خـــــــــــدمات الأعضــــــــــــاء

العودة   ملتقى النخبة > النخبة 2011 > سواليف أدبــاء
.::||[ آخر المشاركات ]||::.
 

إضافة رد
 
 
LinkBack أدوات الموضوع
  المشاركة رقم: 1  
قديم 02 / 12 / 2020, 43 : 02 PM
الصورة الرمزية SALMAN
مؤسس الموقع
المنتدى : سواليف أدبــاء
تاريخ التسجيل العضوية الدولة المشاركات بمعدل المواضيع الردود معدل التقييم نقاط التقييم قوة التقييم
14 / 03 / 2005 1 المكتبة 7,618 1.05 يوميا 393 10 SALMAN is on a distinguished road
SALMAN متصل الآن

ساق ميتة

ساق ميتة

طَفِقْتُ أَقْطَعُ الشارع ذهاباً وإياباً وأنا أصبُّ جام غضبي على كل ما يعترض طريقي، وأخص بالتنكيل كل من باع نعجاته وحل بهذه المدينة. هاجمتهم بمقْت، واعتبرتهم غزاة، استعمروا مدينتي ولم يتركوا لي ولو مكاناً يتيماً أركن فيه سيارتي.
لم أجد مكاناً في هذا الشارع أيضاً، فتفاقم تذمري وحنقي. دلفت إلى الشارع الموالي دون أن أعثر على مكان شاغر. نظرت إلى ساعتي، توشك المقابلة أن تنطلق، دمدمت بهجاء وربما كلام نابٍ لا يصح كتابته هنا، فكَّرْتُ أن عليَّ ألا أضيّعَ بدايتها، بداية يتألق فيها الجمهور بلوحاته الفنية المتفردة. غير أني وجدتُني تائهاً في شوارع تسلمني إلى أخرى، وكأنني وقعت في مصيدة متاهة لا تؤول إلى حل. بذلت مجهوداً مضاعفاً للاقتراب من الملعب الذي أضعته، وفي نهاية المطاف اكتشفت أني قابع في الاتجاه الآخر للملعب، أخذتْ سيارتي تلتهم الإسفلت بينما اشتغلت عينايَ بالبحث عن المكان المنشود، صافرة شرطي تدعوني للتوقف:
- أين تتوجه يا سيدي!
- أريد مشاهدة المقابلة (أ شاااف)!
- كل من تراهم هنا يريدون ذلك! هل تريد سيارتك مشاهدة المقابلة أيضاً! تفاعل الشرطي متهكماً.
أدركت عندئذ أَني لم أنتبه إلى إشارة مرورية للمنع في بداية الشارع! لهذا بقيت فاغراً فاهي، بينما هرولتْ أنظار الشرطي مستكشفة كراسي السيارة الخلفية.
- هل أنت من.. من ذوي الاحتياجات؟! قال الشرطي في تلكُّؤٍ.
التفتُّ إلى المقاعد الخلفية، انتبهت إلى أن كُرْسِي أُمِّي المتحرك ما يزال هناك منذ أيام، وفي حركة عفوية حركتُ رأسي مؤكداً تساؤله، الغالب أني فعلت ذلك طلباً لرأفته بعد أن سحب ملف المخالفات من محفظته الجانبية.
عندها فقط عض الشرطي شفته السفلى، وكأنه يعتذر بطريقة أو بأخرى، ثم أرشدني إلى مساحة فارغة على اليمين تميزها لافتة متوسطة عنونت بـ: (خاص بذوي الاحتياجات).
ركنت السيارة أخيراً، وقد غرقت في إحساس الظمآن العاثر على واحة في صحراء مترامية الأطراف. هممت بالنزول، إلا أنني وجدت الشرطي يتتبعني بنظرات مسروقة، تلكأت وأنا أحاول اكتشاف إعاقتي المحدثة للتو، حاولت تناول الكرسي المتحرك في مشقة، لأكتشف أن أحدهم يفتح الباب الخلفي للسيارة ويسحب الكرسي. كانت شابة جميلة تبتسم وهي تقول:
دعني أساعدك!
