|
خـــــــــــدمات الأعضــــــــــــاء
|
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
|
LinkBack | أدوات الموضوع |
المشاركة رقم: 1
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
أدباء عالميون يتحدثون عن طقوس الإبداع
أدباء عالميون يتحدثون عن طقوس الإبداع
يعد كتاب (بيت حافل بالمجانين) (الهيئة العامة المصرية للكتاب/ 2015)، ثمرة حصيلة لحوارات مترجمة عن المجلة الأدبية الشهيرة (باريس ريفيو) التي تأسست في 1953 حيث أولت اهتماماً موسعاً بالإبداع قصة وشعراً، فيما أغضت عن النقد الأدبي معوضة ذلك بإجراء حوارات عميقة مع الأدباء والكتاب الذين حازوا شهرة لافتة. ولقد أنجز الترجمة ومهد لها (أحمد شافعي)، فيما قدم الكتاب الروائي التركي (أورهانباموق). ومن بين الكتاب والأدباء الذين ترجمت حواراتهم في جنس الرواية: همنغواي، ميللر، كونديرا، محفوظ وأوستر.. وفي الشعر: خورخي لويس بورخيس، بينما نجد في الفكر والرواية: أمبرتو إيكو، إلى سوزان سونتاج التي توازي بين الكتابة الفكرية والنقدية. على أن ما نسعى التركيز عليه في هذه اللملمة الأشبه بالتحقيق الأدبي، الوقوف فقط على طقوس لحظة الإبداع زمناً، مكاناً ووسيلة، في محاولة لرسم صورة عن اللحظة الإبداعية لدى البعض من هؤلاء الكتاب العالميين الذين آثروا تفصيل وتدقيق مشهد هذه الطقوس التي تتداخل وتتقاطع في جوانب، مثلما تختلف وتتباين في أخرى. إرنست همنغواي.. بين الكتابة والسباحة يبدأ همنغواي الكتابة على السادسة صباحاً، حين يكون الجو بارداً، وإلى غاية ما بعد الظهر، فيسبح لنصف ميل. على أن عدد الكلمات التي ينجزها يومياً يتراوح بين 450 و1250 كلمة. ويؤثر أن تكون الكتابة وقوفاً، وهي وضعية الروائي الألماني غونتر غراس. وأما في حال الانتهاء، فيحس بالفراغ الذي يقتضي الانتظار: (.. الانتظار حتى اليوم التالي، هو الجزء صعب الاحتمال.). ويداوم همنغواي على الكتابة بانضباط داخل غرفة نومه المرتبة بعناية، والتي قد توحي بالفوضى واللانظام، إذ يتوافر مكتب ومكتبة تحوي أفانين الآثار الإبداعية العالمية. على أن التسويد يكون بقلم الرصاص الذي يستهلك منه ما معدله سبعة أقلام. بيد أن مفهومه للكتابة يتحدد في: (.. إنما أفضل الكتابة يقيناً، هي التي تأتي وأنت في حالة حب). هنري ميللر.. البودي الذي ابتلع عصفوراً كنارياً هكذا تحقق وصفه في سبعينياته. وأما كونه ابتلع عصفوراً كنارياً، فإحالة على نجاحاته. إذ يبدو قطاً أصاب بابتلاع عصفور كناري. دأب (ميللر) في بداياته الكتابة ليلاً، وإلى سقوط الفجر. إلا أن تقدمه في السن دفعه للعدول والانخراط في الكتابة صباحاً بعد الإفطار، حيث الجلوس إلى الآلة الكاتبة ساعات ليخلد للقيلولة والعودة للعمل حتى منتصف الليل. إلا أن الوتيرة ستضعف، وتبدو شبه هدر لمخزون الإبداع: (.. في السنوات العشر أو الخمس عشرة الأخيرة، وجدت أنه ليس ضرورياً أن أقضي كل هذا الوقت في العمل بل إنه سيئ في واقع الأمر. إذ يستنزف المرء مخزونه). يدون (ميللر) إبداعه على الآلة الكاتبة