ستكون من الطيبين.. ولكن ليس الآن
تم ق ن
جريدة الرياض | ستكون من الطيبين.. ولكن ليس الآن
يوسف القبلان
انتشر في الآونة الأخيرة مصطلح (الطيبون) يستخدم للإشارة الى الأجيال السابقة، ويفسره البعض بأنه بمثابة النقد غير المباشر للأجيال الحالية. أصبح كل من ينتمي الى الماضي في أي مجال هو من الطيبين حتى في مجال كرة القدم سمعت أحد المعلقين يصف جيل اللاعبين السابقين بجيل الطيبين.

كأن الزمن هو المعيار في إصدار الأحكام. هذا يعني أن الجيل الحالي سيحظى بصفة الطيبين ولكن ليس الآن وإنما في المستقبل البعيد.

كل الاحترام والتقدير للأجيال الماضية. هذا الاحترام لا يبرر وضع مطبات الإحباط في طريق الأجيال الحالية.

لو أردنا تعريف مصطلح الطيبين سنجد أنه يرتبط بالأخلاق. وتحت عنوان الأخلاق تفاصيل كثيرة أو عناوين فرعية تتضمن الاخلاص في القول والعمل، والانضباط، والأمانة، واحترام الأنظمة والقوانين، وحقوق الانسان، ونبذ التعصب والعنصرية، والتواضع وغيرها من الصفات التي تشكل شخصية الانسان وتجعله مؤهلا لعضوية نادي الطيبين.

تلك السمات الاخلاقية نجدها في الانسان بصرف النظر عن الزمان أو المكان الذي عاش ويعيش فيه. وهي أيضا تكون مفقودة لدى فئة من الناس في أزمنة وأماكن مختلفة.

في عصرنا الحاضر وفي مجتمعنا على سبيل المثال شباب وشابات ساروا في طريق الجدية في العلم والعمل، وتوفرت لديهم الثقة بالنفس والرغبة في البناء والنجاح. استطاعوا بالتعليم والتدريب وتحديد الأهداف أن يحققوا النجاح والتميز في كثير من المجالات. وأضافوا الى التميز العلمي والمهني تميزا في الأخلاق والجوانب الإنسانية. نقابل هذا الإنسان المتميز (الطيب) في المستشفى، والمدرسة، والجامعة، والجهات الحكومية والأهلية. نماذج رائعة امتلكت الإرادة كي تستثمر الفرص المتاحة. نماذج لم تركن الى البحث عن المعوقات بل البحث عن أدوات النجاح. نماذج (طيبة) في الأداء المهني وفي الأخلاق، والحرص على الارتقاء في سلم التعليم.

ماذا عن الزمن الجميل؟ هذا الوصف يطلق على زمن مضى. ولكن لماذا؟ أعتقد أن الأشياء الجميلة موجودة في الزمنين.

من جماليات زمن (الطيبين) ممارسة المهن والحرف المختلفة، والقناعة، والعلاقات العائلية والاجتماعية، وعدم الحكم على الناس بالمظاهر.

ومن جماليات زمن الذين سيصبحون (طيبين) في المستقبل تطور آلية تقديم الخدمات، وتطور الرعاية الصحية، وتطور وسائل النقل، والتطور العلمي في كافة المجالات.

الزمن مختلف بظروفه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعلمية. يصعب الحكم على الزمن أو من يعيش فيه بمعيار أخلاقي يستند الى الانطباعات أو الحالات الفردية.

الحاضر يستفيد من الماضي ويضيف الى المستقبل. المقارنة ليست مطلبا سواء بالدراسات أو الانطباعات. المطلب هو الاستثمار في الانسان في كل زمان ومكان، والارتقاء به علميا وأخلاقيا واجتماعيا وانسانيا ليكون عضوا فاعلا في المجتمع البشري.

الزمن جميل بمن يعيش فيه. السؤال الآن هو: هل سيصبح الجيل الحالي من (الطيبين) في نظر جيل المستقبل؟ ماذا سيقول الجيل القادم عن الجيل الحالي؟ هل سيطلقون عليهم صفة (الطيبين) لأي سبب؟ وهل ما نتحدث عنه اليوم يفسر أن الذين يستحقون التكريم في كل مجال لا يكرمون في الغالب إلا بعد رحيلهم؟