خـــــــــــدمات الأعضــــــــــــاء

العودة   ملتقى النخبة > النخبة 2011 > سواليف أدبــاء
.::||[ آخر المشاركات ]||::.
 

إضافة رد
 
 
LinkBack أدوات الموضوع
  المشاركة رقم: 1  
قديم 27 / 06 / 2021, 52 : 04 PM
الصورة الرمزية SALMAN
مؤسس الموقع
المنتدى : سواليف أدبــاء
تاريخ التسجيل العضوية الدولة المشاركات بمعدل المواضيع الردود معدل التقييم نقاط التقييم قوة التقييم
14 / 03 / 2005 1 المكتبة 7,618 1.05 يوميا 393 10 SALMAN is on a distinguished road
SALMAN متصل الآن

«بندورة» /// مميز

طالت غربة زوجها للعلاج، فاضطربت وساءت أحوال منيرة وأولادها.

خلف بيتها البسيط مزرعتهم الصغيرة والتي تضم عشرين نخلة وبضع دجاجات وأربعة رؤوس من الماعز، تزرع فيها كل بذرة تجدها.. لعلها تثمر أو تكون علفًا لحيواناتها، أثمرت شجرة طماطم - نبتت صدفة - الكثير من الطلع حتى أن منيرة حرصت على وضع سياج لحمايتها من الطيور وحتى من أولادها.

وجدت ثمارها ناضجة وأيقنت أنها ستجلب لها بضعة ريالات، فوضعتها في سلّة مع عشر بيضات وأرسلت ابنيها بعد العصر لبيعها في سوق البلدة، وقد أوصت الكبير بأن يعرضها بأربعة ريالات أو بثلاثة إذا لم يجد من يشتريها بالأربعة.

عاد لأمّه بعشرة وقد فرحت بشطارة ابنها فسألته عن المشتري وكيف غلبته؟

جوابه قلب الفرحة لحزن وبكاء وحسرة موجعة..

يقول ابنها.. كنت وأخي بالسوق نمشي بالسلّة نعرضها.. وسألني الرجل عن الثمن فقلت له أن أمي تقول بأربعة ريالات أو بثلاثة، فقال أنا أعطيك ثلاثة.. وقبلت، وعندما أخذ البندورة والبيض لاحظت أن البندورة نقصت واحدة، فقلت للرجل إنها ناقصة.. وسألت أخي ووجدتها معه.. فضربته وقال لي إنه لم يرد أكلها.. فقط كان يلحسها، فأخذتها منه ووضعتها بالسلّة.

يمّه.. الرجل بكى وحضنَ أخي وأعطاني عشرة ريالات..

أرسلت منيرة لأخيها المقيم في العاصمة إشارة عن سوء أحوالها ولَم ترغب بالإثقال عليه، فاكتفت بطلب 300 ريال.

بعد أيّام تصلها برقية من أخيها تفيد بتحويل المبلغ على أحد البنوك مع رقم الحوالة البنكية لاستلام المبلغ.

توجهت من فورها للبنك الوحيد في بلدتهم لاستلام الحوالة، إلا أنها فوجئت بأن الحوالة على بنك آخر وليس له فرع في بلدتهم، وأن إجراءات تحصيل المبلغ تحتاج لمراسلات قد تزيد على الأسبوع وسيأخذون عليها عمولة التحصيل بمبلغ 36 ريالاً.

تبخرت فرحة الحوالة والفرَج المنتظر وصدمت.. فتسمّرت دون حراك زمنًا بدا طويلاً أمام شباك الصندوق.

نبهها الموظف بالطلب أن تبتعد قليلاً ليخدم العميل الواقف خلفها، فما استوعبت ولا استجابت.

ردّت.. وهذه البرقية من الدولة؟ يعني ليست صحيحة؟!

بلى يا خالة صحيحة ولكنها صادرة إلى بنك آخر، إذا كنت مستعجلة توجهي إليهم في المدينة هناك لديهم فرع لنفس البنك.

وهل يقتصّون منها شيئاً مثلكم؟

لا.. لا.. عندما تكون الحوالة من نفس البنك يصرفونها كاملة ولا يأخذون عمولة.

