ماذا لو؟
نجوى هاشم
جريدة الرياض | ماذا لو؟
تم ق ن

تيقنت فجأة بعد حياة طويلة أن كل ما حولك مطمس ولا يرضيك.. وأن ما أنت فيه لا تحلمين به ولاتتوقين إليه!

يقول الكاتب سلامة أحمد سلامة :"ماذا لو استيقظت ذات صباح وأنت مقتنع بأن حياتك سارت من أولها لآخرها في الاتجاه الغلط؟ لا الدراسة التي اخترتها أعجبتك.. ولا المهنة التي امتهنتها أرضتك.. ولا الأحلام التي تعلقت بها تحققت..؟

ماذا لو اكتشفت فجأة أن كل ما اعتنقته من آراء ظهر بطلانها، وما دافعت عنه من مواقف ثبت خطأها.. وما ارتبطت به من أصدقاء لم يثبتوا عند الشدة، وما شيدته من صروح تهاوت وأصبحت في مهب الريح"

ماذا لو حاصرك ما شعر به الكاتب؟ ماذا لو تأكدت أن الأرض التي كنت تعتقد أن وقوفك عليها سبب ثباتك هي أرض رخوة ولا يمكن أن تواصل تحملك مستقبلاً؟

ماذا لو تأملت مفاتيح الجنون داخلك وتواصلت معها وتأكدت أنها الحقيقة والتيقن والعقل وليس كما تعتقد إفراغ الزمن من حقيقته؟

ماذا لو تأكد لك أن المكان الذي تقف عليه مطمئناً ما هو إلا هامش مفتوح وليس منطقة الضوء التي سعيتَ دائماً إلى البقاء فيها؟

ماذا لو تيقنت أن جزءاً كبيراً من حياتك مضى في نفس الوتيرة رغم أنه كان يفترض بك التداخل مع ملامح أخرى لحياتك تكسبها صبغة مختلفة، وتمنحك رؤية أفضل؟

ماذا لو حاصرتك الصدمة نتيجة الجمود الذي يحتويك وعدم التفاعل مع المتغيرات الحياتية من خلال اعتقادك المطلق أن الثبات هو أساس النجاح، وهو على الأقل البقاء في المضمون؟

ماذا لو شعرت أن السعادة التي تتغنى بها وهمية، وأن تفاعلك السطحي مع الحياة اليومية وتداخلاتها وإحساسك الدائم بالهدوء الذي تغلّفه ابتسامة، أو كلمة فرح ما هو إلانوع من السقوط في فخ الوهم؟

ماذا لو تأكدت من أن شريكك الآخر لا يناسبك على الإطلاق، ولا تربطك به سوى الروابط السطحية وليس العاطفية، أو الإنسانية ولكن ظليت هذا الزمن الطويل بعيداً عن الإمساك بأي لحظة حقيقية لمواجهته، أو إعادة صياغة ملامح العلاقة؟

ماذا لو تيقظت وأنت تشعر بأن خضرة البلادة المنتشرة في الأفق أمامك بدأت تزول وتغادر، وأن الاستسلام المظلم الذي تميزت به أصبح يشكل إدانة لك ولأيامك؟

ماذا لو قررت أن تبحث عن عالم أفضل وحيداً وليس مع الآخر؟

ماذا لو اكتشفت أنك منفصل تماماً عن كل من حولك.. هو والأصدقاء المنافقين، والمنتفعين؟

وهذا العمر الذي لم يحتو إلا على فصل واحد بليد وغير ممتع وقاهر للأحلام وسنين العمر؟

ماذا لو قررت أن ترتحل هناك على مدى رؤية العين والأيام مفرغاً من كل الصور التي سوف تؤول إليها أو إليك؟

هل بإمكانك ذلك؟

هل ستجرؤ على التغيير؟.. هل ستمضي إلى الاتجاه الآخر؟ هل ستغير حياتك؟ هل ستعتبر ما مضى مرحلة.. وستبدأ في تنظيم المرحلة القادمة بصورة مختلفة؟

هل ستتجه عكس ما أنت عليه؟ أم أن الشعور سيحاصرك فقط دون تغيير وسيؤلمك؟

هل بإمكانك الاتجاه بالتدريج حيث إحساسك الجديد وليس التغيير الكامل؟

أشك أن كثيرين غير قادرين بعد أن تشابكت حياتهم مع آخرين، وبعد أن أصبحوا يسكنون ذلك الأفق الذي أغلق عليهم.. لكن طالما وصلوا إلى ملامسة ماذا لو.. من المؤكد أن الزاوية وتغييرها لن يصبح عبئاً مستقبلياً طالما شعروا أن العثور على الذات من الممكن أن يتحقق حتى وإن كان متأخراً!