدائي وابن أخت زوجته الوحيد والصغير كانوا ذاهبين في زيارة سريعة، لكن لم يعودوا وتوفوا كلهم في حادث لم يتبق أحد في السيارة، عند زيارة هذه الصديقة في المرة الأولى وهي تستقبل العزاء في زوجها وأبنائها الثلاثة كانت تحت تأثير الصدمة صامتة تنظر إلى الآخرين وهم يبكون، ويتحسرون عليها ويدعون لها بالصبر والثبات والقوة، وبأن يجبر الله كسرها لكن هي كانت في عالم آخر منفصل عن عالم هؤلاء تماماً، مستسلمة بصمت لما حدث، ولا تستطيع حتى التفكير السلبي أو الإيجابي.. تمر السنوات وأجدها في عزاء العام الماضي كان المتوفى شاباً صغيراً والألم يعتصر المعزيات، وهي صامتة لا تتحدث، امرأة بجانبي قالت: إن فلانة تجمد قلبها بعد حادث أولادها وزوجها ولم تعد تتفاعل مع أي موقف مؤلم.. هذا الحكم الصادر يأتي ممن لم يستشعر الصدمات، ولم تهبط عليه واعتاد على أرباح الحياة وليس خسائرها معتقداً أن الربح دائم ومؤنس وأن البقاء فيه ثابت وهذا تفسير وهمي يبتعد عن حقيقة الحياه وارتجافها في عز النجاح.. وفقدانها الزهو في عز التفوق.. المهم هو كيف تصنع تاريخ تعاملك مع الصدمات؟وهو في المحصلة تاريخ مختلف حسب الثقافة والفكر ولكن لا تحكمه بيئة أو سن أو زمن أو تجربة..
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|