|
خـــــــــــدمات الأعضــــــــــــاء
|
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
|
LinkBack | أدوات الموضوع |
المشاركة رقم: 1
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
ليو تولستوي.. الاعترافات الأكثر جرأة
ليو تولستوي.. الاعترافات الأكثر جرأة- سامر أنور الشمالي:
http://www.arabicmagazine.com/Arabic...s.aspx?Id=7993 تأتي أهمية السير الذاتية للأدباء من أنها تلقي أضواء مباشرة على مسيرتهم الإبداعية، لهذا يعدها النقاد -لاسيما المشتغلون في مجالات التحليل النفسي- من المصادر الأساسية لتحليل التجربة الإبداعية والحياتية للمؤلفين. ولكن ليست كل الاعترافات على السوية ذاتها من القيمة، بل أكثرها مجرد نصوص أدبية تخلو من إضافات حقيقية يمكن الاستعانة بها لكشف الجوانب الخفية من أعمال الكاتب، وتأثير ظروفه المعيشية على تلك الأعمال. أما الكاتب الروسي الشهير (ليو تولستوي) 1828-1910 الذي يعد من رواد ومؤسسي السرد في العالم؛ فقد أغنى المكتبة الروائية بروائع خالدة، وقدم مذكرات لا تقل أهمية عنها، لانفتاحها على التجربة الإنسانية عند محاولة كشف أسرار الحياة والوجود. وقدم مذكراته تحت عنوان (الطفولة والصبا والشباب)، تحدث فيها عن حياته التي قسمها إلى مراحل ثلاث، وفيها قدم أهم ملامح تلك المراحل، ولكنها بقيت مذكرات تقليدية بمجملها لتشابهها مع اليوميات التي يكتبها الأدباء عادة. أما مذكراته التالية (اعترافات) التي تحدث فيها عن عوالمه الفكرية، فكانت من الطراز الرفيع، وقد تميزت بالموضوعية والجرأة، بل كانت صادمة في جوانب عدة. ليس لأن أفكار الكاتب الكبير تبدلت إلى حد التناقض في مراحل حياته المتعاقبة؛ بل لإقدامه على اعترافات يتحرج الأدباء من الإدلاء بها، لاسيما وهو يصرح أنه اتجه إلى الكتابة ليس لغاية سامية في نفسه، وليس لنشر أفكار نبيلة، أو التعبير عن مشاعر وأحاسيس رغب في البوح بها للتخفيف عما يجول في صدره المثقل بتلك الهواجس؛ وقالها صراحة مخالفاً الأقوال المعتادة للأدباء: (بدأت بالكتابة التي لم يحملني عليها سوى غروري ومحبتي للربح والشهرة)، رغم امتلاكه ثروة طائلة. ويواصل (تولستوي) اعترافاته بأنه في شبابه لم يهذبه الأدب، لأنه كان يعامل خدمه بقسوة لا مبرر لها، ويقيم علاقات غرامية غير شرعية مع المتزوجات، ويشرب الخمر حتى العربدة، ويلعب القمار ليبذر في سهرة واحدة ما عمل فلاحوه بمشقة لجمعه خلال شهور، كما قتل أعداداً لم يعد يذكرها في الحرب حين كان ضابطاً في الجيش. وأنه رغم ذلك كان محترماً من الجميع لأن هذه السلوكيات لم تكن مستهجنه لمن ينتمي لطبقة النبلاء في العهد القيصري!. وعندما اختلط مع أدباء عصره وجد أنهم يزعمون أنهم موكلون بنشر الفكر التنويري وهداية الناس إلى الطريق الصحيح، وحينها سأل نفسه: (ماذا أعرف وما الذي أقدر أن أعلمه للناس)، ودون إعمال الفكر وجد أن الأديب بفطرته يعرف ما يجب قوله ما دام يكتب ويقدم ما يعجب الناس. ولكن عندما رأى الأدباء يختلفون من حوله فيما بينهم في النظر إلى أهداف الكتابة ودورها، وأن أكثرهم مجرد واهمين مغرورين لا قيمة لكتاباتهم؛ بدأ يفقد ثقته بالوسط الذي كان يحترمه. وبدأت الشكوك في أهمية الأدب تتسرب إلى نفسه، وعندما تأمل حياته وجدها تخلو من أي معنى، ولم تشفع أعماله الأدبية لتقنعه بأنه قام بدور كبير في مسيرة الأدب: (ما الفائدة إذا صرت أشهر من غوغول وبوشكين وشكسبير وموليير وجميع كتاب العالم، كل هذا جميل؛ ولكن ماذا بعد). ورغم ذلك لم يتوقف عن الكتابة، حتى صارت سلوكاً يومياً في التفكير والحياة، فهو يكتب الروايات للقراء الذين يتابعون ما يخطه قلمه بشغف، ويكتب مذكراته ليحاور نفسه