|
خـــــــــــدمات الأعضــــــــــــاء
|
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
سواليف كتاب الصحافة مختارات مما ينشر في الصحف لبعض الكتاب من مواضيع مهمة ((مواضيع وليست اخبار صحفية)) |
|
LinkBack | أدوات الموضوع |
المشاركة رقم: 1
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
قبضة الأربعين
قبضة الأربعين
تُعدُّ الأربعون حدا فاصلا في العمر. وقد تأكدت هذه النظرة عند المسلمين حين عرفوا أنها سِنُّ النبوة بعد أن نزل القرآن الكريم على الرسول صلى الله عليه وسلم في الأربعين. وعزز ذلك قوله تعالى: «حَتى إِذَا بَلَغَ أَشُدهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَي وَعَلَى وَالِدَي وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِين» الأحقاف: (15) يمثل الرقم (أربعون) عند الشعراء والكتَّاب حالة خاصة، فعند الأربعين غالبا ما يبدأ الشعراء البكاء على انحسار الشباب، وتزداد مخاوفهم من مستقبل الأيام، فتحمل إصداراتهم ما يشير إلى هذه الفترة الأربعينية، كما فعل محمود عباس العقاد في ديوانه (من وحي الأربعين) وعبدالسلام حافظ في ديوان (الأربعون) وشوقي بزيع في قصيدة (الأربعون) وليلى الجهني في كتابها (معنى أن أكبر) الذي زينت غلافه بالرقم (40). كما أطلق بعض الشعراء على مرحلة الأربعين أوصافا تعبر عما يشعرون به تجاهها، فمنهم من وصفها بالخيمة، مثل عبد الرزاق عبد الواحد الذي سمى أحد دواوينه (خيمة على مشارف الأربعين)، ومنهم من كان أكثر تخوفا مثل يوسف عبد العزيز حين سمى ديوانه (ذئب الأربعين). وإذا طالعنا الشعر العربي وجدنا سحيم بن وثيل الرياحي (ت 60هـ) يَعُدُّ الأربعين خط النهاية، ويعتقد أنها السن التي يتوقف عندها الشاعر فلا يستطيع الإتيان بشيء خارق: وماذا يبتغي الشعراء مني وقد جاوزت حد الأربعين ويصور أسامة بن منقذ الأربعين بالناهية عن اللهو، ويشبه عصر الشبيبة بالليل المُضل، فلا يهدي السادر في ضلاله سوى ضوء المشيب: قالوا: نهته الأربعون عن الصبا وأخو المشيب يجور ثَمَّتَ يهتدي کم ضَــلَّ في ليل الشــباب فَدَلَّهُ وضح المشيب على الطريق الأقصد والأربعون تمثل في نظر محمود الوراق بداية انقراض العمر: لما طوتك الأربعون وآن للعمر انقراض جاد الشباب بنفسه وبدا بعارضك البياض فمتى أطفت بِلذَّةٍ فلعارض فيها اعتراض وفي الشعر الحديث يرى الأربعينَ الشاعرُ العراقي عبدُالرزاق عبدالواحد نهاية العلو، فليس بعدها إلا الانحدار، فيقول من قصيدة بعنوان (في نهاية الأربعين): مضى ما مضى منك خيرا وشر وظل الذي ظل طيَّ القدرْ وأنت على كل ما يزدهيك كثير التبكي كثير الضجر كأنك في خيمة الأربعين تخلِّع أوتادها للسفر وتجمع للدرب زاد المقل کفاف المُنَى وطويل السهر ثم يقول: مضى ما مضى منك والقادمات تضــيء قناديلها للكبر وأنت تعاصي وغيــم السنين عليــك لأمطاره منهمـر وكم ذا تكابر والأربعون ذرًى كل ما بعدها مُنحدَر وفي قصيدة (رحلة العمر) لعلي حسين الفيفي التي تحمل اسم الديوان، يستعرض مراحل حياته منذ الطفولة حتى الشيخوخة، ويقول في أحد مقاطع القصيدة إنه لا فتوة بعد الأربعين: هـل بعد ســن الأربعيـن فتــوة.. كالســابقِ لا لن تعود كما مضى أبــدا ورب المشــرق أما محمد بن سعد المشعان - رحمه الله - فصورها بالقبضة - ومنه أخذت عنوان هذه المقالة - إذ يقول: قبضة الأربعين تلوي جموحي غضَّنتْ وجنتــي وشـدت قيودي كلمــا ثـرت والحنـايا جحيـم راح سيف الزمان يجتث عودي ومن أجمل ما قرأت في تشبيه عمر الأربعين وصفٌ للشاعر العراقي د. حمد الدوخي، نقله عنه عارف الساعدي في مقاله بصحيفة الشرق الأوسط (بتاريخ 25/6/2019) يقول فيه: «إنَّ أعمارنا هذه - نحن أبناء الأربعينات - تُشبه الساعة الثالثة بعد الظهر، فلا هي في الصباح لكي نستثمر الوقت، ولا هي في المغرب أو الليل لكي نسلم ونستريح»!.. ** ** - سعد عبدالله الغريبي https://www.al-jazirah.com/2021/20210122/cm14.htm حديقة الغروب 2-2 : وقصيدته التي نظمها في السبعين أسماها (سيدتي السبعون)، فهل كانت مخاطبته إياها بـ(سيدتي) تقديرًا لها أم خوفًا؟ أكثر الظن أنه الاحتمال الأخير، فقد وصفها بأنها جاءت حاسرة الأنياب كأنما تريد به فتكًا. بدأ القصيدة بتساؤله المعهود: ماذا تريدُ من السبعينَ يا رجلُ؟ لا أنتَ أنتَ ولا أيامك الأُولُ جاءتك حاسرةَ الأنيابِ.. كالحَةً كأنّما هي وجهٌ سَلَّه الأجلُ ثم عرج إلى أنها فاجأته بلقائها، فلم يتوقع أن يلتقيا: قد كنتُ أحسبُ أنَّ الدربَ منقطعٌ وأنَّني قبلَ لقيانا سأرتحلُ واعتذر لها إن لم يحتفِ بلقياها، فما الذي بقي يمكن الاحتفاء به؟ الشباب؟ الأماني؟ العزيمة؟ الحياة؟ أم الرفاق؟ أوّاه! سيدتي السبعونَ! معذرةً بأيِّ شيءٍ من الأشياءِ نحتفل؟! أبالشبابِ الذي شابتَ حدائقُهُ؟ أم بالأماني التي باليأسِ تشتعلُ؟ أم بالحياةِ التي ولَّتْ نضارتُها؟ أم بالعزيمةِ أصمت قلبَها العِلَلُ؟ أم بالرفاقِ الأحباءِ الأُلى ذهبوا وخلَّفوني لعيشٍ أُنسُه مَلَلُ؟ وعودًا على قصيدة (حديقة الغروب) فقد تفاعل معها كثير من الشعراء العرب مجاراة ومعارضة. ومن الذين عارضوها الأديب عبدالله بن إدريس الذي يكبره بحوالي خمسة عشر عامًا، أو بربع عمره كما أشار إلى ذلك في قصيدته (على باب الثمانين). يقول: تسع وسبعون يا شمعات مسياري أمضيتها بين إعسار وإيسارِ، تسع وسبعون يا لذّات أحرفها أمضيتها بين إقبال وإدبارِ إنها سنون لم يتعبها طول السرى كما فعلت ليالي أبي يارا: تسع وسبعون ما أحفى ركائبها طولُ السرى أو تدانت دون أوطارِي وهي شبيهة بليالي غازي في أنها لم ترَ ذلاً ولا عارًا: تسع وسبعون يا غازي مزمجرة ضد الخنوع وضد الذل والعارِ ثم يناشد ابن إدريس غازيًا بعدم الرحيل، فهو يجله ويقاربه فكرًا وطباعًا، وهو يكبره بربع عمره، أي بخمسة عشر عامًا، إذ إن الثمانين تطل عليه: يا شاعرا برهيف الحس أمتعنا أطِلْ مكوثك لا ترحل عن الدارِ إني أعزُّك.. لا دنيا معطرة لكن تقارب أطباع وأفكارِ يا عازف اللحن كم أوسعتنا حَزَنا لما تقول: (بأني حان إبحارِي) فهل مللتَ؟ هَنَاك اليوم تصغرني (بربع) عمرك يا للبائع الشارِي! مرحى الثمانين هل في العمر من سعةٍ تحلو الحياة بها في ختم تسيارِي وقد أوحت قصيدتا القصيبي وابن إدريس للشاعر حمد العسعوس قصيدة من شعر التفعيلة، كتبها كما يقول في المقدمة القصيرة التي سبق بها القصيدة: «إهداء إلى غازي القصيبي وعبدالله بن إدريس رجعا لقصيدتيهما (حديقة الغروب) و(على باب الثمانين)». يبدأ القصيدة على لسان (الروح): سأخرج من جسدي ذات حين.. أنا الروح.. يا أيها الحائرون بأمري.. جسدي ليس لي.. قل: هو البيت... يسكنه الغرباء. قل: هو العش.. تأوي إليه العصافير.. ثم تهاجر.. قل: هو الثوب.. نخلعه.. ونعلقه.. ونغادر.. ثم يدعو المحيطين به بأن يقيموا احتفالاً لهذه الروح إن غادرت: أقيموا احتفالا إذا هرب الطير من سجنه.. زغردوا .. وارقصوا طربا.. صفقوا باليدين طويلا لهذا المهاجر.. سلام عليه.. قبيل المخاض.. وحين يجيء.. وحين يسافر.. ثم يستحضر تشبيه طرفة بن العبد للموت بالحبل المرخى فيشكر الموت على أن أرخى له الحبل إلى ما شاء الله: لعمرك.. إن الموت ما أخطأ الفتى لكالطول المرخى وثنياه باليد.. فشكرا جزيلا لهذا الكريم.. وهو يرخي - لنا - حبل أوهامنا.. وهو يجعلنا نروح.. ونغدو: لخمسين.. سبعين.. تسعين.. في حقل أحلامنا.. شكرا جزيلا له وهو يتركنا نسيح... ونعدو بمضماره ونغامر ثم يوجه ذويه ومحبيه إلى عدم الخوف من الموت فهو يجيء لإطلاق (الأرواح) من زنزاناتها: لا تخافوا من الموت يا أيها الطيبون..؟! هو - حتما - سيأتي.. لينقذ أرواحكم من زنازينها..! فزفوا إليه البشائر.. ** ** - سعد عبدالله الغريبي https://www.al-jazirah.com/2021/20210305/cm12.htm
التعديل الأخير تم بواسطة SALMAN ; 07 / 03 / 2021 الساعة 34 : 02 PM |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|