مخطط الزفاف
كان كل شيء يسير بعناية، وحسب ما خطط له مسبقاً. تفاصيل كثيرة عن ليلة الزفاف، وما يحصل بها، قد أخذت من المخطوبين أياماً طويلة من فترة الخطبة بالحديث عنها والتجهيز لها، وليس هذا فحسب ما كان يدور بينهما من أحاديث، بل إنهما تحدثا كثيراً عن أفراد أسرتيهما، وكذلك عن نفسيهما طبعاً. مع ذلك، كادت أن تمر ليلة زفافهما دون مشاكل تذكر، لولا بعض التفاصيل الشكلية التي أعاقت نجاح مخطط الزفاف في اللحظات الأخيرة.
لم تكن ثمة عوائق تذكر في قاعة المناسبات، وقد كلف ذلك الكثير من الجهود المتضافرة والمال، وانتهى كما هو متوقع ومتفق عليه في وقت سابق، بتنعّم الضيوف بالمائدة، ورضاهم عن الحفل عموماً. وحين غادر العريسان القاعة باتجاه مسكنهما، لم تواجههما أية عوائق، فركبا السيارة معاً، وهذه كانت فكرة الزوج، الذي استأجر سيارة مزينة من الخارج، ونوافذها مطلية بمادة بيضاء، لا تسمح لأحدٍ برؤية ما بداخلها، بينما راح أفراد أسرتيهما يحاوطونهما مطلقين أبواق سياراتهم، في موكبٍ اعتاد الجميع على القيام به، وليس من الضرورة التخطيط له، ولم يكن فكرة أحد ما منهما.
أما عند الوصول إلى المسكن، والجلوس على الكراسي المتجاورة المخصصة لهما وسط جمع من الأسرتين، والأضواء خافتة، فيما الألعاب النارية تنفث الشرار من الأسفل باتجاه الأعلى على طريقة نوافير الماء، فقد كانت فكرتهما معاً، وهي آخر التفاصيل المتفق عليها، وقد مرت بلا عوائق أيضاً.
وعندما انقضتْ كل تفاصيل مخطط ليلة الزفاف بسلام، وخرج الجميع من المسكن، وظل الزوجان وحدهما، شعرا بثقلٍ يزول عن كاهليهما، وأن الوقت الطويل من فترة الخطبة الذي ضاع في نقاش تفاصيل هذه الليلة العظيمة لم يذهب عبثاً دون جدوى. وما إن نظرا إلى بعضهما البعض وهما يتخففان من بعض قطع الملابس التي يرتديانها، حتى انتبه الزوج إلى لون شعر زوجته الأسود وهو الذي كان يظن لونه عسليّاً أثناء فترة الخطبة، غير أنه لاذ بالصمت، وقرر تأجيل الحديث عن ذلك إلى وقت آخر. لكن الزوجة المغبوطة طوال الفترة الماضية، لم تقو على التغاضي عن التضليل، وعن ما هو تفصيل مهم لا يقبل النقاش بالنسبة إليها، وفكرت بالانفصال مباشرة، حالما نزع زوجها الغترة عن رأسه، واكتشفت للتو فقط، وبعد فترة خطبة طويلة، أنه زوج أصلع.
أحمد خلف الجميد: الجوف
المجلة العربية :: إبداع