|
خـــــــــــدمات الأعضــــــــــــاء
|
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
|
LinkBack | أدوات الموضوع |
المشاركة رقم: 1
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
ابنة المدينة 1-2
ابنة المدينة 1-2 - د. ساري بن محمد الزهراني :
https://www.al-jazirah.com/2021/20211224/cm6.htm إنَّ الدّخول إلى فضاء عبارة الفيلسوف والنَّاقد المجري جورج لوكاتش الواصفة بأنّ «الرواية ابنة المدينة» بقراءة باترة وناقصة لمّا يكمّلها، دون استصحاب السّياق الذي قيلت فيه، ويتركها متأرجحة بغير جذور منطقيّة، تنتاشها حزمة من سهام الأسئلة الباحثة عن توصيف لماهية (المدينة) هذه؛ ما إذا كانت تحديدًا جغرافيًّا، أم سلوكًا يعود إلى أفراد يستوطنون المدينة نفسها، ثمّ ما عساه يكون الفرق ما بين المدينة والقرية بالنّظر إلى الرواية كمنتج إنساني، وما الذي يجعل القرية -بوصفها المناظر العكسي للمدينة- عاجزة عن إنتاج الرواية.. مثل هذه التّساؤلات= الرّؤى من البدهي أن تكون حاضرة لو قرأنا عبارة لوكاتش بنصف عين، وغضضنا الطّرف عن الجزء الآخر منها، الذي لو اطّلعنا عليه، مستصحبين خلفية جورج الماركسيّة، لوجدنا أنّنا أمام توصيف قائم بشروط محدّدة، وسياقات مشروطة، ما يجعل من أمر مناقشتها موضوعًا قابلاً للحدوث وفق إطارٍ متزن نوعًا ما. فمن غير الخافي أنّ لوكاتش قد نظر فيما قدّمه الفيلسوف الألماني هيجل من تنظير سابق في مجال الرّواية، آخذين بعين الاعتبار أنّ هيجل نفسه يعتبر الرائد الأولى لنظريّة الرواية في الغرب من خلال رؤية فلسفيّة جماليّة مثاليّة مطلقة؛ فضلاً عن التّنظير الروائي بربط شكل الرواية ومضمونها بالتحوّلات التي عرفها المجتمع الأوربي في القرن التاسع عشر الميلادي. إنّ تنظير جورج لوكاتش للرواية جاء مستقيمًا -ومخالفًا في الوقت عينه لمنطقه المثالي- لكثير من تصوّرات أستاذه هيجل للفن الروائي، معتمدًا في تصوّراته على الماديّة الجدليّة الماركسيّة في فهم المجتمع الرأسمالي وتفسير تناقضاته، وإن ألحّ على غرار هيجل بكون وجود الرواية مرتبط بالانتقال من الإقطاعيّة التي طوّرت الفنّ الملحمي إلى الرأسمالي= البرجوازي التي أوجدت لها فنًا متميّزًا هو الفن الروائي، مستندين في هذا الزعم إلى كتاب لوكاتش «الرواية كملحمة برجوازية». فالمطّلع على هذا الكتاب يقبل -بصورة من صور القبول- ما استند عليه لوكاتش من منطلقات تستند رؤيته القائلة إنّ «الرواية ابنة المدينة»، حيث بدأت في الانطلاق من بُناتها كفنٍّ أدبي وتمّ توطينها على ذلك، حتى وإن انتقلت بداخلها التفاصيل من حيز إلى آخر (أي من نمط تصوير البرجوازييّن/ الرومانسيّة إلى البروليتاريين/ الواقعية)، وتجاوزت بمحتواها إلى خارج أسوار المدن التي تمخَّضت عنها، الأمر الذي نراه برمّته في أنّ المعني به هو أنّ الرواية أساسًا أُنجبت من أُمٍّ تدعى المدينة ممثَّلة في الطّبقة البرجوازيّة المستحدثة لهذا الفنّ الملتبس في كلّ منحىً به وحوله، بدءًا بتعريفه= مفهومه، وليس انتهاءً بقوانينه، أو هكذا ينبغي أن يكون. وهو أمر يحمل وجاهة إذا قرأناه بالفهم المتوارث والكامن في المصطلحين «المدينة= الحضارة، القرية= البداوة» على اعتبار أنّهما المظاهر المتمّمة لوجودهما على سطح الكون، في