بسرعة، ويعتمد في مراجعاته حذفاً، إضافة وتغييراً القلم.. وقد يأتي حين يستشعر فيه التوقف عن الكتابة والإبداع. واللافت أن أمكنة إبداعه موزعة بين أمريكا، وفرنسا واليونان التي أنجز فيها رائعته: (عملاق ماروسي). ويذهب (ميللر) إلى أنه في حال الكتابة، يحس بطرف ما يسيطر عليه بالإملاء. لقد تلبسه هذا الإحساس وهو يكتب كتابه عن (د. إتش لورنس). ويلخص علاقته بالإبداع وفق التالي: (إن كل ما نفعله، وكل ما نفكر فيه موجود أصلاً، وما نحن إلا وسطاء، تلك هي المسألة. من الذي يقوم باستخدام ما هو شائع في الهواء). خورخي لويس بورخيس.. شاعر يستجلي أماكن المياه الجوفية يصل (خورخي لويس بورخيس) إلى المكتبة الوطنية بالأرجنتين التي يعمل مديراً لها تمام العصر. هنالك توجد غرفة إبداعه. كانت فسيحة مزخرفة تزدان بالعديد من الشهادات والمنحوتات، وتضم معاجم وموسوعات وكتباً بالإنجليزية والألمانية. هذه تتحقق العودة إليها دائماً. ويحدث أن يصطحب (بورخيس) أثراً أدبياً إلى بيته، حيث تتكفل أمه في التسعين من عمرها بالقراءة عليه. كمثال كتاب (محمد) لـ(واشنطن إرفنج) أما وهو يصل المكتبة، فيتوقف الكلام ويسود الصمت احتراماً لشخصيته: (.. حينما يدخل بورخيس المكتبة، مرتدياً البيريه، والسترة الصوفية الرمادية الداكنة معلقة على كتفيه، بينما سروالها متهدل على جزمته، يتوقف الجميع لوهلة عن الكلام، فلعل صمتهم هذا صمت احترام، ولعله صمت ناجم عن تعاطف مع رجل شبه أعمى. مشية حذرة، وفي يده عصا يحركها كأنه يستجلي أماكن المياه الجوفية). يعتمد (بورخيس) في إبداعه على سكرتيرته (سوزانا كوينتيروس)، إذ يملي عليها رسائله وقصائده، فتقوم بالتصفيف وإعادة القراءة بغاية المراجعة ثلاث مرات وأحياناً أربع. ويحدث أن يخلي مكانه ويتمشى داخل المكتبة بحثاً عن إشراقة تفكير. كارلوس فوينتس: أنا كاتب صباحي شغل المنصب الديبلوماسي حياة الكاتب (كارلوس فوينتس)، ولم يتأت الفراغ منه سوى في (1971)، حيث استعاد الروائي طقوس الكتابة والإبداع في بيته بولاية (نيوجرسي) الأمريكية. البيت فكتوري فسيح يقع في حي سكني قديم تزينه لوحات، تماثيل كولومبية وإسبانية تحيل على الخلفية الثقافية لـ(فوينتس)، الذي يبدع من غرفة تطل على أفق جليدي. وتبدأ اللحظة الإبداعية في الثامنة والنصف صباحاً، وتمتد إلى الثانية عشرة والنصف ليمارس بعدها هواية السباح. وأما بعد العصر فيوازي بين القراءة والمشي في مثلث ينطلق فيه من شوارع تضم بيوت أدباء وكتاب: من بيت (آينشتين)، إلى (هرمان بروخ)، مروراً بـ(توماس مان). كان يكتب بالقلم وحال اكتمال النص يصححه ويرقنه على الآلة الكاتبة، إذ يصل ما يكتبه ذهنياً ست أو سبع صفحات ويرى (فوينتس) أن كل من يكتب الرواية يقع في (المشكلة البروستية)، حيث يعرف ما سيكتبه، ويندهش حال إبداعه: (أن يعرف المرء ما هو مقدم على قوله، أن تكون له اليد العليا على المادة، وفي الوقت نفسه يكون لديه هامش حرية للاكتشاف والدهشة والاشتراط المسبق بحرية القارئ). نجيب محفوظ: من دون الأدب لا معنى