ردّت.. جزاكم الله..

وترددت.. فعدّلتها..

جزاهم الله خيراً.. وانصرفت.

إلى عرعر !! كيف السبيل؟ ولمن أترك الصغار؟ وأين أقضي يومي إن وصلت ليلاً أو حتى نهاراً؟ وهل يصرفونها فوراً أم أنتظر مدة؟

أصبح الفرجُ همّاً ..

«مبطي والقرادة مكتوبة عليك يا منيرة».. هكذا حاولت إقفال الموضوع.

ابن عيد يعمل على سيارته الشاحنة بنقل الركاب بين هذه البلدة وعرعر، يسافر مرتين أو ثلاث كل أسبوع..

نصحها جارهم وهو ابن عمها حمد.. أن تعطي البرقية لابن عيد ليصرف قيمتها من عرعر.

ويسلمونه الفلوس كاملة..

نعم.. كاملة.. وبكرة وإلا بعده وهي بيدك.

الله يجزاك الخير يا أبو منصور.

رجع ابن عيد ليخبرها رفض البنك صرف المبلغ لغير المستفيد الأول المذكور بالبرقية.

ومن هو المستفيد ؟ هالأطفال.. هم المستفيدون.. هل آخذهم كلهم للبنك؟

لا لا يا منيرة، قال لي واحد بالبنك لو عندك وكالة شرعية من المحكمة يصرفونها لك.

فِي المحكمة كانت منيرة وابن عيد واثنين من الشهود أمام صاحب الفضيلة كاتب العدل لإصدار الوكالة الشرعية بمراجعة البنك وتفويض ابن عيد بالاستلام والتوقيع نيابة عن منيرة دون أدنى مسؤولية على البنك.

آه.. وكالة للبنك.. لا نصدر وكالات لأعمال ربوية.

وش معنى ربوية.. تقول منيرة!

والله ما أدري.. يقول ابن عيد.. والشهود في حيرة.. وين نبصم يا شيخ؟

ما في بصمة ولا وكالة.. أعمالهم تغشاها شبهات ولا نشهد ولا نكتب بشيء حرام.

يا شيخ..

مع السلامة.. لا تعطلونا.. عندنا شغل.

اسمعي يا أم خليف.. ليس لك إلا السفر لعرعر.. الله يعينك.

ومع من أسافر وأين أترك عيالي؟

لن تتركي عيالك نأخذهم معنا وأنا أسافر معك.. يوم وإلا يومين ونرجع.

أنت تشوف كذا يا بو منصور؟

نعم.. وما لك غير هذا الرأي.

ركبت منيرة وأولادها الأربعة وحمد أبو منصور مع ابن عيد بعد صلاة الفجر متجهين إلى عرعر.. وصلوا إليها قبيل الغروب.. والبنك قد أغلق أبوابه.

ذُهلت منيرة وأطفالها بتلك الشوارع والكهرباء والطرق المعبدة والمحلات التجارية الجميلة التي تبيع فاكهة وخضاراً لم تعرف منها سوى البصل والبندورة، ومحلات لا تبيع سوى ملابس النساء وأخرى لملابس الرجال، وأشجار بالشارع ليست لأحد ولكنها طويلة وبلا ثمر.. الحور والكينة.. قالوا هذه للظل والزينة وتصد الرياح والغبار..

لم تصدق ما تراه.. أين النخيل والبصل والبندورة والأثل ؟ أليست لها ظلاً وثمراً وجريدها وأعوادها لعشرات الاستخدامات؟

تذكرت أن البصل والبندورة ليس لها ظل.. لم تستطع منيرة إدانة المزارعين الذين غرسوها.. لكنها شككت أن العقل هو مصدر الظفر بالرزق.. تقول رغم هذا الخبال إلا أن أحوالهم تفوقنا ألف مرة..

وتكرّر.. الرازق الله.. الرازق الله.

صرفت الحوالة كاملة، وقبل العودة اشترت بعض الاحتياجات الضرورية والملابس لأولادها، وبضع شتلات طماطم وجدتها لدى محل الخضار وشتلات ورد أحمر لم تره من قبل في حياتها.. نسيت اسمه لكنهم يقولون إنه يجلب من العراق ولَم تعرف لاحقاً كيف ولماذا اشترته.

