خـــــــــــدمات الأعضــــــــــــاء

العودة   ملتقى النخبة > النخبة 2011 > سواليف أدبــاء
.::||[ آخر المشاركات ]||::.
 

إضافة رد
 
 
LinkBack أدوات الموضوع
  المشاركة رقم: 1  
قديم 11 / 04 / 2021, 13 : 09 PM
الصورة الرمزية SALMAN
مؤسس الموقع
المنتدى : سواليف أدبــاء
تاريخ التسجيل العضوية الدولة المشاركات بمعدل المواضيع الردود معدل التقييم نقاط التقييم قوة التقييم
14 / 03 / 2005 1 المكتبة 7,615 1.06 يوميا 392 10 SALMAN is on a distinguished road
SALMAN متصل الآن

طائرة للبقاء

طائرة للبقاء

السؤال الذي يخاف أن يطرحه على كل من حوله، هو «لماذا نحن هنا.. ولسنا هناك»، بعد أن بدأ يعي، شعر أن هنا تعني المصير المبهم المجهول، وهناك الحياة الجميلة، هنا يعيش والده وسابقاً جده وبعض أقربائه، وجيران لا يقلون تعاسة عن أسرته، ولكنهم سعداء، سعداء للحد الذي يجعل الصبية بعمرة يتسابقون فرحين لأي حافلة تأتي لحيهم مزودة ببقايا الطعام والملابس المستعملة، هو لا يشاركهم ذلك الفرح بوصول الرزق وخير الآخرين، لماذا لهم البقايا فقط، لماذا لا يكون العكس، وهو يعرف أن أسرته لا بقايا لهم، يحاول أن ينسى ويرضى بوضعه، ويسمع أمه تقول «تعلّم وأحصل على أعلى الشهادات، وانقلنا من هذا المكان»، هو يعلم أن إخوته الكبار تعلموا، ولكن لم يواصلوا تعليمهم، كل ما قدروا عليه هو الانتقال لبيت آخر مجاور ووضيع، بعد الزواج والعمل بمهنة بسيطة، باستثناء ابن جار لهم أحب اللعب منذ صغره، وأصبح لاعباً مشهوراً، وبالطبع غادر مع أسرته ذلك الحي التعيس، ذلك اللاعب لم ينل حظه الجيد من التعليم، ولكن أصبح مشهوراً ومحبوباً من الجميع.

هو يعرف نفسه، مستحيل أن يكون لاعباً، بنيته الجسدية ضعيفة، ولكن حلمه كبير، ربما أكبر من أحلام كل من في الحي، هو يتمنى أن تكون معه عصى سحرية، فيصوبه تجاه بيته، فيتحول إلى فيلا جميلة تحوطها الأشجار من كل جانب، ويصبح حيهم من الأحياء الراقية، مثل أحياء سبق أن مرّ بها عندما أخذه أحد إخوته بسيارة الأجرة التي يقودها، ليشاهد الجانب المشرق من المدينة، ومنذ تلك اللحظة شعر أن من يسكن تلك الأحياء سعداء، ومن يسكن حيهم تعساء، وهو أولهم، ليقول له أخوه، «نحن سعداء بقناعتنا بما قدره الله لنا من رزق»، ليرفع صوته طالباً منه أن يقول «الحمد لله» كررها أكثر من مرة، ولكن تساءل في داخله، هل القناعة أشبه بالمخدر، هو يتذكر بعض صبية الحي، الذين يجلسون داخل بعض البيوت الآيلة للسقوط في حيهم، ويستنشقون غراء وضع في علبة صغيرة، ويعيشون أحلامهم، ذات يوم طلبوا منه أن يأتي ويمارس الاستمتاع معهم، ورفض، وطلب منه والده أن يبتعد عن أولئك الصبية، ويذاكر دروسه ويحفظ القرآن في المسجد، ولم يرفض، هو يبحث عن فرصة للتغيير، ولن يكون أنانياً ويترك والديه لاسيما وأنهما يحتاجان من يعيلهما، وهو الصغير غير القادر على إعالة نفسه، هل يفطن لحالهم أحد أهل الخير، ويرأف بهم، ربما يتفضل عليهم بالبقايا، وهنا يتذكر صورة الحافلة لتي تحضر بقايا الطعام والملابس المستخدمة، هل هذا قدرهم، لماذا لا يبيع والده البيت الذي يسكنونه، ويغادر هذا الحي، ويأخذون شقة صغيرة في إحدى العمارات السكنية الكبيرة، سيجد والده رغم كبره عملاً مناسباً، ربما مؤذن، أو إمام مسجد، هو يحفظ القرآن، فكرة سيطرت عليه، وطرحها على والديه، بحضور إخوته، هو الصغير الذي لم يتجاوز العاشرة، ولكن يشعر في داخله أنه يمتلك الحكمة للخلاص من هذا المكان التعيس، تحدث الجميع، وأخبروه أن مسقط رأسه في هذا لحي، فلابد أن يشعر بالانتماء له، وأخبره والده أنه لا يرغب أن يبتعد عن جيران مسجدهم، ربما أحب هذا الحي، هو يعرف أن هذا الحي ليس له بقايا، بل حقيقة هو بقايا زمن سابق بلا هوية، تذكر أن أحد المدرسين تحدث عن العشوائيات، وأشار إلى حيهم، وقال لن يبقى ذلك الحي طويلاً، أراد أن يقول للمعلم أنا أسكن هناك، ولكن سبقه تلميذ قائلاً «من يسكن هناك لا هوية له»، التزم الصمت، لا يريد أن يسخر منه التلاميذ، ولا أن يعلم الجميع أنه من أولئك الذين يتقبلون الصدقة.

المدرسة ليست بعيدة عن حيهم، ولكن تقع في حي حديث، وبسيط، ليس من الأحياء الراقية، ربما أصحاب البيوت فيها استطاعوا أن يحصلوا على اعتراف رسمي بوجودهم كسكان للحي، على عكس حيهم غير المعترف به، السؤال سيبقى معلقاً، في ذهن ذلك الصبي، الذي يكبر، ويرى حيهم العشوائي يصغر، عمائر تزحف، وطرق تعبد، وتأخذ مساحات كبيرة منه، ووالده متشبث بالمسجد مع بعض جيرانه الذين اعتادوا على البقاء في ذلك المكان الذي لم يتغير منذ أكثر من نصف قرن، تدثر برداء القناعة فترة من الزمن بينما تشبث بالخيط الذي يربط بين المدرسة ومنزلهم والمسجد، وقبل أن ينقطع الخيط، وجد نفسه كطائرة ورقية ملحقاً بالفضاء.
عبد العزيز الصقعبي
https://www.al-jazirah.com/2021/20210409/cm30.htm







توقيع : SALMAN
إذا خسرناك عضو فلا تجعلنا نخسرك زائر


الإرادة بركان لا تنبت على فوهته أعشاب التردد

حيــــــــــــــــــــــــــــــاكم الله في حسابي على تويتر :
SALMANR2012@
Digg this Post!Add Post to del.icio.usBookmark Post in TechnoratiTweet this Post!
رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
 
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 03 : 04 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.5.2 TranZ By Almuhajir
ملتقى النخبة 2005