|
خـــــــــــدمات الأعضــــــــــــاء
|
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
|
LinkBack | أدوات الموضوع |
المشاركة رقم: 1
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
حطّي حالك محلها
حطّي حالك محلها
نجوى هاشم ت ق ن جريدة الرياض | حطّي حالك محلها يُقال إن أفضل تمرين حياتي يخفف حدة المواقف وتصلّبها وردود الفعل العصبية هو أن نضع أنفسنا محل الآخر، لننظر إلى الأمور بطريقته، أي بطريقة مختلفة عما نراه من جانب واحد. ومنذ ثلاث سنوات أطلقت «هيومن رايتس ووتش» مجلة توعية تحت عنوان «حطي حالك محلها» من أجل حقوق عاملات المنازل في لبنان، تهدف إلى تصحيح بعض المواقف عن عاملات المنازل، وضمان علاقة عادلة وأكثر إنتاجاً بين ربات العمل والعاملات. وتهدف الحملة أيضاً إلى إعادة النظر في بعض التصرفات اليومية التي تواجهها عاملات المنازل، ولتحسين العلاقات بين أرباب العمل والموظفين حتى تصبح مبنية على احترام حقوق الإنسان، والثقة، والعدالة للطرفين. وأهمية الحملة تكمن في عرض بعض المواقف التي من الممكن أن تتعرض لها العاملة، ونتعرض لها نحن أيضاً، وبالتالي إحساس كل منا بهذا الموقف وتقييمه. فمثلاً (في شي مرّة قفلوا الباب عليك بالشغل)؟ تخيلي لو أغلق الباب عليك في مكان العمل كيف يمكن أن تتصرفي؟ (في شيء مرّة حد قلّك «حمارة بالشغل» أو شتمك شتيمة سيئة وصرخ عليك بعبارات مذلة سواء أكان مديراً أو مسؤولاً في العمل)؟كيف ستكون ردود فعلك؟ (في شي مرّة جبرك أحد أن تعيشي بالمطبح) أقصد أن تسكني في سكن لا يخصك، وغير مؤهل للحياة الآدمية، أو يعيش عدد هائل من العمال في غرفة واحدة ضيقة وسيئة التهوية ولا تسمح بأي إنتاج؟ (لا يوجد يوم للاجازة فأيام العمل متوالية منذ قدومك إلى مغادرتك رغم انك تشاهدين من حولك يستمتع بيوم أو يومين إجازة). (في شي مرّة تعاقبتي لأنك كسرتي صحن)؟ (في شي مرّة اشتغلتي لأشهر من دون أن تقبضي راتبك؟) (في شي مرّة منعوا عنك الأكل وأغلقوا الثلاجة والدواليب وانتي جوعانة وبحاجة ماسة للطعام؟) الفكرة العامة للحملة تنطوي على تبادل الأماكن وردود الفعل إن كنا في مكان أحد آخر ليس بالضرورة أن تكون العاملة، أو السائق، أو الموظف البسيط، لأن أي شخص تمارَس عليه ضغوط عنيفة وهائلة تزرع الحقد داخله، وتنثر المرارة ومن المؤكد أن تكون ردود فعله قاسية، ولو كنتَ مكانه لتصرفت أيضاً بنفس التصرفات رغم أنه قد يكون حاول أن يضبط أعصابه من خلال كونه قدم للعمل، ويحتاج له وبالتالي عليه أن يتحمل كافة ملابساته. وفي كثير من مواقف الحياة نواجه الآخر باللوم، والاعتراض وعدم الفهم لموقفه أو سلوكه، دون أن نفكر في فكرة أن نكون مكانه، ولذلك في الحياة العامة نجد أحدهم يقول عندما يتأزم موقف آخر، ويدخل في حدود الكارثية (الله لا يجعلني مكانه). هو يدعو أن لا يكون مكان هذا الشخص، بمعنى أنه يتفهم ما يقوم به، ويستوعب ويتمعن في ردود فعله، وما آل إليه من قهر وضياع. حتى على مستوى الشعوب نجد البسطاء يرددون عندما يسمعون عن مأساة شعب، أو انحداره، أو كوارثه، أو انهياره (الله لا يغيّر علينا) بمعنى أننا لا نعرف ماذا سوف تكون حالنا، أو كيف سنتصرف إن آلت أمورنا إلى ما آلت إليه هذه الشعوب. حط حالك محله دائماً وأبداً لتلتمس له العذر، ولتشعر إنسانياً بما يقوم به سواء أكان طفلك، أم موظفا لديك، أم رئيسك، أم عاملك أم جارك، أم رجل الشارع الذي تصطدم به. حط حالك دائماً مكان المقهور، والمتألم، والموجوع، والمريض والفاشل، والباحث عن الطريق منذ زمن. حط حالك محل من يحاول أن يصل ويفشل، من لا يعرف الحب، من اعتاد على أن لا يحب نفسه، من فقد الثقة في كل من حوله، من تعايَش مع الظلم منذ عرف كتابة اسمه، من اصطدم بكل ما هو رديء رغم أنه يحمل كل الأفكار النبيلة، من اعتاد على أن يأخذ ولم يحاول ذات يوم أن يُعطي! حط حالك محل آخر فقط أمامك حتى ولو بالفكرة وستعرف عندها أحاسيس لم تعتد عليها!
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|