التفتُّ إلى الشرطي، كان يحرك رأسه نحو الموافقة وهو يبتسم. قررت أن أعطِّل قدمِي اليمنى ريثما أنجو بجلدي.
لم تسألني الفتاة عن وجهتي، أي وجهة تكون لمن يركن سيارته في مرآب ملعب! لنقل أني كنت أريدها أن تأخذني حيث شاءت. عندما وصلنا إلى بوابات الملعب الضخمة قالت:
- أي فريق تشجع!
- آه!.. آه فريق..!
لا أعرف السبب الذي جعلني أتلكأ بهذه الطريقة المفضوحة، وأنا الذي كنت أصدح باسم فريقي المفضل أمام الجميع، وبولع منقطع النظير، وحتى دون مناسبة، خصلات شعرها تداعب خدي، أنتبه إلى أنها انحنت تطل عليَّ بانحناءة لِتَتَفَقَّدَنِي، علمت أنها تنتظرُ جوابي:
الفريق الأحمر..! قلت مستدركاً.
علمت أني ربما قلت ذلك لأني أشجع هذا الفريق، وربما لأنها تلبس قميصاً أحمر، لم أستطع الحسم في الأمر فقد كنت مشوشاً للغاية.
يا للصدف نحن نشجع نفس الفريق! قالت منتشية وهي تدفع الكرسي.
تَمَتَّعْنَا بتسهيلات لولوج الملعب، بينما كانت آلاف الجماهير تتدافع ويدهس بعضها بعضاً كقطيع بقر. سجل الفريق الأحمر الهدف الأول، فارتمت الشابة تعانقني وترسم قبلة على خدي، فرحت بالهدف، لكن فرحتي كانت أشد بالحضن الدافئ. في النهاية خسر الفريق الأحمر لكنني أحسست أني الفائز في كل الأحوال.
عدنا إلى المرآب، ساعدتني لِرُكُوب السيارة، فعرضت عليها توصيلة.
- سيَّارَتِي هناك.. شكرا لك! قالت بابتسامتها العذبة.
لم يكن لدي ما أتحجج به، لكنها أنقذت الموقف وسلمتني بطاقة تهجيت حروفها الفرنسية، وعلمت أنها تشتغل مهندسة.
- إذا كنت ستحضر المقابلة القادمة، فسأسعد بمرافقتك! قالت وهي تختفي بين السيارات.
كان قلبي يخفق بسرعة حتى بعد أن اختفت عن أنظاري، اعتراني شعور بالذنب، وعجزت عن إيجاد ذريعة تبرر مكيدتي بل نذالتي؟! فكرت أنها ما كانت لتفعل ما فعلت لو أني لم أتقمص هذه الشخصية! عندها فقط نظرت إلى رجلي وكدت أتمنى مكروهاً، لكنني فكرت في أن أشياء كثيرة ستتغير.
كان الظلام قد شرع في نشر سواده، لهذا أدرت محرك السيارة وضغطت بيمناي على دواسة السرعة، لكن رجلي لم تستجب، عاودت الكَرَّةَ لكني اصطدمت بنفس النتيجة، عندئذ سارعت إلى رفع ساقي بكلتا يدي، حاولت جعلها تستقر مرفوعة دون استخدام يدَيَّ، إلا أنها كانت تتداعى متهاوية مرتطمة بأرضية السيارة، صارت رجلاً ميتة لا روح فيها

حسن كشاف: المغرب
المجلة العربية :: إبداع







توقيع : SALMAN
إذا خسرناك عضو فلا تجعلنا نخسرك زائر


الإرادة بركان لا تنبت على فوهته أعشاب التردد

حيــــــــــــــــــــــــــــــاكم الله في حسابي على تويتر :
SALMANR2012@
Digg this Post!Add Post to del.icio.usBookmark Post in TechnoratiTweet this Post!
رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
 
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 48 : 09 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.5.2 TranZ By Almuhajir
ملتقى النخبة 2005