التَّفاعلات الحادثة بأي منهما، ففيما تنحو المدينة إلى جهة الحضارة والاستقرار، بينما تمور القرية في مدّ نمط البداوة على جسور تفاصيل الحياة القلقة التي تضج في جنباتها المتباينة إذا صحّت العبارة. على أنّ الصّورة التي نرسمها للمدينة والقرية على النَّحو المستند إلى تباين السّلوك الإنساني في كليهما، وأفضت إلى قبول مقولة لوكاتش آنفة الذّكر، تبدو في الوقت الحاضر موضع شكّ إن لم نقل منسوفة بالكليّة، فالشّاهد أنّ المسافة ما بين المدينة والقرية ما عادت بذات المسافة الشّاسعة التي كانت قديمًا. فالقرية -حاضرًا- انتهت إلى الذّوبان في المدينة إذا نظرت إلى تحضّر السّلوك البدوي، والمدينة اتّجهت صوب القرية إذا يممت إلى ما يحدث ما يمكن تسميته بـ»أريفة المدن». وعلى هذا؛ فإنّ الحدّ الذي كان قائمًا على نحو يشكّل تمايزًا لا لبس فيه أصبح واهيًا وساقطًا ومتماهيًا في الآن، بحيث يصعب التّفريق بينهما.. وعلى هذا الأساس فمن المهم أن نضع مقولة لوكاتش في سياقها الذي نُحتت فيه وجادت به، ولا نستدعيها كما لو كانت نصًّا مقدسًا قابلاً لعبور الزَّمن والحضور بذات طاقته التَّوصيفيّة في المشهد الآني، فليست «الرواية ابنة المدينة» اليوم، لا على المستوى الجغرافي، ولا على مستوى انتماء الشُّخوص المنتمية لها، أو حتى على مستوى الأفكار المعبِّرة عنها، والمناقشة لها. إنّ الصّورة ربّما تبدو أكثر وضوحًا إذا نظرنا إلى أنّ «الرواية ملحمة ذاتية يتخذ فيها المؤلف حرية تصوير العالم على طريقته. وكل ما في الأمر أن نعرف هل له طريقة خاصة به. أما ما تبقى فيمضي دائمًا من تلقاء نفسه»(1). ولعلّ من المناسب استجلاء القرية في المشهد الروائي العربي والمحلي، لنضمن نوعًا ما بطلان مقولة لوكاتش إذا أخرجناها من سياقها الذي قيلت فيه؛ وهذا هو فحوى مقال الأسبوع المقبل -بمشيئة الله-. ... ... ... ... ... (1) ر.م. البيريس، تاريخ الرواية الحديثة، ط2، ترجمة جورج سالم، (دار عويدات: بيروت، 1982م)، ص:468. ** **
|
المشاركة رقم: 2
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
رد: ابنة المدينة 1-2
ابنة المدينة 2-2
https://www.al-jazirah.com/2021/20211231/cm12.htm عودًا إلى استجلاء حضور القرية في المشهد الروائي العربي بنظرة مغايرة؛ تفنيداً لمقولة لوكاتش = «الرواية ابنة المدينة»، وعدم صلاحيتها في كل حال. فهل نبالغ إذا قرّرنا ابتداءً حين القول إنّ الرواية العربية انطلقت من القرية أو الرّيف مع أوّل تجربة يصحّ أنْ تُسمّى فنية وأعني بها (زينب) لهيكل؛ بل يمكننا إذا أردنا المبالغة بالقول إنّ حضور القرية في المشهد القصصي العربي بدأ منذ عام 1881م مع قصص عبد الله النديم كمحاولة «لتصوير الفلاحين المنهكين»(1)، و»رواية (الفتى الريفي) لمحمد خيرت الصادرة سنة 1905م»(2). تلك إذن بدايات؛ ثمّ يأتي توفيق الحكيم بـ (يوميات نائب في الأرياف- 1937)، حينما قدم الكثير من الصّور النّابضة عن حياة الفلاحين، وما يعتورهم من تخلّف وظلم؛ فضلاً عن حاجاتهم الملحّة إلى التّعليم (3)، وهذا طه حسين في (المعذبون في الأرض-1939)، إذ «نلتقي لوحات قصصية تذكرنا على الفور بلوحات الحكيم في يوميات نائب في الأرياف، لكن لوحات طه حسين تقنعنا بدعوته إلى العدل يعكس الحكيم الذي كان يحلم فقط