دون أن تتوقف أسئلته التي بدأت تقض مضجعه ولا تتركه ينعم بالطمأنينة كالسابق: (ما هو الشيء الحقيقي غير الفاني الذي سيبقى من حياتي الخيالية الفانية). وعافت نفسه ملذات الدنيا التي غرق في خضمها حتى التخمة، وبلغ ذروة اليأس حين خطر له ألا ينتظر الموت، وأن ينهي حياته بيده. ولكن (الشعور بالحياة) بحسب تعبيره منع حصول الحدث المفجع، وهذا ما جعله يقلع عن الذهاب إلى الصيد كيلا يطلق النار على نفسه في لحظه ضعف عابرة!. لا شك في أن التقدم في العمر جعل (تولستوي) يشعر بجسده بطريقة مختلفة، وهو يفقد قوته مع دخول العقد الخامس وحلول الشيخوخة بنذر أمراضها التي تنبئ أن الجسد الذي كان يضج بالشهوة سيرقد جثة هامدة تحت التراب ليرتع فيها الدود. ولكن هناك سبب آخر ربما يكون أكثر تأثيراً في حياة كاتب كبير أقبل على المعرفة بكل جهد ودأب يستطيعه، فتوسعه في دراسة الآداب والفلسفات والعلوم أوحى إليه بأسئلة أكبر من قدرة البشر على الإجابة عنها، وهذا ما جعله يرى الحياة مجرد وهم عابر، وحدث عارض، فبات لا يجد فيها ما يبهج القلب ويسر الروح. واستمر (تولستوي) في رحلته الفكرية والروحية باحثاً متأملاً، ثم قرر التوجه إلى الناس البسطاء من العمال والفلاحين الذين ينعمون بالقناعة والرضا لعله يجد لديهم ما يفتقده، ظاناً أن معاشرتهم هي السبيل لفهم الحياة، لأنهم وحدهم من يعمل ويضحي لتستمر الحياة على وجه الأرض. ورآهم يعيشون بطمأنينة لأنهم يكتفون بالحياة الحاضرة، ولا يشغلون أنفسهم بأمور لا طاقة لهم بها، وهذا لم يكن يقنع المفكر الأديب. وخطر لـ(تولستوي) أنه يعيش بطريقة خاطئة، ولم يفهم الحياة كما ينبغي، بل عليه العيش بأسلوب مختلف لعله يجد درب الخلاص. وحينها توصل إلى أن الطريقة الصحيحة في الحياة ألا يعيش من أجل نفسه لأنه سيظل غريباً عن العالم من حوله، بافتراض أن الإنسان لا يشعر بالسعادة بمفرده وإن كان ثرياً وذكياً وعالماً، وأن خدمة الناس ستدخل المسرة إلى القلب المكلوم باعتبار الإنسان بهذه الطريقة سيحب الحياة، لأن حياته ليست مفصولة عن الإنسانية، وهذا ما جعل (تولستوي) يقبل على الاهتمام بشؤون الفلاحين في ضيعه، ويعلم أطفالهم القراءة والكتابة، ويكتب لهم الحكايات المفيدة. وفي لحظة إشراق اكتشف أن الإيمان الحقيقي هو الذي يمنح الحياة القيمة والمعنى، ويجعل لحياة الإنسان القصيرة معنى غير محدود ولا يزول ولا يفنى لأن الإيمان الكامل وحده يجعل للوجود غاية سامية لا تنتهي بالموت، لأن هناك حياة أخرى خالدة أجمل من أن يتخيلها الإنسان الملتصق بالأرض: (عش لتسعى إلى الله، لأن الحياة لا تكون دون الله، بمثل هذا آمنت أخيراً من أعماق قلبي، فشعرت بقوة الحياة الحقيقية، ولم يفارقني هذا النور الذي أشرق في حياتي حتى اليوم). أما الكاتب المعروف (مكسيم جوركي) فوجد أنه لو لم يشغل صديقه المقرب نفسه بأمور الماورائيات لقدم نتاجاً أفضل في مجال الفكر، باعتبار: (لو أنه كان من الطبيعيين لأبدع من غير شك مدرسة فلسفية براقة)، ستؤثر على حياة المجتمع وتنعكس بالفائدة، وذلك أكثر من تجربة روحية خاصة بفرد بذاته. *** قدمت (اعترافات) المبدع (تولستوي) تجربة حياتية ثرية لإنسان لم يمر على الأرض كغيره من الناس، وكانت مثقلة بثمار التجارب الحياتية الناضجة لمن يريد أن يجني الكنوز من بستان المعرفة، رغم مرور أكثر من مئة عام على كتابتها. وكانت بروعتها تضاهي أعماله الأدبية، رغم أن تلك المذكرات لم تحظَ بالشهرة ذاتها، لهذا نجد أن تسليط الضوء عليها قد يسهم في إنارة دروب الكثير من الناس التائهين في عتمة الحظ العاثر، فالأدب الجاد فعل تنويري لمن يقرأ باهتمام
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|