لحياتي يتحدد زمن الكتابة لدى (نجيب محفوظ) من خلال مرحلتين: مرحلة الوظيفة حيث يداوم من الثامنة إلى الثانية، ويبدع من الرابعة إلى السابعة. ومرحلة التقاعد (1971)، ويمارس فيها الكتابة ليلاً. هذا الطقس يحافظ عليه (محفوظ) يومياً باستثناء الجمعة الذي يلتقي فيه الأدباء والمبدعين. ويكتب (محفوظ) منذ السابعة عشرة من عمره تحت تأثير الأحداث التي يعايشها في البيت والمدرسة والعمل والشارع. على أنه يميز بين إبداعين: الإبداع في القصة ويتحقق بصيغة مباشرة ذاتية، في حين تتطلب الرواية اعتماد ملفات بحث وفق المتحقق في (الثلاثية)، وهي العمل الرائد الذي تدوول من خلاله اسم (محفوظ) بشكل عربي موسع. ويدون (محفوظ) إبداعه على وجهي الورقة الواحدة، ليقوم لاحقاً بالتصحيح والمراجعة قبل الدفع بالعمل إلى النشر، ويرى أن أول رواية أقدم على إنجازها (عبث الأقدار). ويعترف بكون تجاربه الأولى في النشر لم تدر عليه عائدات مادية: (.. نشرت نحو ثمانين قصة بلا مقابل، حتى رواياتي الأولى نشرتها بلا أي مقابل). وبدأ (محفوظ) قراءاته مبكراً تحديداً في سن العاشرة، فأفاد من كتابات (طه حسين) و(سلامة موسى) الذي استطاع النشر في مجلته (المجلة الجديدة). بول أوستر.. القراءة بالأصابع بدأ لاعب (بيسبول) وانتهى كاتباً. إلا أنه في حديثه عن طقوس الكتابة والإبداع لم يول اهتماماً للزمن والمكان، وإنما أغرق في الحديث عن الكتابة كما اختار ممارستها. يكتب باليد موظفاً قلماً جافاً، وعند التصحيح يؤثر قلم الرصاص، على أن تكون الكتابة في كراسات. هذه تستوقفنا باستمرار في رواياته: (القلم أداة أكثر بدائية، تشعرك أن الكلمات طالعة من جسمك وأنك تحفر لها في الورقة). (أظن أنني أرى في الكراسة بيتاً للكلمات، مكاناً سرياً للتفكير ودرساً للذات). أما والنص يكتمل، فيرقنه على الآلة الكاتبة الأثيرة لديه: (أولمبيا).. هذه التي عمرت مدة أربعين سنة، إلى الحد الذي لم يعد يعثر معه على شريط حبرها. من ثم يقارن بينها وجهاز الكومبيوتر. فالآلة الكاتبة ترغم على البداية من جديد، وتفسح للأصابع كي تقرأ ما تخطئه العين من تكرارات وإيقاع منفلت، بينما الكومبيوتر يفرض إدخال التغييرات في الشاشة مباشرة، وطبع نسخة جديدة. ولعل الولع بالآلة الكاتبة مثل الدافع لإنجاز كتاب وسم بـ(قصة آلتي الكاتبة) برفقة الرسام (سام ميسر)، وأقدم على ترجمته (أحمد شافعي) أيضاً. ويميز بول أوستر بين الخيالي وغيره بقوله: (.. ولكن العمل الخيالي يتيح لك من الحرية والقدرة على المناورة أكثر بكثير مما تتيحه لك منهما الكتابة غير التخييلية.) فما من كاتب فرض نفسه وفق رؤيته إلا وكان قارئاً: (.. لا أتخيل أن يصبح أحد كاتباً دون أن يكون في مراهقته قارئاً نهماً). يتضح من استجلاء هذه الطقوس، أنها تتشابه. ذلك أن اللحظة الإبداعية تفرض على الذات زمانها ومكانها، مثلما نوعية الوسيلة التي يجدر اعتمادها بقصد الكتابة والتدوين. صدوق نورالدين: المغرب المجلة العربية :: آداب وتراث
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|