بتعديل القانون المستورد»(4)، وفي رواية (الأرض-1950) يعلن عبد الرحمن الشرقاوي حب الفلاح لأرضه ودفاعه عنها، حيث انتقل بالأرض إلى مرحلة عميقة ومهمّة في تأريخ الكتابة عن الريف والأرض والفلاح(5)، ويذهب الروائي الطّاهر وطار بقوله: «لقد عبر الأدب الجزائري قصة ورواية عن الحرب التحريرية أحسن تعبير في عالم واحد هو عالم الريف، حتى لكأن الريف وحده هو الذي خاض الثورة، ولأن المدينة ظلت طوال تلكم الفترة نائمة لا تحيي سلباً ولا إيجاباً، وقد ظل هذا نقطة ضعف أدبنا» (6). ثمّ تترا الروايات حول القرية فكانت (ضجة في القرية) لشفيق الفقيه، و(من البادية إلى القرية) لعمر عناني، و(اعترافات سيّد القرية) لمحمد جبريل، و(أيام القرية) لماجد ذيب، و(شقراء الريف)، لعبد العزيز بن عبد الله، و(فتاة الريف) لعبد الله حلمي إبراهيم. وعطفاً على تلك الأمثلة المبتسرة استطاع الكاتب العربي- ربّما أكثر من آداب أخرى كثيرة- أن يتّخذ الريف بيئة تتجاوز المألوف من نظرة رومانسيّة إلى واقعيّة، إلى رؤية فلسفيّة (7). ومِن الإنصاف وتحري الموضوعيّة أن نشير إلى بعض الروايات التي تتداعى فيها مقولة لوكاتش، كرواية (أبواب المدينة) لإلياس خوري، و(أحداث مدينة على الشاطئ) لمحمد حسن الحربي، و(الأرواح تسكن المدينة) لأنور الخطيب، و(اغتيال مدينة صامتة) لحمدي البطران، و(شاب من المدينة) لعبد الله عيسى؛ بل نجد روايات حملت أسماء مدن بعينها، كرواية (القاهرة الجديدة) لنجيب محفوظ، و(صنعاء مدينة مفتوحة) لمحمد عبد الولي، و(القاهرة 51) لأمين الريّان، و(من مكة إلى هنا) للصادق رجب النيهوم؛ وغيرها ممّا لا يحصيه القول ولا يستوعبه المكان. أمّا إذا أزحنا السّتار، ونقلنا البصر صوب المشهد المحلي = السعودي، فأوّل ما يطالعنا كتاب (رجع البصر) حيث يمضي صاحبه النَّاقد الدكتور حسن النعمي في حديث مغاير لما قاله به لوكاتش، وهو يستنطق بعض سمات التّجربة الروائية المحلية فيما أسماه «روائيون برسم القرية»(8)، طارحًا عدّة تساؤلات تستبصر تلك المقولة، هكذا: هل مقولة الرواية ابنة المدينة لجورج لوكاتش تنطبق على الرواية المحلية من حيث المفهوم ومن حيث الإنتاج؟ وهل ثقافة المكان شرط في إنتاج الرواية؟ لم تكن تلك الأسئلة المطروح لتتبدّى ظاهرة لو لم يكن هناك اشتغال فكري وهم سردي يحمله النعمي، مع تفهمه لمفهوم المدينة، وبخط فاصل يتضح به الاسم والمعنى، إلاَّ أن الإجابة واضحة لا لبس فيها، حيث تسقط مقولة لوكاتش من حسبان المتابع الجيّد للمشهد الرّوائي المحلي على أقلّ تقدير، فهناك مفارقة أسماها صاحب (رجع البصر) بالصّارخة، يلحظها من يتأمّل المشهد الروائي المحلي، وهي أنّ جلّ من يكتب الرواية المحلية هم ابتداءً من أبناء القرية، الذين يعيشون بوجدان القرية في المدينة. إنَّهم سدنة لقراهم؛ بل روائيون برسم القرية، ورسم القرية يعكس مدى هشاشة تلك المقولة التي احتفل بها بعض النقاد قبل أن يحتفي بها جورج لوكاتش (9). أمّا تفسير ذلك -حسب النعمي- فالأمر له علاقة بمفهوم المدينة لدينا، فأغلب مدننا مدن تريّفت، وبهذا أصبحت المدينة مدينة في شكلها الخارجي، ولكنها ظلت مسكونة بالقرية في كل مناحيها، مع ملاحظة استثنائه لبعض المدن كمكة وجدة بحكم تنوعها السكاني والثقافي بسبب وجود الحرمين ووجود ثقافة