سيدتي

عندما أشعر أن لحظة الكتابة قد حانت أجلس أمام أوراقي البيضاء

أتأمل كل الأوراق الناصعة التي لم يتساقط عليها حبر ولم تُبللها الدموع بعد !!!

ولأني أخاف من تيتم الحروف

ولأني أخاف على تشرد الحروف

ولأني أخاف من انكسار مشاعر بالحروف

ولأني أخاف عليكِ من عتابي بالحروف

ولأني أخاف عليكِ من كل جرح لي تنزف به الحروف

ولأني ... ولأني... ولأني... !!!

ولأنكِ... ولأنكِ... ولأنكِ... !!!

لأني معكِ وأنتِ معي ....وأنتِ البعيدة عني

لأنك معي وأنا معكِ ....وأنا البعيد عنكِ

لهذا أبدأ قبل الكتابة بكتابة عبارة «عهد ووعد» ...أعدكِ سيدتي أن لا أكتب عنكِ !!!

سيدتي

أعدكِ أن لا أكتب عنكِ ولكن أعجز عن الوفاء !!

ما حيلتي حين أكتب كأني طالب صغير خائف ومجهد في اختبار مادة «الإملاء» وخاطري معلم مستبد في رقته وصدقه !!!

حين أكتب عن ذاتي ..عن قلبي ..عن أعماقي ...عن ذاكرتي !!

أجدك في أول الكلمات ..أجدك في ثاني الكلمات ..أجدك في ثالث الكلمات

أجدك يا أليفة خاطري معي حتى آخر الكلمات بين السطور وعلى السطور في العناوين المختصرة أنت تفاصيلها والجاذبية فيها !!!

سيدتي

حين ترهقني محاولة الكتابة بنص بلا وجودك فيه أعاني من كلمات جمر الحنين تتساقط من قلبي على يدي وأتخيل أنك قد تأتين كسحابة إحساس من حنان لتطفي جمر الكلمات بمطر حنانك !!!

أغلق بكف اليأس قلمي ..وأمزق أوراقي التي مزقنني !!

من أجلك أقرر الهروب من الكتابة إلى القراءة....ِ!!!

سيدتي

ماذا أقرأ

هل أقرأ من ديوان شعر فأتوقف عند بيت شعر أبكاك وأبكاني حين أخافنا آخر الليل بقافية هاجس مغيب نهار أيام كان يجمعنا !!

أم أقرأ رواية وكل روايات في مكتبتي تذكرني بك حين كنتِ تبكين من أجل «ماجد ولين»

وحبيبها شفقة عليهم من قسوة الفراق بعد رقة أحلامهم

واليوم من يحن ويشفق علينا بعد قسوة أيامنا وفقد رغيف البوح بيننا !!

سيدتي...

الكتابة عن ذاتي بدون وجودك فيها صمت

وأنتِ في كتاب ذاكرتي كل الكلام

ما حيلتي حين أشتاق لرؤية ذاتي وأكتبها أجدك في بعض ملامحها

وفي بعض أحلامها وفي بعض دموعها وفي كل حنينها وحنانها

سيدتي....

ما حيلتي حين تيتمت الحروف .....

ماذا أقول لها حين تعود إلي منك بكماء وقد ضاع منها أمام صمت نظراتك صوت ضحكاتها وبكائها

والأنين !!

كانت حروفنا ...كانت كلماتنا....كانت مشاعرنا

واليوم ما عادت الكتابة العزف واللحن الذي تطربي له

ربما يؤلمك ...ربما يشجيك ...!!!

آآآآآه من تيتم الحروف !!

** **

- عبد العزيز حمد الجطيلي

https://www.al-jazirah.com/2020/20201002/cm6.htm