رفاهية الصمت

من أجلكِ علمت عتابي الصمت!

من أجلكِ أودعت حنيني زنزانة الصمت في الأعماق...!!

حتى حين يفيض خاطري يكون المطر الأبيض والحبر الأبيض والبوح الأبيض!!

من أجلكِ أقول لقلبي «لا» حين يريدها «نعم»..!!

من أجلك أقول لقلبي «نعم» وهو يريدها «لا»..!!

من أجلكِ كتبت في الليل وكتبت عند بزوغ الفجر الرضيع وكتبت عند الغروب وكتبت في منتصف النهار!!

من أجلكِ أخذت من الأزمنة أجملها من صمت الليل لحنت موسيقى الحنين إليك عزفتها صرصرة قلم بين أوتار قيثارتي!!

ومن شروق الشمس استعدت أول لقاء بيننا واستعرت ذلك الضياء من ذاكرتي حتى استعذب حنانًا وهبتني إياه يوما..

ومن غروب الشمس تذكرت أول همسة حنان وأول كلمة حنان وأول سؤال حان وأول تحية بيننا!!

من أجلكِ كتبت وأنا مسافر...

وكتبت وأنا عائدًا من السفر

وكتبت لكِ بعد الوصول!!

كٌنت أشهد أمام قلبي أنك افتقدتني وأنك انتظرتي عودتي وأنك مددت قلبك ليصافح قلبي..

فرحا بالرجوع!!

من أجلكِ أكتب في كل ليلة عيد وفي كل صباح عيد وأعيدها عبارة «كل عام وأيامك عيد»!!

من أجلكِ كتبت خائفًا وكتبت مبتهجًا وكتبت شوقًا وكتبت متأملاً وكتبت يائسًا وكتبت وأنا لا أفهم ما كتبت!!

من أجلك تعلمت اللغة.. تعلمت القراءة والكتابة

ودرست البلاغة وتعمقت في النحو والصرف أريد أن أكون مثقفّا فمحبتك ثقافة!!

سيدتي

من أجلكِ زرعت الورود وأسقيتها من كؤوس ماء قهوة صبحي ومسائي حتى حين تمر النسائم منها تعطر أنفاسك

ومن أجلكِ أطعمت العصافير من رغيف فطوري وحبات قمح عشائي حتى تظل حول نافذة خاطري تسمعك زقزقتها بعد النعاس!!

سيدتي

من أجلكِ أحببت الحياة خارج الحياة!!

من أجلكِ ومن أجلكِ ومن أجلكِ ما نسيت وقفت أمام الكعبة وقلت بسم الله الرحمن الرحيم ودعوت الله بصادق الدعاء لكِ!!

سيدتي..

هذه خيمة من الصمت بنيتها لكِ.. استظلي بها!!

لن يكون فيها بعد اليوم من نقوش يدي.. حرفًا واحداً!!

لن يكون فيها لي ربابة تئن.. ولن يكون لي فيها معك ذكريات ولا ذاكرة!!

هذه خيمة صمتي هي لك ِ نٌسجت من وبر مطيتي بعد أن أنختها ونحرتها وتوقفت عن الرحيل إليك ومنكِ!!

اليوم بعد أأأأيام وأأأأيام وأيام أهبك رفاهية الصمت!!

حتى وإن جلست وحيدًا بين ضجيج صمت أيامي وأشلاء أحلامي..

من أجلكِ سأحتفظ بالنسخة الوحيدة في مكتبة أعماقي من كتاب رواية عنوانها أنا وأنتِ!!

هنئاً لك بالصمت بعيداً عن كل صوت لي أنيناً وضحكاً وبكاًء وهمسًا!!

رفاهية الصمت لك أنت.. لك أنتِ لوحدك أما أنا فلا.. وألف لا!!

قطرة الوداع

صمتي لفافة شاش باسمة على جراح تئن!!

** **

رفاهية الصمت-عبد العزيز حمد الجطيلي :
https://www.al-jazirah.com/2021/20211210/cm24.htm