التجارة والبحر من حولها، فإننا لا نكاد نجد شكلا للمدينة بمعناها الثقافي والاجتماعي، وليس المادي في بقية مناطق المملكة، وعليه فإننا لا نستغرب أن يكون معظم من يكتب الرواية لدينا من أمثال إبراهيم الناصر، وعبدالعزيز مشري، وأحمد الدويحي، وعبده خال، وإبراهيم شحبي، وعبدالحفيظ الشمري، ونورة الغامدي، وغيرهم يكتبون عن القرية أكثر مما يكتبون عن عالم المدينة الذي يعيشون فيه (10). وتأكيدًا لذلك؛ «فمعظم رواياتهم تعبر عن القرية أو عن صراع القرية مع المدينة سواء على مستوى القيم أو على مستوى التحولات الاجتماعية، حيث يكون الانتصار غالباً لثقافة القرية على حساب المدينة، فهم يعيشون في المدن ويدينونها. ولعل المتأمل في روايات عبدالعزيز مشري على وجه الخصوص يلحظ بوضوح نستالجيا أو حنيناً مفرطاً لعالم القرية المثالي الذي يصارع من أجل البقاء، إما خوفاً من طوفان التمدن كما في رواية الوسمية أو ريح الكادي، أو عدم القدرة على التعايش عند إبراهيم الناصر في رعشة الظل، أو لدى إبراهيم شحبي في أنثى تشطر القبيلة، أو عودة للجذور عند أحمد أبو دهمان في الحزام، السيرة/ الرواية، الذي عندما فكر أن يكتب لم يكتب عن باريس، المدينة التي يعيش فيها، بل كتب عن قرية من قرى بني شهر»(11). ومع ذلك؛ لا يمكن إلغاء مقولة لوكاتش من خارطة الصواب؛ ولكنها لا تستقيم حال عرضها على الأفهام، واستقصاء المسرود في عالم الرواية كما هو الحال في تلك الأسطر السّابقة، ولا أظن النعمي إلا من أنصار الموضوعية في ضوء الدليل واستحضار النماذج، هنا يأتي السؤال من فم النعمي: «هل المدينة غائبة عن كتابات الروائيين؟» (12). وتأتي الإجابة:» تقتضي الموضوعية أن نشير مرة أخرى إلى أن روح المدينة كما نلاحظها في مكة مثلاً قد أفرزت كتابات روائية نستطيع أن نلامس فيها إلى حد ما مقولة لوكاتش الذي يعتبر أن الرواية ابنة المدينة كرواية الحفائر تتنفس، لعبدالله التعزي، وتجربة محمود تراوري في ميمونة، وروايات رجاء عالم سواء خاتم أو سيدي وحدانة (13). ... ... ... ... ... الهوامش: (1) حسن محسب، قضية الفلاح في القصة المصرية، (المكتبة الثقافية: القاهرة، 1971م)، ص:5. (2) محمد كامل الخطيب، نظرية الرواية، (منشورات وزارة الثقافة: دمشق، 1990م)، ص:19. (3) انظر: قضية الفلاح في القصة المصرية، مرجع سابق، ص:61. (4) انظر: المرجع السابق، ص:74. (5) عبد الرحمان الشرقاوي، الأرض، ط3، (دار الكتاب العربي: القاهرة، 1968م)، ص: 317. (6) عثمان عبد الفتاح، الرواية العربية الجزائرية، (الهيئة العربية العامة للكتاب: القاهرة، 1993م)، ص:86. (7) انظر: د. محمد حسن عبدالله، الريف في الرواية العربية، عالم المعرفة، ع143، نوفمبر، 1989م، ص:7. (8) انظر: د. حسن النعمي، رجع البصر، «قراءات في الرواية السعودية»، (النادي الأدبي الثقافي بجدة، جدة، 2004م)، ص:18. (9) انظر: المرجع السابق، ص: 19. (10) المرجع السابق، ص:20. (11) المرجع السابق، ص:20- 21. (12) المرجع السابق، ص: 21. (13) المرجع السابق، ذات الصفحة. ** ** - د. ساري بن محمد الزهراني
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
فني أسنان عاطل يحشو تشققات طريق المدينة .. مهدالذهب | سمرقندي | سواليف عـــامة | 8 | 26 / 12 / 2011 40 : 07 PM |