عادوا من رحلة عرعر فرحين رغم وعثاء السفر ومع منيرة 240 ريالاً..

لكن أفراح منيرة كالعادة قصيرة..

فرحةٌ لم تمكث طويلاً.. انتزعها ابن عيد بقسوة حين طلب أجرة الرحلة ذهاباً وإياباً بمبلغ فاق كثيراً تصورات منيرة وابن عمها المرافق ..

120 ريالاً بيومين يا ظالم ؟

حُسمت المسألة بعد التدخلات والجدل والتنازل الكبير الذي أقسم ابن عيد أنه لم يفعله لغيرهم واكتفى بتسعين ريالاً..

خرجت تلك الريالات الضخمة في عيني منيرة كما لو أن روحها هي التي تغادر جسدها.. فبقيت في كمد لعدة أيام..

لم يشغلها الأسى عن غرس شتلات البندورة والورد الأحمر الذي تفجرت أغصانه سريعًا بمئات الزهور الحمراء في شكل لم تعرف له البلدة سابقة.. وهي تقول.. سبحان الله هكذا الأشياء عديمة الفائدة.. سريعة النمو وقوية الأغصان..

لم يخطر على بالها أن وردها سيعود لاحقاً إلى عرعر مغلفًا بعناية وعليها بعوائد مجزية..

ابن عيد رأى مثل زهور منيرة في مدخل مستشفى التابلاين فعرض عليهم توريد كمية منها غضّة ونديّة.. وافقوا بسرعة وعرضوا عن كل وردة مبلغ ريال واحد ولأي كمية يوردها واشترطوا أن تكون مغلفة بقماش ونايلون خاص سيوفرونه له..

عادت ورود الجوري من حديقة منيرة إلى عرعر بعد تفاوض مضني مع ابن عيد والذي كان من أهم شروطه أن يحصل على نسبة عشرة بالمائة من قيمة المبيعات وأن تعيد له المبلغ المخصوم من قيمة رحلتها معه إلى عرعر قبل ستة أشهر..

يقول: ثلاثون ريالاً تعبي سيارتي بنزين لشهر كامل..

وافقت بعد وساطة زوجها حسن على أن تعيدها بضاعة وليست نقداً..

وتركت له الاختيار بين الورد والبندورة.

وتمرّ الأعوام..

يدخل حسن على زوجته المنشغلة بمكالمة هاتفية وهي تردّد تلك العبارة.. لابد من تقديم *LG إن أردتم استمرار العلاقة وإنهاء المتاعب..

ولمّا انتهت المكالمة وانتبهت منيرة لوجود زوجها حيّته.. فبادر بالسؤال ليطمئن.. عسى ما شر ؟

أجابت بألا ينشغل عليها فالأمور طيبة.. لكنه عاد يسأل وما هذا ال إل جي الذي تطلبين ؟

هذا يشيل عنك الصداع يا شيخ حسن ويدفع عنك الهمّ ؟

يعني أحسن البنادول ؟

وتقهقه منيرة.. أي نعم أحسن من البنادول.. تأخذه معك للبنك وتحصل حقك فورًا..

قلت لهم لازم يقدمون ضماناً بنكياً غير مشروط باسم محلات منيرة للورد والبندورة..

عرفت هالحين يا بو خليف ؟

*Letter Of Guarantee

(خطاب الضمان البنكي)

** **

«بندورة» - عقل مناور الضميري :
https://www.al-jazirah.com/2021/20210625/cm34.htm







توقيع : SALMAN
إذا خسرناك عضو فلا تجعلنا نخسرك زائر


الإرادة بركان لا تنبت على فوهته أعشاب التردد

حيــــــــــــــــــــــــــــــاكم الله في حسابي على تويتر :
SALMANR2012@
Digg this Post!Add Post to del.icio.usBookmark Post in TechnoratiTweet this Post!
رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
 
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 27 : 09 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.5.2 TranZ By Almuhajir
ملتقى النخبة 2005